التدقيق في حظوظ المرشّحين لمنصب نقيب المحامين في بيروت خلفاً لمحلم خلف، وفي مَن سيتمكّن من الوصول إلى الدورة الثانية الأحد المقبل، يُظهر أنّ ناضر كسبار هو من بين هؤلاء، وهو ذو الخبرة الطويلة في العمل النقابي، ولو أنّه يوصف بـ”الشعبيّ” لأنّه يعرف معظم المحامين. لكنّه لا يشبه في “بروفيله القانوني” منافسه ألكسندر نجار الذي يتحمّس له أصحاب المكاتب الكبيرة، وهو يعمل على تجميع ما تبقّى من قوى 14 آذار مع بعض مجموعات الحراك المدني الأقرب إلى هذا الفريق.. فيما خصومه يروجون أنّ هناك شكوى بحقّه بسبب خلاف على إرث لسيدة مسلمة وهبته لجهة دينيّة مسيحيّة وهي في الثمانينات من عمرها مما دعا أهلها إلى التقدّم بدعوى شملت نجار.
في المقابل يخوض عبدو لحود المعركة تحت عباءة “الاستقلاليّة”، لكنّ المحامين يجزمون أنّ القوات هي التي رشّحته وستقدّم له الدعم كما جرت العادة حين كان يترشّح للعضويّة، وذلك على عكس فادي بركات العوني الذي لا يزال حتى اللحظة في خضمّ المعركة ولو أنّ “التيار الوطني الحر” أعلن أنّه لن يكون له أيّ مرشّح في الانتخابات، ولذلك قد يُضطرّ بركات إلى سحب ترشيحه ما دام لن يحصل على دعم العونيين، أو إلى خوض المنافسة من دونهم، وهو احتمال صعب.
لطالما كانت نقابة محامي العاصمة أشبه بمرآة للطبقة الوسطى من المجتمع اللبناني، ولطالما كان استحقاقها الأساسي، لاختيار النقيب، بوصلة التوجّه السياسي لدى البيئة المسيحية
بالتوازي، عادة ما تُرصَد توجّهات نقيب المحامين في كلّ استحقاق، وعادة ما يحسم النقباء السابقون قرارهم في اللحظات الأخيرة لمصلحة مَن يرونه الأقرب إلى الفوز. هذه المرّة، يتحدّث المحامون عن أنّ النقيب الحالي ملحم خلف وعد مرشّحيْن اثنين بدعمهما: موسى خوري ورمزي هيكل، الذي لا يتردّد في إبلاغ رفاقه علناً أنّ النقيب في صفّه، فيما يصفه خصومه بأنّه “محامي المصارف”، ويجزم المتابعون أنّ النقيب الحالي يعمل لمصلحة موسى خوري المدعوم من مجموعة “مواطنون ومواطنات في دولة” التي تحاول تكرار تجربة نقابة المهندسين من خلال مواجهة مباشرة تحت عنوان “التغيير” و”الانقضاض على المنظومة الحاكمة”.
بالنتيجة، قد يجتاز المرحلة الأولى كلّ من كسبار، نجار، خوري، ولحود. وعلى أساسها يقرّر “المتردّدون” مرشّحهم. ومعظم القوى السياسية تُعتبر من “المتردّدين” إلى الآن، ومنها “التيار الوطني الحر” والثنائي الشيعي، ولو أنّ حركة “أمل” منخرطة في معركة انتخابات تسعة أعضاء لمجلس النقابة. تلك المعركة التي تنخرط فيها الأحزاب، بانتظار النتائج التي ستفضي إليها الدورة الثانية من الانتخابات لتحسم خيارها في ما خصّ هويّة النقيب الجديد. و”تيار المستقبل” يُشاع أنّ مفاتيحه من المحامين غير متّفقين في الرأي، فمنهم مَن يؤيّد كسبار الذي تربطه علاقة قربى بالوزير السابق غطاس خوري، فيما أحد مسؤولي “المستقبل” يعمل لمصلحة لحود، وآخر يدعم نجار.
الملاحظ على هامش الاستعدادات والحملات الانتخابية، وبعضها لا يزال يتّكل على “العشاوات” و”الغداوات” في زمن الإفلاس، هو التراشق ما دون المستوى بين المرشّحين عبر وسائل التواصل الاجتماعي و”غروبات” المحامين عبر “الواتساب”. أمّا الملاحظة الثانية فتتجلّى في حالة “القرف” التي يشكو منها الكثير من المحامين، والتي تنعكس لامبالاةً إزاء استحقاقهم.
النتائج مؤّشر سياسي؟
لطالما كانت نقابة محامي العاصمة أشبه بمرآة للطبقة الوسطى من المجتمع اللبناني، ولطالما كان استحقاقها الأساسي، لاختيار النقيب، بوصلة التوجّه السياسي لدى البيئة المسيحية، وتعبّر عن خياراتها، خصوصاً حين تجمع المنافسة الخصوم المسيحيين من ألوان سياسية مختلفة. ولو أنّ المحامين لا يتحمّسون كثيراً لتجيير نقابتهم لمصالح القوى السياسية والحزبية، وعادة ما يتمّ اختيار مستقلّين لهذا المنصب، وقد يكونون مدعومين بطبيعة الحال من بعض الأحزاب.
إقرأ أيضاً: انتخابات 2022 استنساخ لانتخابات 2018
يبدو أنّ هذه الظاهرة تتكرّس أكثر مع تراجع حضور الأحزاب في النقابات وفي الشارع، فقرّرت القوى السياسية الاحتماء خلف الوجوه المستقلّة، وترك أوراقها الانتخابية مستورة حتى اللحظات الأخيرة قبل أن تقرّر مَن تدعم، خصوصاً لمركز النقيب. في المقابل، لم تتمكّن مجموعات “الانتفاضة” من التجمّع حول مرشّح واحد أسوة بما فعلته في نقابة المهندسين لخوض معركة متكافئة، وتوزّعت مجموعاتها بين أكثر من مرشّح على نحو قد يشرذم أصواتها.
*بيان ردّ
المحامي ألكسندر نجار وفي بيان رد صادر عنه أشار إلى أنّ ما يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي وعبر تطبيق الواتساب حول الشكوى بحقه لدى نقابة المحامين لا أساس لها من الصحة.