تتضارب آراء وتحليلات المراقبين حول سؤال جوهري هذه الأيام: هل لدى الشيخ نعيم قاسم تلفزيون؟ بعض هؤلاء يقول: “نعم لديه”، فيما البعض الآخر يرجّح أن تكون البطاريات الخاصة بالـRemote control فارغةً، وهذا يحصر خيارات سماحته بمشاهدة قناة “المنار” فقط، فلا يستطيع أن يرى ماذا يدور في لبنان، ومِن حوله في مناطق نفوذ “المقاومة” في الضاحية الجنوبية لبيروت.
في نظر سماحة نائب الأمين العام، فإنّ لبنان “صاحب سمعة” (ونِعم السمعة) حول العالم، وذلك بسبب “المقاومة والانتصارات” التي حقّقتها، ويعتبر سماحته أنّ ذلك هو لبنان الذي نريده (هو يريده مش أنا)، “مَن أراد التحق به ومَن لم يُرِد… فليبحث عن حلّ آخر وأنتم لا تشبهون لبنان. نحن الذين نشبهه!”.
نعم أيّها اللبنانيون، لبنان الذي يريده نائب الأمين العام لـ”حزب الله” ويشبهه، هو لبنان ذو الليرة المنهارة الفاقدة لقدرتها الشرائية ولقيمتها بما يتخطّى الـ1000 في المئة، فيما الحدّ الأدنى لأجور مواطنيه لا يتعدّى 25 دولاراً أميركياً (دولار الشيطان الأكبر).
لعلّ الانتحار هو صنف الحلول التي قصدها الشيخ نعيم قاسم حينما قال “مَن لم يرد فليبحث عن حلّ آخر”… ما دام “خوض البحر معك” صوب أوروبا ما عاد أمراً ممكناً، ولا حتى الفرار عبر الأسلاك الشائكة صوب الأراضي المحتلّة
“لبنان نعيم قاسم” هو لبنان ذو القطاع الطبيّ الأعرج الذي لا أمصال في مستشفياته ولا مسكّنات، وعلى الرغم من ذلك لا يستطيع مواطنوه دخول المستشفيات، وباتوا يقفزون عن مواعيد الدواء بمعدّل “حبّة إيه، حبّة لأ” لأنّه غير متوافر، وأسعاره تحلّق على سعر السوق السوداء.
أمّا قطاع التعليم في “لبنان نعيم قاسم”، فمعطّل ومشلول. مُضرب منذ بداية العام الدراسي، وطلاب جامعاته الرسمية لم يحضروا محاضرة واحدة.
في “لبنان الانتصارات والمقاومة”، المواطنون يشتهون اللحم، والأطفال حُرموا من السكاكر والشوكولاتة، والرجال عاطلون عن العمل ومفلسون. الكهول والعجّز يخافون المرض لأنّه موت محتّم، وأمّا النساء فيخجلن بدوراتهنّ الشهرية بسبب ارتفاع أسعار الفوط الصحية.
في “لبنان الانتصارات والمقاومة” الشركات أفلست وصرفت موظّفيها، والمزارعون سُدّت سبل التصدير بوجههم بسبب المخدّرات وعبد الله الحوثي. أمّا المصارف فهي الأخرى لا تستطيع أن تقنع عميلاً من عملائها بأن يُبقي دولاراً واحداً في حسابه (الله لا يردّ المصارف الربوية وأهلها… لدينا جمعية القرض الحسن)، وتسمع التهديدات الأميركية عبر تطبيق “زوم” حتى تبتعد عن “المقاومة” نفسها صاحبة الانتصارات، ويا للمفارقة!!
في “لبنان الانتصارات والمقاومة” هناك حالة انتحار كلّ 48 ساعة (صحيفة “الأخبار” المحسوبة على خطّكم السياسي قالت ذلك قبل أيام)، وآخر حالة انتحار كانت في مدينة صور، أي في عقر دار المقاومة لشابّ بعمر الورد، رمى نفسه من الطبقة السابعة بعدما كتب رسالة لوالده العجوز قال له فيها: “سامحني يا بيّي بس أني بدّي إرتاح… الموت مرّة وحدة أحسن من الموت كلّ العمر”.
إقرأ أيضاً: الرئيس عون بخيالِه الواسع!
لعلّ الانتحار هو صنف الحلول التي قصدها الشيخ نعيم قاسم حينما قال “مَن لم يرد فليبحث عن حلّ آخر”… ما دام “خوض البحر معك” صوب أوروبا ما عاد أمراً ممكناً، ولا حتى الفرار عبر الأسلاك الشائكة صوب الأراضي المحتلّة.
ربّما سماحته لا يملك الإجابة الشافية عن حلّ أفضل آخر، ولهذا تراجع عن نظرية “لبنان الانتصارات والمقاومة” في اليوم التالي، فاستدرك وأصدر بياناً توضيحياً وتراجعياً، عاد من خلاله إلى معادلة “لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه”.
ثمّ بعد صدور البيان الثاني، رجّح مراقبون بأن يكون سماحته قد بدّل بطاريات الـRemote control!
*هذا المقال من نسج خيال الكاتب