عكار والحزب: بازار المازوت الإيراني..

مدة القراءة 4 د

ماذا يحصل بين عكار وحزب الله؟ وما قصة المازوت الذي لم يسلّمه الحزب للقرى والبلدات العكارية؟ أسئلة تطرح نفسها مع الاحتجاجات والشكاوى العكّارية التي نشأت إثر تراجع الحزب عن تسليم كميّات من المازوت مدفوعة الثمن سلفاً بسبب تسارع انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار.

روى رئيس بلدية القرقف الشيخ يحيى الرفاعي لـ”أساس” تفاصيل ما حدث فقال: “تسلّمنا الدفعة الأولى من المازوت بتاريخ 24-9-2021 بالسعر المحدّد، إلاّ أنّنا فوجئنا بأنّ الشركة التي تقوم بتسليم مادة المازوت في المنطقة هي شركة عثمان للمحروقات. وعند تسلّمنا الدفعة الأولى تبيّن أنّ الكميّة المسلّمة تقلّ عن الكمية المدفوع ثمنها بنسبة 50 ليتراً في كل 1000 لتر، إلاّ أنّه لم تتمّ معالجة الموضوع، وأخذت الأمور تزداد سوءاً (إرسال شركة الأمانة الكثير من الرسائل، بطء في التسليم، عدم تسليم كميات المازوت للبلديات بالسعر المدفوع في حينه..). وقد قامت البلديات بدفع ثمن المازوت قبل 50 يوماً، ولم تسلّم شركة الأمانة الكميات المطلوبة في ختام هذه المدّة. ثمّ فوجئت البلديات باتصال من “الأمانة” يطلب منها تسلّم المبلغ المدفوع بذريعة أنّه ليس بإمكان الشركة تسليم مادة المازوت، في الوقت الذي تعلن فيه عن مرحلة جديدة من التوزيع للتدفئة”.

ما جرى في الضاحية والجنوب وعكار بسبب المازوت الإيراني هو تعثّر على عدّة مستويات بالنسبة إلى الحزب. ومن المؤكّد أنّ الخلاصة يجب أن تكون أن لا أحد قادر على أن يحلّ مكان الدولة

وختم الرفاعي بالقول: “لدى مراجعتنا للشركة في بيروت، استقبلنا شاب في العشرينيات من العمر، لا يفقه في الأدبيات، ولا يعرف مقامات الناس وطريقة التعامل معهم، وتصرّف معنا بطريقة غير لائقة”.

وخلاصة القول أنّ “مافيا شركات المحروقات لا أمانة لديهم ولا صدق ولا شفافية (ومن بينهم شركة عثمان وشركة الأمانة). وهم يستغلّون الأزمة التي تمرّ بها البلاد من أجل زيادة أرباحهم،  وتحت شعارات لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة”.

خلاصة الموقف أنّ “حزب الله” تسلّم أموالاً من بلدياتٍ في عكار اشترت منه المازوت بالليرة اللبنانية عندما كان سعر الدولار يساوي 15,600 ليرة، ثمّ أعاد إليها المبالغ رافضاً تسليم المازوت بعد 50 يوماً بعدما وصل سعر الدولار إلى 25,000 ليرة، وبذلك تكون البلديات قد خسرت 60% من قيمة أموالها لمصلحة الحزب.

من جهته، أبدى الناشط السياسي الدكتور محمد بدرة أسفه لانزلاق رؤساء البلديات نحو فخّ المازوت الإيراني بذرائع تتجاهل الحقائق المبدئية التي يجب أن تحكم العلاقة بـ”حزب الله”، مؤكّداً أنّ “المشكلة سببها المتساهلون ومروّجو الانهزام الذين يسهّلون وصوله إلى المنازل”، والذين “لا يقيمون أيّ اعتبار للدّم الذي سفك ولا للعرض الذي انتُهِك ولا للحواضر التي أُبيدت في سوريا والعراق واليمن”، معتبراً أنّ “المازوت المقدّم من الحزب مادة مسروقة لا يجوز شراؤها، خاصةّ أنّنا نعلم جيداً أنّ ثمنه سيغطّي نفقات ميليشيات القتل والتنكيل بأبناء جلدتنا، وسيسهم في توفير التمويل لجماعات القتل والسيولة لأنشطتها الإرهابية”.

ورفض بدرة في حديث لـ”أساس” مقولة أنّ المازوت الإيراني فيه توفير 30$  لكلّ برميل، مستدلّاً على كلامه بالخسارة التي لحقت بالبلديات، لافتاً إلى “تقصير أصحاب المسؤولية في عكار الذين باستطاعتهم توفير ما يلزم من مازوت، لكنّهم يلتفتون إلى مسائل لا تُعتبر من الأولويّات في هذه الأزمة الخانقة”، مشيراً إلى أنّه “في  إحدى البلديات العكارية بادر ميسورون إلى جمع 450 ألف دولار لشراء أرض وتخصيصها مقبرةً للمنطقة على الرغم من عدم الحاجة الماسة إليها، لكنّهم لم يعملوا على توفير ما لا يزيد على 15 ألف دولار (أي حوالي 3% من ثمن عقار المقبرة).

إقرأ أيضاً: المازوت الإيراني: لماذا وافق الحزب على رفع الدعم؟

ما جرى في الضاحية والجنوب وعكار بسبب المازوت الإيراني هو تعثّر على عدّة مستويات بالنسبة إلى الحزب. ومن المؤكّد أنّ الخلاصة يجب أن تكون أن لا أحد قادر على أن يحلّ مكان الدولة.

*مرفق نماذج من سندات الدفع للبلديات العكارية لدى مؤسسة القرض الحسن

مواضيع ذات صلة

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…