عُقِدت ندوة منذ وقت قريب عن إمكانيّة التوصّل إلى سلام في اليمن وإنهاء الحرب التي استمرّت ما يزيد على ستّ سنوات. وقد انقسم النقاش إلى محاور عديدة تتعلّق بممكّنات صنع السلام في ذلك البلد الذي لم يشهد حالة استقرار لفترة غير قصيرة.
وقد جرى تقويم لإشكاليّة توسيع المشاركة في عملية السلام، وإدخال عناصر فاعلة تستطيع أن تخلق ظروفاً مواتيةً لصنع سلام حقيقي بين الفرقاء اليمنيّين، إضافة إلى الدول ذات الاهتمام بهذه المشكلة. وناقشت الجلسة ما وصلت إليه العملية السلميّة، وإمكانيّة توسيع مشاركة أطراف أخرى فيها وتفعيل المخرجات. وتطرّقت إلى مساهمة الأطراف الإقليميّة في التوصّل إلى آليّة أو صيغة مقبولة لإحلال السلام، وإلى مشكلة تفكّك اليمن التي تعوق التوصّل إلى حلّ دائم فيه، حيث إنّ الحوثي يطمع في نصيب الأسد في الحكم ولا يمكن أن يقبل بأقلّ من ذلك. وهذا الموقف لا يمكن أن يكون أساساً لأيّ مفاوضات.
يبدو أنّ آفاق الحلّ السلميّ في اليمن لا تبشّر بالخير. ولا يمكن للحوثي المُنتشي بانتصاراته، التي يحقّقها على الأرض، أن يقدّم تنازلات. ويكمن الحلّ في ترسيم خطّ هدنة بين الفرقاء، كما حدث في الحرب الكورية في الخمسينيات من القرن المنصرم
وتواصل النقاش في أفكار جديدة لخارطة طريق محتملة للسلام. إذ رأى البعض أنّ المشكلة تكمن في وجهات النظر المختلفة حول السلام. فهناك عدة نسخ للسلام، وليس من توافق على صيغة معيّنة. وعلى ما يبدو، تجري مفاوضات في سلطنة عمان بين أطراف الصراع. إلا أنّ الحوثيين يرون أنفسهم دولةً وليس حركة، ولذا لا يرغبون في العودة إلى كونهم فصيلاً واحداً من ضمن عدّة فصائل أخرى. ولعلّ الحوثي يرى في السلام خسارة لِما حقّقه من تقدّم وسيطرة على الأرض.
ومن ضمن الإمكانيّات، التي قد توصل إلى حلّ سلميّ، وقف إطلاق النار وتجميد الواقع القائم، والبدء بإحداث تغيير في الوضع الإنساني ومعالجة القضايا الاقتصادية والمالية والاجتماعية. وبإمكان دول مجلس التعاون الخليجي أن تُحدِث الفارق في هذا المجال.
ودار نقاش حول فهم “المجلس الانتقالي الجنوبي” والمقاومة الوطنية، اللذين يُعدّان من أهمّ اللاعبين في اليمن. فهناك فاعلان رئيسيان في المقاومة الوطنية هما “المجلس الانتقالي الجنوبي” الذي لا يرى حلّاً في استمرار الوحدة مع الشمال، ويسعى إلى الانفصال، والمقاومة الوطنية في الساحل الغربي بقيادة العميد طارق محمد عبد الله صالح عفاش، ابن أخ الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وليس من توافق على أجندة واحدة بين الأطراف، وخاصة بين الانتقالي والحكومة المعترف بها دوليّاً.
أمّا جماعة أنصار الله (الحوثي) فما انفكّت تضع العصيّ في دولاب العملية السلمية التي تراوح مكانها. إذ قدَّم متحدّث من اليمن وجهة نظره في ماهيّة حركة أنصار الله. فرأى أنّها لا تمثّل انقلاباً على السلطة، بالمعنى التقليدي للمصطلح، فحسب، بل أصبحت حالة تحوّل اجتماعي مذهبي وسياسي وتربوي من خلال مناهج الدراسة. وتطرح الحركة مطالب تعجيزية للوصول إلى حلّ سلميّ. إذ تطالب بعدم رهن القضايا الإنسانية بالقضايا العسكرية والسياسية، وبخروج كلّ القوى الأجنبية من البلاد، وبأن تتحمّل دول التحالف مسؤوليّتها القانونية وتنهي الحصار على اليمن.
ويطلب الحوثي إعادة صياغة القرار الأمميّ 2216، ورفع اليمن من بند الفصل السابع من أجل بناء الثقة. وما قد يُطلَب من الحوثي لا بدّ أن تقابله مطالب للحوثيّين. وإذا ما توصّلت الأطراف إلى بناء الثقة فسيكون مجال للحلول السياسية التي تتضمّن توسيع المشاركة بالمعنى الشامل، وسيكون بالإمكان معالجة الفيدرالية وقضية الجنوب.
إقرأ أيضاً: السّعوديّة تُطوِّع بايدن: اليمن أوّلاً
يبدو أنّ آفاق الحلّ السلميّ في اليمن لا تبشّر بالخير. ولا يمكن للحوثي المُنتشي بانتصاراته، التي يحقّقها على الأرض، أن يقدّم تنازلات. ويكمن الحلّ في ترسيم خطّ هدنة بين الفرقاء، كما حدث في الحرب الكورية في الخمسينيات من القرن المنصرم. وإذا ما رُسِّم الخط فسيستطيع المجتمع الدولي أن يضع نقاط مراقبة لتنفيذ وقف إطلاق النار، ريثما يتوصّل اليمنيون إلى حلول سياسية بإشراف دولي.