هل كان الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي بحاجة إلى الإحراج ثمّ الإخراج من القصر الجمهوري بعدما رفض الرئيس ميشال عون مقاربته لتشكيل حكومة؟ أم كان عليه أن يعلم سلفاً مصيره الحكومي مع رئيس للجمهورية قرّر إنهاء اتفاق الطائف، ونسف الدستور مع نهاية عهده، وإسقاط الجمهورية الثانية؟ وهل انطلت على ميقاتي و”نادي الغولف” خديعة تسميته من قبل حزب الله والإيحاء بالتأييد له لتشكيل حكومة؟
ربّما يحاول الرؤساء السابقون، الذين لا يبدو أنّه سيكون منهم رئيس مكتمل الصفات الدستورية، أن يؤخِّروا لحظة إعلان الحقيقة، وليس لحظة الانهيار، لأنّها ستضعهم أمام الواقع المباشر الذي لا فرار منه: عليهم أن يواجهوا حقيقة المسار الذي يأخذ العهد البلد إليه.
يتصرّف عون وباسيل على أساس أنّ العهد انتهى، وأن لا جدوى من تشكيل حكومة لن يستفيد منها الصهر في شيء، ما دام يمسك بزمام القرار من خلال المجلس الأعلى للدفاع. وبعد الانتخابات لن يغادر ميشال عون القصر، وسيبقى عاماً إضافياً بدون أن يكون لأحد القدرة على إخراجه
ماذا يفعل مَن زعموا أنّهم قبلوا رئاسة الحكومة على سبيل التضحية بأنفسهم من أجل لبنان، كما قال سعد الحريري، أو من أجل الحدّ من الانهيار، كما دأب ميقاتي على الترداد في تصريحاته؟ وهل ينخرطون في مواجهة هذا المسار أم يواصلون أخذ أدوار اللاعبين على مسرحه الذي يديره حلف تفاهم مار مخايل؟
لعلّ التعبير الأكثر قرباً من الحقيقة هو ما كشفه النائب فريد هيكل الخازن الذي قال: “هناك نيّة للعودة إلى الـ1988، وما أخطر تلك الأيام”، “نحن أمام رئيس جمهورية لديه مشكل مع الطائفة السنّية، وهذا يؤدّي إلى ضرب النظام السياسي في البلد”، وفي حال “لم يتمكّن ميقاتي من تأليف حكومة، فإنّ استقالة بعض نواب التيار الوطني الحر تُهَيّأ، وهذا يعني نسف السلطة التنفيذية بعد نسف السلطة التشريعية”.
وأكّد الخازن أنّ “رئيس الجمهورية لا يريد حكومة، وإذا أرادها يريدها واضعاً يده عليها. فالرئيس عون بالأداء وبالمواقف السياسية يريد الداخلية والثلث المعطِّل. نحن نتّجه، إذا لم تتشكّل الحكومة، إلى تطيير الانتخابات النيابية. فمَن يدّعي أنّه يحافظ على حقوق المسيحيين، لماذا لم يوقّع مرسوم إجراء الانتخابات الفرعية إثر وفاة عدد من النواب المسيحيين؟”.
لنفهم ما يجري، علينا أن نسمع ما كشفه لـ”أساس” مصدر متعمّق في الشأن المسيحي، ومطّلع على التصوّرات التي يطرحها النائب جبران باسيل أمام المقرّبين منه. وهي أنّ “مجموعة القرار” في القصر الجمهوري وميرنا الشالوحي، تشيع أنّها لن تخرج من الحكم، وستزيل اتفاق الطائف والدستور المنبثق عنه من خلال فرض الأمر الواقع بتشكيل حكومة مناقضة كليّاً للقواعد الدستورية، تكون فيها السيطرة المطلقة لرئيس الجمهورية، وتكرّس الحكم الرئاسي من دون مؤتمر تأسيسي.
لعلّ التعبير الأكثر قرباً من الحقيقة هو ما كشفه النائب فريد هيكل الخازن الذي قال: “هناك نيّة للعودة إلى الـ1988، وما أخطر تلك الأيام”، “نحن أمام رئيس جمهورية لديه مشكل مع الطائفة السنّية، وهذا يؤدّي إلى ضرب النظام السياسي في البلد”
يضع عون وباسيل احتمال انفراط عقد البرلمان لأيّ سبب من الأسباب، ومنها ما أشار إليه النائب الخازن، ويعتبران أنّ الأمر سيحتاج إلى أشهر لتنظيم انتخابات نيابية جديدة، سيبقى خلالها عون في القصر الجمهوري، وسيخوض التيار الوطني الحر الانتخابات، وسيتمكّن باسيل من الحصول على العدد نفسه من نوابه الحاليين، على أساس أنّ هناك كتلة ثابتة تصوّت لباسيل، عددها 300 ألف ناخب، لا تتغيّر ولا تنقص، يربطها صهر العهد بالمصالح الوظيفية وصرف النفوذ في لبنان، إضافة إلى المغتربات، مع ملاحظة أنّ باسيل يسعى إلى تأمين بطاقات تمويلية عن طريق الدولة، لمئات الآلاف، لضمان استمرار الرشوة الانتخابية لهذه الشريحة.
يتصرّف عون وباسيل على أساس أنّ العهد انتهى، وأن لا جدوى من تشكيل حكومة لن يستفيد منها الصهر في شيء، ما دام يمسك بزمام القرار من خلال المجلس الأعلى للدفاع. وبعد الانتخابات لن يغادر ميشال عون القصر، وسيبقى عاماً إضافياً بدون أن يكون لأحد القدرة على إخراجه، وسيكون الجميع أمام أحد احتمالين: إمّا التجديد لعون، أو انتخاب باسيل.
يعلم الرئيس وصهره أنّ هذا المسار قد يؤدّي إلى نشوب شكل من أشكال الحرب، لكنّ التيار الوطني الحر يستعدّ لهذا الاحتمال، إذا لزم الأمر، من أجل فرض التغيير وإلغاء اتفاق الطائف والدستور المنبثق عنه، لأنّه سلب صلاحيات رئيس الجمهورية. وإذا لم يحصل هذا الفريق على ما يريده فليغرق المركب بالجميع.
لسان حال باسيل يقول: “لا نريد الدولة إلاّ كما نريدها نحن. فالدولة القائمة مبنية على خطأ. ولا بدّ من فرطها وإعادة بنائها وفق تصوّرات التيار الوطني الحر. ونحن نعمل مع الرئيس ميشال عون منذ عودته إلى لبنان على خطة إزالة اتفاق الطائف. وتعاملنا مع الواقع تحت الضغط إلى أن نتمكّن من الحصول على القوة اللازمة للتغيير”.
إقرأ أيضاً: نادي الغولف: جرِّب حظّك مرّة أخرى
هذا ما نحن مقدمون عليه يا رؤساء الحكومات يا أعضاء نادي الغولف ويا أيّها الرئيس المكلّف، فماذا أنتم فاعلون؟
هل تواصلون المشاركة في المباراة فتُخرجوا الرئيس ميقاتي إلى مقاعد الاحتياط كي تُنزلوا لاعباً جديداً يحلّ مكانه من أعضاء نادي الغولف؟ أم تنتفضون وتعلنونها واضحة عصياناً سياسيّاً بوجه كل هذا التهريج السياسي والدستوري والميثاقي؟