انتهى لقاء رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي مع رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا، بعد يوم الاستشارات النيابية غير الملزمة في مجلس النواب، وهو مفتوح على سيناريوهين:
– الأول: هو نسخة عن سيناريو تكليف سعد الحريري وكل الإشكاليات التي طُرحت معه داخليّاً، بدءاً من سوء العلاقة بينه وبين فريق رئيس الجمهورية، وتحديداً رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي ينسحب أيضاً على العلاقة مع ميقاتي، وصولاً إلى السقوف العالية في المطالب الحكومية بين بيت الوسط وميرنا الشالوحي وانسحابها أيضاً على العلاقة مع ميقاتي، التي بدأت مشحونة بتسريبات صحافية نُقِلت عن التيار الوطني الحر وتحدّثت عن “نوايا خبيثة” من تسمية ميقاتي لإحراج فريق رئيس الجمهورية، وردّت مصادر ميقاتي بالحديث عن “غرف سوداء خبيثة بدأت بعرقلة مسار التأليف”. أمّا خارجياً فيتكرّر المشهد انطلاقاً من غياب الدعم الخليجي حتى على مستوى السفراء أو برقيات التهنئة التقليدية، وتحديداً دعم المملكة العربية السعودية لحكومة يرأسها سعد الحريري، ووقوفها اليوم على الحياد، على الأقلّ حتى الساعة، بعد تكليف ميقاتي.
– الثاني: السيناريو الآخر، الذي يعوِّل عليه المراقبون، ويتضمّن مجموعة متغيّرات على الساحتين الداخلية والخارجية معاً، يوحي بانفراجات قد تؤدّي إلى ولادة حكومة قريباً.
تتّجه الأنظار إلى الاندفاعة الفرنسية للتشكيل انطلاقاً من جوّ دولي مريح. وتضيف مصادر “الثنائي الشيعي” إلى أنّ ميقاتي ليس وليد الأمس في السياسة، ولم يضع لنفسه مهلة أسبوعين للتأليف عن عبث، بل هو مدرك لجملة المتغيّرات الخارجية هذه والداخلية
فإن كان من المبكر الحديث عن فرصة جديّة للتأليف، إلا أنّ متغيّرات عدّة تحكم المشهد الحكومي. فأوّلاً، أنّ الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي قد حصل على ضمانات أميركية – فرنسية، في لحظة تقارب إقليمي من أجل تشكيل حكومة “إخراج لبنان من العناية الفائقة”، بانتظار تبلور الصورة وعودة الحياة إلى مفاوضات فيينا أواخر آب المقبل، أي بعد تسلّم إبراهيم رئيسي رئاسة إيران.
وعليه تتّجه الأنظار إلى الاندفاعة الفرنسية للتشكيل انطلاقاً من جوّ دولي مريح. وتضيف مصادر “الثنائي الشيعي” إلى أنّ ميقاتي ليس وليد الأمس في السياسة، ولم يضع لنفسه مهلة أسبوعين للتأليف عن عبث، بل هو مدرك لجملة المتغيّرات الخارجية هذه والداخلية.
وتلفت المصادر إلى أنّ طرح وزارات الطاقة والصحّة والخارجية تحت إشرافه مباشرة يأتي في سياق برنامجه الحكومي والدعم الدولي لهذه القطاعات.
أما داخلياً، فقد جاءت تسمية حزب الله لميقاتي لتضيف زخماً إلى التشكيل. فبغضّ النظر عن حسابات الحزب مع بيت الوسط، يدرك الجميع أنّ القوى المختلفة أصبحت في مأزق كبير، وأنّ مصلحة الجميع تقتضي تشكيل حكومة، ولا سيّما فريق رئيس الجمهورية.
ميقاتي هو الرئيس المكلّف الثالث بعد مصطفى أديب وسعد الحريري، وبذلك يضع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمام امتحان. فإذا فشل ميقاتي في الاتفاق مع بعبدا وفريق الرئيس، ستُوجّه أصابع الاتهام بالدليل القاطع إلى باسيل، وستحمّله مسؤولية التعطيل، وهذا ما يدركه باسيل جيداً. من هذا المنطلق، وبّخ باسيل كلّ من تحدّث من كتلته إلى الإعلام بالسوء عن ميقاتي، بعدما كان عمّم على الجميع عدم التعليق، وخاصة بالإساءة. وسيطلّ باسيل في حلقة تلفزيونية حوارية يعيد خلالها ما قاله أمام ميقاتي في العشاء الذي جمعهما يوم السبت الماضي، وسيعيد ما قاله له في الاستشارات النيابية غير الملزمة من أنّه لا يريد المشاركة في الحكومة، على أن يترك إمكانية منح الثقة للحكومة بعد الاطّلاع على البرنامج الإصلاحي الذي ستقدّمه.
بعد فشل مصطفى أديب وسعد الحريري وتصويب أصابع الاتهام إلى فريق العهد، وتحديداً جبران باسيل، هل يفاجئ هذا الفريق الجميع، ويتّفق على تشكيل حكومة مع ميقاتي؟ أم نعود إلى حرب بيانات واشتباك يبدأ من حقيبة الداخلية؟ أم سيستمرّ توزيع الأدوار بين بعبدا وميرنا الشالوحي؟
إقرأ أيضاً: هل فَقَد الرئيس ميقاتي عقله؟
عبّر كلّ من عون وميقاتي، في لقائهما بعد الاستشارات النيابية غير الملزمة، عن رغبتهما بتشكيل حكومة تحدّ من الانهيار في البلاد، وعن ضرورة الالتزام بالمعايير الدستورية في التأليف. الإجابات الحقيقية ستكون رهن ردّة فعل بعبدا بعد تقديم المسوّدة الميقاتية الأولى، غير أنّ المسار الدولي العام يتّجه نحو إبقاء لبنان تحت “العناية الفائقة” بانتظار الحلول الكبرى وجلاء صورة التوازن السياسي الإقليمي وموقع لبنان فيه.
وفي المعلومات أنّه خلال اللقاء بينهما، تحدّث ميقاتي عن صيغة من 24 وزيراً، على أن يستكمل النقاش لاحقاً حول توزيع الحقائب على الطوائف.