خلال أيّام قليلة، يفترض أن تكون صورة الاستعدادات للانتخابات النيابية جاهزة في وزارة الداخلية، حيث من المرتقب أن يعقد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي اجتماعاً مع وزيرة الخارجية زينة عكر للاستيضاح منها مدى جهوزيّة البعثات الدبلوماسية لإنجاز اقتراع المغتربين، في ظلّ حالة الإفلاس التي تصيب المقارّ الرسمية في الخارج، وذلك قبل تكوين صورة متكاملة عن الحاجات اللوجستية لإجراء الاستحقاق، والتكلفة المالية التي ستتكبّدها الخزينة العامة، والموادّ المفترض تعليقها في قانون الانتخابات.
وفي هذا السياق، بات جليّاً أنّ مادّتين أساسيّتين في القانون ستشهدان تعديلاً، ولا بدّ من حمل القانون إلى مجلس النواب لإجراء التعديلات اللازمة. أولى تلك المواد هي المادة 84 المتّصلة بالبطاقة الممغنطة التي سيتمّ حكماً تعليق العمل بها كما حصل في الدورة السابقة. وقد جاء في نصّ هذه المادة: “على الحكومة بمرسوم يتّخذ في مجلس الوزراء بأكثرية الثلثين بناء على اقتراح الوزير، اتخاذ الإجراءات الآيلة إلى اعتماد البطاقة الإلكترونية الممغنطة في العملية الانتخابية المقبلة، وأن تقترح على مجلس النواب التعديلات اللازمة على هذا القانون التي يقتضيها اعتماد البطاقة الإلكترونية الممغنطة”.
يقول أحد الخبراء الانتخابيين إنّ الانتخابات ستجري في موعدها لأنّ العمل جارٍ على قدم وساق للإعداد للاستحقاق، سواء على مستوى متابعة السفارات الأجنبية أو استعدادات مجموعات المجتمع المدني لمواجهة هذا الاستحقاق بجهوزية عالية
كذلك الأمر بالنسبة إلى المادة 122، التي تنصّ على إضافة ستة مقاعد تمثّل غير المقيمين، والتي ستكون بدورها عرضة للتعليق. وجاء في نصّ هذه المادة: “يضاف ستة مقاعد لغير المقيمين إلى عدد أعضاء مجلس النواب ليصبح 134 عضواً” في الدورة الانتخابية التي سوف تلي الدورة الانتخابية الأولى التي ستجري وفق هذا القانون. في الدورة اللاحقة، يخفّض ستة مقاعد من عدد أعضاء مجلس النواب الـ128 من نفس الطوائف التي خُصّصت لغير المقيمين في المادة 112 من هذا القانون، وذلك بمرسوم يُتّخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير.
وقد سقطت المادة الثامنة المتّصلة بترشيح رؤساء البلديات، والتي جاءت في القانون بصيغة مرّة واحدة استثنائية، وفيها “بصورة استثنائية ولمرّة واحدة فقط، على رؤساء المجالس البلدية ورؤساء اتحادات البلديات الراغبين بالترشّح للانتخابات النيابية أن يقدّموا استقالتهم من الرئاسة والعضوية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية”.
ولكن هل تجري الانتخابات في موعدها؟ وهل من مصلحة لقوى الثامن من آذار بتسليم الأكثرية النيابية فيما لو صدقت التوقّعات وتراجع حضور “التيار الوطني الحر” وتقلّصت “كتلة لبنان القوي”؟
يقول أحد الخبراء الانتخابيين إنّ “الانتخابات ستجري في موعدها لأنّ العمل جارٍ على قدم وساق للإعداد للاستحقاق، سواء على مستوى متابعة السفارات الأجنبية أو استعدادات مجموعات المجتمع المدني التي تقوم بمجهود مضاعف يتجاوز أضعاف ما تقوم به أحزاب السلطة أو الأحزاب التقليدية لمواجهة هذا الاستحقاق بجهوزية عالية، خصوصاً بعدما شكّلت لهم نتائج انتخابات نقابة المهندسين مؤشراً إيجابياً شجّعهم على المضيّ قدماً في استعداداتهم التي تلاقي دعماً من جانب الكثير من الهيئات الدولية المانحة”.
كل الأحزاب تشهد تراجعاً ملحوظاً على مستوى المناصرين، وهي ظاهرة تصيب كل الأحزاب التقليدية، وليس فقط “التيار”
ومع ذلك يقول الخبير ذاته إنّ “المناخ السياسي السائد راهناً لا يمكن إسقاطه على مشهدية الانتخابات أو على التحالفات المنتظرة”، مشيراً إلى أنّ “المدّة الفاصلة، وهي حوالي عشرة أشهر، قد تبدِّل المشهد بشكل جذري”، لافتاً إلى أنّ “تنظيمات المجتمع المدني أمام تحدّي توحيد جهودها ولوائحها قبل أن تتمكّن من إقناع الرأي العام بخطابها وبكونها إطاراً بديلاً للسلطة القائمة، وهي مهمّة صعبة جدّاً إن لم نقل مستحيلة. ولذا لا يمكن حسم حصول نتائج انقلابية قد تفرضها صناديق الاقتراع، في ضوء التجربة غير المشجّعة التي خاضتها هذه المجموعات في الاستحقاق الماضي”.
وفي رأي الخبير ذاته أنّ “حزب الله، من ضمن قوى الثامن من آذار، لا يخشى أبداً خسارة الأغلبية النيابية، كما يظنّ خصومه، لأنّ تراجع “التيار الوطني الحر” شعبياً لا يثير أي نقزة بالنسبة إلى الحزب الذي يعمل على رفع سكور هذه الأكثرية، إذ إنّ كل الأحزاب تشهد تراجعاً ملحوظاً على مستوى المناصرين، وهي ظاهرة تصيب كل الأحزاب التقليدية، وليس فقط “التيار”. أمّا الحكم مسبقاً على المشهد الانتخابي منذ اليوم فهو مخالف للقواعد العلمية”.
ويشير إلى أنّ “عامل التحالفات من شأنه أن يؤثّر كثيراً على مجرى الاستحقاق ونتائجه، ولا سيّما بالنسبة إلى التيّار”، مؤكّداً أنّ “التحالف الانتخابي بين الأخير و”حزب الله” في أكثر من دائرة سيدعم العونيين، وتحديداً في كسروان، بعبدا، عاليه، جزين، بعلبك، وزحلة، حيث سيؤدّي وجود الحزبين في لوائح واحدة إلى رفع الحاصل وتأمين الدعم اللازم للمقاعد المسيحية”.
إقرأ أيضاً: حكومة انتخابات نيابيّة مبكرة من غير المرشحين
ويرى أنّ “احتمال تفاهم “التيار الوطني الحر” و”القوات” من شأنه أن يقلب المشهد في الساحة المسيحية”، لافتاً إلى أنّ “الصراع السياسي الذي نشهده راهناً لا يعني أبداً أنّ سيناريو التحالف الانتخابي غير وارد، لأنّ الفريقين قد يلتقيان عند “مصلحة” التصدّي لسليمان فرنجية إذا قرّر تحالف رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري خوض معركته الرئاسية من خلال تعزيز وضعه النيابي أوّلاً، وهو ما قد يدفع رئيس “التيار” جبران باسيل ورئيس القوات سمير جعجع إلى تجاوز خلافاتهما لـ”تصفية” ترشيح فرنجية”.