بدأت قوى المعارضة في جنوب لبنان تحرّكاتها في مختلف الاتجاهات لتوحيد قواها وإطلاق مشاريعها السياسية والإعداد لمرحلة الانتخابات النيابية المقبلة لمواجهة الثنائي حزب الله – حركة أمل.
فكيف تتوزّع هذه القوى اليوم؟ وما هي أبرز المجموعات والجبهات التي تشكّلت حتى الآن؟ وهل تنجح في توحيد جهودها السياسية والتنظيمية أم تؤدّي الانقسامات فيما بينها والخلافات السياسية إلى تشتّتها وفشلها في المواجهة القادمة؟
أوّلاً: مؤتمر الجنوب
في مقدَّم قوى المعارضة جنوباً يأتي “مؤتمر الجنوب”، الذي هو صيغة سياسية وشعبية مفتوحة من أجل “الحوار والعمل لبناء إطار سياسي وطني وديموقراطي”، ويهدف إلى إنتاج خطاب وطني وقوى معارضة عبر الحوار والتواصل مع آخرين في المناطق اللبنانية، والمهمة الأساسية له هي استعادة الحياة السياسية في المناطق عموماً، وفي الجنوب خصوصاً. وفي شأن المقاومة، يدعو إلى ابتكار حلول وطنية ضمن الدولة لهذه المسألة المعقّدة. ويضمّ العديد من الناشطين السياسيين والإعلاميين والفاعليات الاجتماعية، وأبرزهم الصحافي حسّان الزين رئيس تحرير مجلّة “الجنوب”، وهشام مروّة. ويشارك في المؤتمر شخصيات حزبية معارضة أو مجموعات تنتمي إلى قوى المعارضة من خارج السلطة القائمة اليوم، وشخصيات مستقلّة.
الملاحظ أنّ بعض الشخصيّات، التي كانت ناشطة سابقاً في معارضة حزب الله وحركة أمل مثل أحمد الأسعد، قد ابتعدت حالياً عن التحرّكات الشعبية والسياسية، في حين تركّز شخصيات أخرى، على العمل الإعلامي والكتابة السياسية والثقافية
وحسب توصيف حسان الزين للمؤتمر: “هو مؤسسة ديموقراطية، وليس مجموعة سياسية ذات لون واحد، وليس ائتلافاً حزبياً أو صيغة مغلقة. وهو مساحة ديموقراطية مفتوحة، وسيتحوّل إلى إطار دائم مستقبلاً”.
وقد أطلق المؤتمر ورقته السياسية للنقاش خلال مؤتمر صحافي عقده في سينما إشبيلية في صيدا قبل أسبوعين، وتلا هشام مروة الورقة. وسيتوزّع المؤتمر لاحقاً إلى ورش عمل لمناقشة كلّ الموضوعات.
وحول موقف المؤتمر من “المقاومة”، توضح الوثيقة السياسية أنّه “من حقّ الشعوب المقاومة ولكن علينا ابتكار حلول وطنية ضمن الدولة لهذه المسألة المعقّدة”.
ولم يقرّر المؤتمر حالياً خوض الانتخابات النيابية المقبلة، وسيُتّخذ القرار في الوقت المناسب.
ثانياً: الجبهة الوطنية لإنقاذ وبناء الدولة
أُطلِقت هذه الجبهة قبل عشرة أيام في مؤتمر عامّ على مستوى الجنوب، في منتجع أكابر في بلدة حبّوش بالنبطية. وشارك في المؤتمر حشد من الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية. ومن أبرز الحضور: الرئيس السابق لبلدية النبطية الدكتور مصطفى بدر الدين، الدكتور كاظم نور الدين، الدكتورة سناء الصباح، الدكتور نظام إبراهيم، الدكتور وسيم غندور، نظام حوماني، يوسف نصار، علي غندور، علي جفال، عبد المنعم عطوي، عدنان شعيب، حسن حاوي، أسد غندور، وديما حجيج.
وفي المؤتمر تلا الناشط حسن حاوي مشروع الوثيقة السياسية، الذي يدعو إلى قيام حكومة انتقالية من خارج الطبقة السياسية، والعودة للشعب كمصدر للسلطات، ثمّ تشكيل لجنة لوضع دستور جديد.
وتحدّث أسد غندور، باسم هيئة المتابعة، عن المراحل التحضيرية لإطلاق الجبهة والمؤتمر العامّ المركزي، وأكّد أنّ هذه الجبهة منفتحة على كلّ القوى السياسية والأحزاب والهيئات والمجموعات والشخصيات الوطنية المستقلّة.
وتعتبر هذه الجبهة الأقرب إلى القوى الوطنية واليسارية والقومية (حركة الشعب، الحزب القومي السوري الاجتماعي وغيرهما) وهناك تواصل مع الحزب الشيوعي وقوى وشخصيات أخرى في كل لبنان.
ثالثاً: جنوبيّون مستقلّون
تضمّ عدداً من الشخصيات الجنوبية، سواء المقيمة في لبنان أو الموجودة في بلاد الإغتراب. وهي تعلن التزامها مبادئ ثورة 17 تشرين، ويتولّى مهمّة المنسّق العامّ محمود شعيب، وأمانة السرّ بسام إبراهيم. وقد عقدت مؤتمرها التأسيسي في 15 حزيران في ديوان العز، وافتتحت مقرّاً ثابتاً في مدينة النبطية، وأطلقت نداء مفتوحاً للانضمام إليها.
قوى المعارضة في الجنوب لا تزال تعاني الانقسام والتشتّت والخلافات فيما بينها على الرغم من كل المساعي المبذولة لتوحيد هذه القوى والاتفاق على مشروع سياسي موحّد وخوض الانتخابات النيابية المقبلة معاً
رابعاً: اللقاء الوطنيّ في الجنوب
يضمّ شخصيات وقوى سياسية متعدّدة، ويتّخذ من مركز “منتدى صور الثقافي” مقرّاً له، ويشارك فيه ناشطون من منظمة العمل الشيوعي والحزب الشيوعي ومجموعات متعدّدة، ويعمل لتشكيل إطار سياسي واسع وشامل لقوى المعارضة في الجنوب.
خامساً: مجموعات صيدا
في مدينة صيدا تتحرّك عدّة مجموعات معارضة، بعضها له علاقة بالتنظيم الشعبي الناصري، وبعضها الآخر يرتبط بالأحزاب والتنظيمات الشيوعية، وبعضها الثالث هو عبارة عن مجموعات مستقلّة ذات طابع علماني، ومنها تجمّع “علّ صوتك”، ومجموعة معارضة بشدّة لحزب الله تحمل اسم “أنا مستقلّ”.
وتنشط بعض هذه المجموعات، ومنها “صيدا تنتفض” و”إرادة شعب”، في التحرّكات الشعبية المستمرّة في صيدا، وخصوصاً في ساحة إيليّا.
وتشارك أحياناً الجماعة الإسلامية في بعض التحرّكات الشعبية، وتحاول حالياً التواصل مع القوى السياسية في صيدا لبحث أشكال التعاون المستقبلي.
سادساً: هيئة تنسيق الانتفاضة في النبطيّة
تضمّ منتسبين إلى الحزب الشيوعي اللبناني وحزب طليعة لبنان (البعث العراقي) ومنظمة العمل الشيوعي ونبض الجنوب وقوى مستقلّة متنوّعة، وتعمل لتشكيل إطار معارض جامع، وتُعِدّ لمؤتمر تأسيسي في الأيام المقبلة.
سابعاً: مجموعات وشخصيّات متنوّعة
تتحرّك مجموعات متنوّعة وشخصيّات متعدّدة في إطار المعارضة السياسية والشعبية والإعلامية، ومنها مجموعة “نبض الجنوب” و”جنوبيّون للحرّية” ومجموعة “حلقة الحوار الثقافي”.
والملاحظ أنّ بعض الشخصيّات، التي كانت ناشطة سابقاً في معارضة حزب الله وحركة أمل مثل أحمد الأسعد، قد ابتعدت حالياً عن التحرّكات الشعبية والسياسية، في حين تركّز شخصيات أخرى، كالصحافي علي الأمين والدكتور محمد علي مقلّد والدكتور وجيه قانصو والدكتورة منى فياض والصحافي علي سبيتي وعدد من الإعلاميين، على العمل الإعلامي والكتابة السياسية والثقافية، ولم تبرز أطر جديدة لتحرّك هذه الشخصيات حالياً.
إقرأ أيضاً: الاستعدادات للانتخابات بدأت: أين المعارضة الشيعيّة اليوم؟
ومن خلال هذه المعطيات والمعلومات فإنّ قوى المعارضة في الجنوب لا تزال تعاني الانقسام والتشتّت والخلافات فيما بينها على الرغم من كل المساعي المبذولة لتوحيد هذه القوى والاتفاق على مشروع سياسي موحّد وخوض الانتخابات النيابية المقبلة معاً.
فهل تنجح هذه القوى في توحيد صفوفها في المرحلة المقبلة أم تشكّل الانقسامات والخلافات السياسية والتنظيمية فيما بينها الطريق لبقاء الثنائي حزب الله – حركة أمل القوة الأولى جنوباً؟