منحت وزارة الثقافة المصرية الدكتور رضوان السيد جائزة “النيل” للإبداع العربي. وهي أرفع جائزة أدبية تمنح لغير المصريين.
هذه شهادة ثانية من الإمارات العربية المتحدة بالدكتور السيّد، بعد شهادة الدكتور بدر الشاطري المنشورة أمس.
فوز الدكتور رضوان السيد بجائزة النيل للمبدعين العرب له أكثر من معنى. فالجائزة تأتي من مصر، بكلّ ما لها من ثقل وامتداد في تاريخ الفكر العربي، ومشاركة في صياغة العقل والوجدان والذائقة العربية، وبما أنجبته أرضها من القامات الفكرية الكبرى، التي أثّرت، ولا تزال تؤثّر، في كل المثقّفين العرب على امتداد أجيال متوالية، ولا سيّما في كل المثقّفين العرب الذين تفتّحوا على أرضها، ووجدوا في خصوبتها الفكرية وروحها الكريمة المضيافة ما أضاف إليهم الكثير.
واجه الدكتور رضوان السيد التطرّف والتشدّد والجمود بشجاعة، على امتداد عقود، وكانت كتاباته تحذيراً مبكراً من أخطار الإرهاب وتغوُّل جماعات الإسلاموية السياسية، وتطبيقاً عمليّاً لفكرة تجديد الخطاب الديني من أجل الخروج بالعالم العربي من المأزق، الذي بلغ ذروته في اضطرابات بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين
بالنسبة إلى الدكتور رضوان السيد، أظنّ أنّ هذه الجائزة العظيمة القدر تمثّل له الكثير، ذلك أنّه ابن الأزهر الذي قضى فيه سنوات دراسية أثّرت في تكوينه ومنظومة فكره. ومَن يتابع كتاباته يلاحظ أنّ الفترة، التي قضاها دارساً في جامعة الأزهر في مطلع شبابه، لها مكان مهمّ في ذكرياته الشخصية والعلمية، بما انطوت عليه من تفاعل فكريّ سخيٍّ مع ما كان يموج به الأزهر العريق من رؤى فكرية ودينية، ومن تراث غنيّ بالتنوُّع والرؤى الأصيلة.
لقد كان تكريم الدكتور رضوان السيد تتويجاً لمشروعه الفكري، وإسهاماته البحثية الأصيلة، وجهوده في مقاربة التراث الإسلامي بروح واعية استوعبت أصوله ومدارسه ومسارات تطوّره، دفعها حقّ الوعي، ليكون ذلك أساساً قويّاً للاجتهاد والتجديد وفق منهج علمي وفكري دقيق. وإنّ الجزء الآخر، الذي يكمل مشروع الدكتور رضوان السيد، هو اشتباكه مع الواقع بشجاعة، والتصدّي لمناقشة قضاياه الملحّة من دون خوف أو إحجام.
وعلى الرغم من انشغال الدكتور رضوان السيد بالتأصيل الفكري والبحث العلمي الجادّ، فإنّ ذلك لم يمنعه من خوض غمار الصراع مع القضايا اليومية، والوصول، من خلال مقالاته ولقاءاته وحواراته وحضوره في المشهد السياسي والاجتماعي، إلى قطاعات واسعة جدّاً من القرّاء في العالم العربي، والوقوف بقوّة في صف التنوير والعقلانية، والتصدّي من دون هوادة لكلّ مَن حاولوا اختطاف الدين وتاجروا به لخدمة مشروعات سياسية تكرّس تراجع العالم العربي وترتهنه لمصلحة قوى تتربّص به، ولمصلحة وكلائها المحلّيّين في الدول العربية.
لقد واجه الدكتور رضوان السيد التطرّف والتشدّد والجمود بشجاعة، على امتداد عقود، وكانت كتاباته تحذيراً مبكراً من أخطار الإرهاب وتغوُّل جماعات الإسلاموية السياسية، وتطبيقاً عمليّاً لفكرة تجديد الخطاب الديني من أجل الخروج بالعالم العربي من المأزق، الذي بلغ ذروته في اضطرابات بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، والفوضى التي اجتاحت كثيراً من الدول العربية، وتركتها نهباً للصراع والتفتّت والفشل.
إقرأ أيضاً: رضوانُ السَّيِّد والشَّأنُ العامُّ
هذا كلّه يجعل فوز الدكتور رضوان السيد تكريماً لكلّ ما دافع عنه من قيم ومبادئ، واستبساله الشخصي والفكري في أداء الرسالة التي ينبغي أن يضطلع بها كلّ مثقّف حقيقي مهموم بمستقبل وطنه وأمّته.
*إعلاميّ وكاتب إماراتيّ