يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء الغد الثلاثاء، لمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس قناة المنار. وقد اختار حزب الله لإطلالة السيّد الجديدة هذه المناسبة، بعد آخر إطلالة له في ذكرى التحرير، وذلك للردّ عمليّاً على كلّ الشائعات التي تحدّثت عن أوضاعه الصحيّة الصعبة. حتى إنّ بعض التقارير الإعلامية المغرضة بدأت الحديث عن خلافته.
وكانت الإطلالة الأخيرة للسيّد نصر الله قد أثارت الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام عن وضعه الصحي بسبب الحساسية العالية، التي كان يعانيها، والصعوبة التي واجهها خلال إلقاء الكلمة. فكان ذلك سبباً إلى إطلاق حملة من الأدعية لشفائه. وفي الوقت نفسه دفع الكثير من المصادر الدبلوماسية والأمنية والاستخبارية والإعلامية للسؤال عن مستقبل الحزب ما بعد نصر الله.
تؤكّد كوادر وشخصيات شيعية أخرى قريبة من الحزب ضرورة الاستمرار في ما تسمّيه “الصبر الاستراتيجي” لمواجهة مختلف التحدّيات، بانتظار وضوح الصورة إقليمياً ودولياً، وانعكاس ذلك على الوضع اللبناني
وإضافة إلى الردّ العمليّ على كلّ تلك الشائعات والتقارير غير الصحيحة عن صحّته ومستقبله، يطلّ السيّد نصر الله في لحظة سياسية صعبة، داخلياً وخارجياً، بسبب الفشل في التوصّل إلى حلول للأزمة الحكومية، وازدياد المخاطر الاجتماعية والأمنية والمعيشية في لبنان، وتصاعد التهديدات الإسرائيلية بتنفيذ عدوان جديد على لبنان وقطاع غزّة، فاتحةً الباب مجدّداً أمام احتمال اندلاع حرب إقليمية في المنطقة.
وفي هذه الأجواء القلقة، تشهد البيئات الشيعيّة نقاشات علنيّة وداخلية في مستقبل الأوضاع في لبنان والمنطقة، والمقاربة المناسبة لمختلف التحدّيات الداخلية والخارجية. وقد أطلق أخيراً المدير العام السابق لوزارة الإعلام محمد عبيد (وهو القريب من حزب الله)، في مقال نشرتها إحدى الصحف اليومية، نقاشاً جريئاً حول دور الحزب في ما وصلت إليه الأوضاع الداخلية من أزمات ومشاكل متنوّعة.
هذا في حين تعمد بعض الشخصيات الشيعية المستقلّة إلى توجيه سهام النقد القاسي لكلٍّ من حركة أمل وحزب الله، وتحمّلهما المسؤولية عن الأزمات المعيشية التي تعانيها مختلف المناطق اللبنانية، وخصوصاً في الجنوب والبقاع.
من جهة أخرى، تؤكّد كوادر وشخصيات شيعية أخرى قريبة من الحزب ضرورة الاستمرار في ما تسمّيه “الصبر الاستراتيجي” لمواجهة مختلف التحدّيات، بانتظار وضوح الصورة إقليمياً ودولياً، وانعكاس ذلك على الوضع اللبناني.
وفي الوقت نفسه، تُطرح أسئلة عديدة في البيئات الشيعية المستقلّة عن دور الشيعة في مستقبل النظام السياسي، وكيفيّة الجمع بين خيار المقاومة وخيار الدولة، وعلاقات الشيعة ببقيّة الطوائف اللبنانية في ظل السجالات الحادّة، التي تجري بين وقت وآخر، في مواضيع الحياد، والمؤتمر الدولي، وموقع لبنان في المنطقة، ودور الحزب خارج لبنان، والعلاقات مع الدول العربية، والاستراتيجية الدفاعية.
وعلى الرغم من أنّ معظم هذه النقاشات لا تخرج إلى العلن دائماً، فإنّها تؤكّد أنّه لا يمكن استمرار الأوضاع على ما هي عليه لفترة طويلة، وأنّ نجاح حزب الله في توفير بعض الحاجات الأساسية لأبناء بيئته عبر بعض الإجراءات والمساعدات والتقديمات الخاصة، ربّما لا يكون ممكناً في المرحلة المقبلة التي قد تزداد صعوبة، وتكون المتطلّبات فيها أصعب. خصوصاً على صعيد المحروقات، والكهرباء، والأدوية، وحماية الأمن الاجتماعي، وآفاق العلاقة مع بقيّة المكوّنات اللبنانية والقوى السياسية والحزبية.
إقرأ أيضاً: سيرة الحزب: من “عدم التدخّل” إلى “التدخّل”.. في لبنان والمنطقة
إطلالة السيد نصر الله الجديدة ستكون ردّاً عمليّاً على كل الشائعات المرتبطة بوضعه الصحي ومستقبل الحزب. لكن هل ستحمل إجابات شافية ووافية عن مستقبل لبنان ودور الشيعة في المستقبل القريب والبعيد، وكيفية مواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية؟