أعلنت وزارة الثقافة المصرية أول من أمس عن منح الدكتور رضوان السيّد جائزة “النيل للإبداع العربي”، وهي الأعلى التي تُمنح لغير المصريين.
في جولتنا ضمن الحلقة الثانية من هذا التقرير، على أوساط النخبة المصرية وكبار مثقّفيها، بمختلف توجّهاتهم، حول فوز المفكّر اللبناني الكبير الدكتور رضوان السيد بجائزة النيل للمبدعين العرب، سألنا الدكتور قاسم عبده قاسم، الأكاديمي والمتخصّص في تاريخ العصور الوسطى.
برأيه أنّ رضوان السيد “مؤرّخ بارز” موضّحاً أنّه “يعدّ من أفضل المؤرّخين العرب مساهمةً في التعريف بالتاريخ العربي الإسلامي”، مشيداً إشادة خاصّة بترجمة كتاب “صورة الإسلام في أوروبا في العصور الوسطى”.
وتحدّث عبده قاسم عن دور مجلّة “الاجتهاد”، التي أسّسها رضوان السيد في ثمانينيّات القرن الماضي، والتي أدّت دوراً مهمّاً في الدراسات التاريخية، وفي فتح آفاق جديدة للتأريخ العربي والإسلامي، وفي مناحي التأويل للنصّ التاريخي عبر استكتاب مؤرّخين ودارسين للتاريخ من مختلف الأجيال العربية.
برأيه أنّ رضوان السيد “مؤرّخ بارز” موضّحاً أنّه “يعدّ من أفضل المؤرّخين العرب مساهمةً في التعريف بالتاريخ العربي الإسلامي”، مشيداً إشادة خاصّة بترجمة كتاب “صورة الإسلام في أوروبا في العصور الوسطى”
احتفاء بالاختلاف
من زاوية أخرى، رأى الدكتور عصمت نصار، أستاذ الفكر العربي المعاصر، في هذا التكريم احتفاءً بالاختلاف، فقال: “رضوان السيد من أكابر المثقفين العرب الذين يمكن أن تختلف معهم في العديد من الأمور من دون أن تشتمّ من الخلاف معه رفضاً أو غضباً، فضلاً عن السباب أو الطعن في عقيدة أو وجه. فهو بلا شك من الطراز النادر في ثقافتنا العربية المعاصرة، التي عدلت عن الجموح والجنوح في الاختلاف والخصومة، في وقتٍ سارت ثقافتنا المعاصرة على خطى الحضارة الغربية في محو الآخر وتهميشه”.
ودلّل نصار على هذا التوجّه الرضوانيّ المتسامح عند مشاركته معه ومع الدكتور محمد كمال إمام، رحمه الله، في الكتابة حول السياسة الشرعية من خلال مكتبة الإسكندرية، موضّحاً أنّه على الرغم من اختلافه مع ما كتبه “الفائز بجائزة النيل”، فإنّه تقبّل الأمر بصدر رحب.
رضوان السيد من أكابر المثقفين العرب الذين يمكن أن تختلف معهم في العديد من الأمور من دون أن تشتمّ من الخلاف معه رفضاً أو غضباً، فضلاً عن السباب أو الطعن في عقيدة أو وجه
تجديد وتأويل
كعادته في التدقيق والتحقيق واختيار الألفاظ والاهتمام بكل لفظة وموضعها، جاء تعليق المفكّر والكاتب المصري الرصين نبيل عبد الفتاح على المشروع الفكري لصاحب جائزة النيل. ويمكن إبراز هذا التعليق المعمّق كما يلي:
أولاً: فوز الصديق رضوان السيد بهذه الجائزة فوز مستحقّ، بل هو واحد من القلائل الذين استحقّوها من دون شبهة تحيّز أو انحياز. ودلالة هذه الجائزة وقيمتها المعنوية والرمزية أهمّ من قيمتها المادية.
ثانياً: رضوان السيد واحد من كبار المثقّفين العرب المساهمين في إصلاح بنية الفكر العربي والإسلامي المعاصر السائد داخل المؤسسات الدينية التقليدية والأسواق العولمية والإقليمية منذ منتصف النصف الثاني من القرن الماضي، وتحديداً في العقدين الأخيرين من القرن الفائت.
ثالثاً: هذا الدور التجديدي والتأويلي يشكّل أهمّية خاصّة في ظل هيمنة وسيطرة “عقل إسلامي نقلي حرفيّ” و”سلفيّ جهاديّ”، وهو ما أثّر على كل مسارات التطوّر الحضاري العربي في ظل تحوّل هذا “العقل النقلي” من خطابات دينية محافظة إلى أدوات توظّف الفكر الإسلامي من أجل الوثوب على السلطة وتبرير وتسويغ العنف بصورتيْه: الخطابي والمادي في كل دول العالم العربي والإسلامي.
إقرأ أيضاً: جابر عصفور: المجلس الأعلى للثقافة يحقّق “الجول” الأوّل (1/2)
رابعاً: مثل هذا الاجتهاد التجديدي والتأويلي لم يقُم به في عالمنا العربي سوى عدد قليل، أغلبهم من لبنان، مثل رضوان السيد، وتونس والمغرب، وقلّة قليلة منهم من مصر. وهؤلاء جميعهم أهمّ علامات الفكر العربي في النصف الثاني من القرن العشرين وفي العقدين الأخيرين.
كانت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم قد أعلنت مساء الثلاثاء الماضي 1/6/2021 فوز المفكّر الكبير رضوان السيّد بجائزة النيل للمبدعين العرب.