سيناريوهات أيّار: سفارات تتوقّع الانهيار وتستعدّ له

مدة القراءة 5 د

الأرجح أن يكون شهر أيّار شهراً مفصليّاً يفصل ما قبله عمّا بعده، إذا صدقت وعود “رفع الدعم”، مع اقتراب فقدان آخر دولارات مصرف لبنان، ومحاولته تجنّب تجرّع كأس المسّ بالاحتياط الإلزامي.

لهذا، تترقّب أوساط سياسية ودبلوماسية وأمنية في بيروت التطوّرات اللبنانية بقلق شديد في ظلّ التخوّف من تدهور الأوضاع في شهر أيار، بعد انتهاء شهر مضان. وذلك بسبب الحديث المتكرّر عن احتمال رفع الدعم عن العديد من السلع الأساسية بعد عطلة عيد الفطر، الذي سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وقد يسبّب تطوّرات أمنية واجتماعية خطيرة، ولا سيما في ظل الفشل المستمر في تشكيل حكومة جديدة.

القرار السعودي بوقف السماح باستقبال الصادرات اللبنانية أو السماح بمرورها عبر الحدود السعودية، وذلك بعد اكتشاف شحنة مواد مخدّرة ضمن شحنة من ثمار الرمان، قد يكون له تداعيات سلبية على الوضع الإقتصادي والمالي في الفترة المقبلة

وفي ضوء هذه المخاوف، بدأت بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية دراسة الاحتمالات المتوقّعة والاستعداد لكل الخيارات على صعيد التعامل مع التحرّكات الشعبية ولجوء المحتجّين إلى العنف. في حين تحرّكت العديد من البعثات الدبلوماسية الأجنبية والعربية في بيروت من أجل لقاء قيادة الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة الأمنية، سواء لبحث حاجات هذه الأجهزة وكيفيّة تلبيتها، أو للتحذير من المخاطر المتوقّعة.

وفي بيان صادر عن السفارة البريطانية في بيروت قبل يومين، أوضحت السفارة أنّ رئيس البعثة مارتن لنغدن التقى يوم الجمعة الماضي وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان لتوقيع مذكرة تفاهم تؤكّد استمرار التعاون مع قوى الأمن الداخلي من خلال “مشروع دعم الشرطة البريطانية لقوى الأمن الداخلي”، البالغة قيمته 18.5 مليون جنيه إسترليني (2019-2022).

وقد قال لنغدن بعد التوقيع: “يمرّ لبنان بإحدى أصعب المراحل في التاريخ الحديث. وإنّ تعدّد الأزمات الحالية، وعدم وجود أيّ تقدّم سياسي، يضعان ضغوطاً متزايدة على النظام العام والمكلّفين بالحفاظ عليه. نحن نتفهّم أهمية وجود قوّة شرطة حديثة وشفّافة وخاضعة للمساءلة في لبنان، ونقدّر شراكتنا مع قوى الأمن الداخلي فيما نعمل معاً على أجندة التحوّل هذه”.

وتلقّى الجيش اللبناني مساعدات مغربية الأسبوع الماضي لتوفير بعض الحاجات الأساسية. وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية وجود مشروع في الكونغرس الأميركي لتقديم 60 مليون دولار أميركي لدعم الجيش. وأعلنت مؤسسة الوليد بن طلال تقديم لقاحات للسجناء لمنع انتشار فيروس كورونا في السجون.

معظم البعثات الدبلوماسية الأجنبية والعربية العاملة في بيروت تتابع التطورات الجارية وتبحث عن حلول ممكنة، لا سيما عبر التركيز على دعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية، أو توفير ما يمكن من مساعادت إنسانية لمنع الإنهيار الشامل

وفي حين لم تتّضح نتائج زيارة رئيس الحكومة المستقيلة الدكتور حسان دياب لقطر، فقد جرى الحديث عن السعي إلى الحصول على دعم بقيمة 500 مليون دولار لتمويل البطاقات التموينية التي سيجري البحث فيها قبل رفع الدعم.

لكن في المقابل فإنّ القرار السعودي بوقف السماح باستقبال الصادرات اللبنانية أو السماح بمرورها عبر الحدود السعودية، وذلك بعد اكتشاف شحنة مواد مخدّرة ضمن شحنة من ثمار الرمان، قد تكون له تداعيات سلبية على الوضع الاقتصادي والمالي في الفترة المقبلة.

وقد بدأت جهات دبلوماسية في بيروت تداول سيناريوهات عديدة متوقّعة خلال أيّار:

الأوّل: تصاعد الصراعات الداخلية بين مختلف الأطراف، على غرار تداعيات اقتحام القاضية غادة عون مكاتب “شركة مكتّف للصيرفة”، مؤدّياً إلى شلل القضاء وإسقاط شرعيته، وانتقال الاشتباك إلى كلّ المؤسسات العسكرية والأمنية. وقد راقبنا بعض هذا المشهد أمام شركة مكتّف، بين شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وبين جهاز أمن الدولة، وتكون النتيجة المزيد من الانقسامات والتوتّرات.

الثاني: عودة التحركات الشعبية إلى مختلف المناطق اللبنانية احتجاجاً على رفع الدعم وغلاء الأسعار وعدم توفر العديد من السلع، دافعةً البلاد إلى المزيد من المخاطر، في ظل صعوبة سيطرة القوى الأمنية والعسكرية على الأوضاع. وقد نشهد عودة قطع الطرقات مع ما سيؤدي إليه من احتكاكات ونزاعات بين قوى سياسية وحزبية تصاعدت لهجة الخطاب السياسي بينها.

الثالث: تعرّض المؤسسات العسكرية والأمنية لمخاطر عديدة بسبب الأوضاع الاقتصادية والمالية وعدم القدرة على القيام بمهمّاتها. فتُضطرّ إلى الانسحاب نحو الثكنات للحفاظ على وحدتها وحاجاتها بالحدّ الأدنى، أو ينتقل الانقسام إلى داخل هذه المؤسسات وتعود الألوية الطائفية والمذهبية (مع أنّ هذا الاحتمال ضعيف، بحسب المصادر الدبلوماسية)، أو تنهار وتترك الثكنات والمواقع بسبب عدم قدرة الجنود والعناصر على الالتحاق بالثكنات نظراً إلى الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة، فيتعزّز خيار ترك الخدمة والتحاق العناصر بمناطقهم وقواها الحزبية.

الرابع: بروز ما يمكن تسميته بـ”الفيدرالية المجتمعية والاقتصادية والأمنية”، بحيث يعمد كل طرف سياسي وحزبي على ترتيب أوضاع مناطقه وتوفير الحاجات الأساسية من موادّ غذائية ومحروقات وكهرباء، إضافة إلى ضبط الأوضاع الأمنية المجتمعية بالتعاون مع البلديات والعناصر الحزبية، وقد بدأنا نشهد ذلك في بعض المناطق.

إقرأ أيضاً: لبنان الأفقر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

الخامس: حصول تطوّر سياسي أو عسكري غير تقليدي يدفع الجميع إلى العودة إلى الحوار وتشكيل حكومة جديدة وبدء الحصول على المساعدات الخارجية لإنقاذ الوضع، على الرغم من أنّ كلّ المؤشرات الحالية لا تشير إلى ذلك.

وفي ظلّ هذه المخاوف والتوتّرات فإنّ معظم البعثات الدبلوماسية الأجنبية والعربية العاملة في بيروت تتابع التطورات الجارية وتبحث عن حلول ممكنة، ولا سيما عبر التركيز على دعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية، أو توفير ما يمكن من مساعدات إنسانية لمنع الانهيار الشامل.

فهل يكون شهر أيّار شهر الانهيار أو شهر الإنقاذ؟

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…