(نيو لاينز ماغازين)
منذ تحرير جنوب لبنان في 25 أيّار سنة 2000، يتمسّك حزب الله بسبب وجوده، وهو كونه “مقاومة لبنانية”، فيزعم أنّ مزارع شبعا أرض لبنانية تحتلّها إسرائيل، بعدما واجه بقلق تداعيات الانسحاب الإسرائيلي، مع عدم وجود ما ستقاومة هذه “المقاومة. فكان السؤال: ماذا يمكن أن “نقاوِم”؟ وكيف يمكن لوكيل إيران اللبناني أن يبرّر بقاء ميليشيا مستقلة عن الجيش اللبناني؟
هذه الأسئلة أطلقها السفير فريدريك هوف، المستشار الأميركي الخاصّ للمرحلة الانتقالية في سوريا في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، كاشفاً في مقال حديث عن لقاءاته مع الرئيس السوري بشار الأسد، التي نفى خلالها الرئيس السوري لبنانيّة مزارع شبعا، وتمسّك بيقين غير قابل للشك بكونها سوريّة.
وكانت أُدرجت حجّة الحزب، التي كذّبها حليفه الأسد، في صلب مفاوضات السلام التي بدأت سنة 2009 وباءت بالفشل.
وفق هوف، تلوح ضرورة تناول هذه الحقائق اليوم، لأنّ لبنان “يكافح لإصلاح بل لإعادة تشكيل نظام سياسي لم يجلب سوى الفشل والبؤس”، ويقول: “حان الوقت لإلقاء الضوء على الادّعاءات الزائفة لمحرّك رئيس في الانهيار السريع للبلاد: حزب الله”.
ويتابع: “لعلّ أكثر الأشياء التي لا تُنسى خلال محاولتي التوسّط في السلام بين سوريا وإسرائيل، هو الاستماع إلى الرئيس السوري بشار الأسد، وهو يشرح لي تبرير حزب الله، بعد أيّار 2000، لاحتفاظه بسلاحه من خلال ادّعائه أنّ إسرائيل لا تزال تحتلّ الأراضي اللبنانية في “مزارع شبعا” و”تلال كفرشوبا”، وقول الأسد حينذاك إنّ هذا الادّعاء خطأ. وكان تفسيره واضحاً: “الأرض المعنيّة سوريّة”. وقد حدث ذلك خلال اجتماع فردي في قصر تشرين في 28 شباط 2011.
أُدرجت حجّة الحزب، التي كذّبها حليفه الأسد، في صلب مفاوضات السلام التي بدأت سنة 2009 وباءت بالفشل
التزام الأسد بإنها “المقاومة” في لبنان
وأوضح الأسد لهوف أنّه “مقابل معاهدة سلام تنصّ على استعادة سوريا من إسرائيل جميع الأراضي التي فقدتها خلال حرب حزيران 1967، سيحلّ علاقة سوريا العسكرية مع إيران، ويلزم لبنان بالتوصّل إلى سلام مع إسرائيل”، مؤكّداً أنّ “حسن نصر الله سيقضي على “مقاومة” منظّمته، التي ستتماشى مع أحكام معاهدة السلام اللبنانية – الإسرائيلية، المرتقبة بعد توقيع المعاهدة السورية – الإسرائيلية”.
وحين سأل الأسد: “هل يتطلّب تخلّي نصر الله عن “المقاومة” نقل مزارع شبعا إلى لبنان”؟ فكانت إجابته قاطعة: “كلّا. فالخرائط أظهرت بوضوح أنّ شبعا سوريّة، وما إن تستعيد سوريا أراضيها من إسرائيل، ستجري محادثات مع لبنان حول التعديلات المحتملة على الحدود، وصكوك ملكية الأراضي، ومَن أصدرها”.
وخلال المفاوضات، أراد نتنياهو التأكد من “التزام الأسدِ السلامَ، وإعادة التوجيه الإقليمي لسوريا. وكان يعرف أن ثمن السلام هو الاسترداد الكامل للأراضي. لكنّ احتمال قطع سوريا لعلاقاتها العسكرية مع إيران وحزب الله وحماس أثار اهتمامه بشدّة”، إذ كان يلخّص معياره بـ”التزام الأسد قطع العلاقات التي تعرّض الأمن الإسرائيلي للخطر”. وظلّ نتنياهو متشكّكاً في نيّة الأسد، فكلّف فريدريك هوف تقويم التزام الأسد بالسلام مع إسرائيل، خلال اجتماع في القدس سنة 2011.
“وكان الأسد صريحاً بشكل غير عادي في رغبته المعلنة بإسقاط العلاقة العسكرية السورية مع إيران. وتوقّع أن تتبع معاهدة السلام بين سوريا وإسرائيل معاهدة لبنانية – إسرائيلية، وأنّ الخاسريْن – إيران وحزب الله – سينسجمان بسهولة معها”، وفق هوف.
خلال المفاوضات، أراد نتنياهو التأكد من “التزام الأسدِ السلامَ، وإعادة التوجيه الإقليمي لسوريا. وكان يعرف أن ثمن السلام هو الاسترداد الكامل للأراضي. لكنّ احتمال قطع سوريا لعلاقاتها العسكرية مع إيران وحزب الله وحماس أثار اهتمامه بشدّة”
لهذا السيناريو سابقة حدثت عندما ازداد الحديث عن انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان في عهد رئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود باراك في 1999، وأطلق حزب الله آنذاك شعار “لم تنتهِ المقاومة”، رابطاً العمل المقاوم بـ”القرى الشيعية السبع”. هذه القرى التي تقع فعليّاً شمال فلسطين، انفصلت عن لبنان خلال ترسيم الحدود الأنغلو – فرنسية في 1924. ثم انتقل القرويّون إلى لبنان إبّان نكبة 1948. وقد روّج الحزب لوجوب إعادة القرى السبع إلى لبنان، لأنّ عدم انصياع إسرائيل سيبرّر استمرار “المقاومة” المسلّحة.
إقرأ أيضاً: عون يطلق “شبعا البحرية”: توقيع وزير الأشغال باطل
وحين سأل هوف “رئيس الوزراء سليم الحص سنة 2000 عن موقف حكومته من قضية القرى السبع، كان موقفه مشوباً بالحيرة والإحراج”.
بدوره، كان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان (197 – 2001) يلاحظ أنّه “لمدة 22 سنة في نطاق عمليات اليونيفيل”، وافق لبنان على ما يعكسه الخط الأزرق من فصلٍ لأراضيه عن مرتفعات الجولان المتضمّنة مزارع شبعا”. وأكّد أنّ “سوريا صادقت على الخطّ بين لبنان والجولان الموجود في اتفاق فكّ الارتباط مع إسرائيل لسنة 1974. وأظهرت جميع الخرائط تقريباً – واحدة منها مصوّرة على العملة اللبنانية – أنّ مزارع شبعا ومنحدرات جبل حرمون هي خارج نطاق لبنان.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا