هل فعلاً فشلت القبّة الحديدية الاسرائيلية؟

مدة القراءة 5 د

لم يكن مشهد الحافلة المُحترقة في شوارع تلّ أبيب، والأضرار التي التقطتها عدسات الكاميرات بعد القصف الصّاروخي من غزّة مشاهد عابرة. وإن خفتت أصوات الانفجارات التي دوّت بعد دفعة من 130 صاروخًا عبرت مسافة 80 كلم من القطاع نحو عاصمة الكيان العبريّ، إلّا أنّ الأسئلة حول فعاليّة “نظام القبّة الحديديّة” باعتراض الصّواريخ بدأت بالتبادر فوراً إلى أذهان المراقبين والمتابعين.

هل استطاعت القبّة الحديديّة اعتراض صواريخ “حماس” و”الجهاد”؟ أم أنّ الحركتين نجحتا في التّحايل على فخر الدّفاعات الإسرائيليّة؟

بعد حرب تمّوز 2006 وإطلاق حزب الله آلاف الصّواريخ نحو الأراضي المُحتلّة، اختار وزير الدفاع الإسرائيلي يومها عمير بيرتز نظام “القبة الحديديّة” كحلّ لإبعاد خطر الصّواريخ قصيرة المدى عن إسرائيل من لبنان وقطاع غزّة وأي جبهة مُحتملة أخرى.ومنذ ذلك الحين، بدأ العمل على تطوير النّظام الدّفاعي الذي بلغت كلفته 210 مليون دولار بمساهمة أميركيّة، ودخَل الخدمة الفعليّة منتصف عام 2011.

تقوم فكرة “القبّة الحديديّة” على اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية من عيار 155 ملم، في مدىً يصل إلى 70 كم، يعمل في مختلف الظروف عبر رادار ونظام تعقب وبطارية تضمّ 20 صاروخًا اعتراضياً. بينما يستعمل الجيش الإسرائيلي نظاميّ “مقلاع داوود” و”السّهم” للتصدّي للصّواريخ ذات المدى البعيد والطّائرات الحربيّة والمُسيّرة.

هل استطاعت القبّة الحديديّة اعتراض صواريخ “حماس” و”الجهاد”؟ أم أنّ الحركتين نجحتا في التّحايل على فخر الدّفاعات الإسرائيليّة؟

بعد 3 سنوات على دخولها الخدمة، كان الاختبار الأوّل الجدّيّ للنظام القبّة الحديديّة في مواجهة 2014، التي شهِدَت إطلاق ما مجموعه 4.565 مقذوفاً من قطاع غزّة. وقد نجحت “القبّة الحديديّة” في اعتراض 735 منها أي ما نسبته 16% فقط. ومنذ ذلك الحين، بدأ العمل على تطوير الـSoftware المُشغّل لها، لتصل نسبة الاعتراض مؤخّراً إلى 80-90%، في الأيّام الأخيرة عبر إطلاق الصّواريخ من قطاع غزّة.

لكن كيف استطاع الفلسطينيّون أن يصيبوا أهدافاً إسرائيليّة على الرّغم من وجود “القبّة الحديديّة”؟

في قراءة لمُجريات الأحداث بين فصائل قطاع غزّة وإسرائيل، يتبيّن أنّ الفلسطينيين لجأوا إلى زيادة كمّيّة الصّواريخ المُطلقة نحو الدّاخل المُحتلّ. إذ استهدفت حماس مدينة تل أبيب بما يزيد عن 135 صاروخاً دفعةً واحدة. وهذا يُفسّر لجوء حماس إلى الرّشق المُكثّف للتحايل على القبّة الحديديّة. إذ إنّ اعتراضَ 90 صاروخ من أصل 100 سيسمح لـ10 صواريخ بالوصول إلى هدفها، وبالتّالي تكرّر المَشهد الذي شوهد مساءَ أمس في تلّ أبيب.

سيناريو القصف المُكثّف نحو تلّ أبيب لم يكن الوحيد في هذه المواجهة. إذ سبقه رشقات من عشرات الصّواريخ نحو مدينة عسقلان التي تبعد أكثر من 30 كلم عن قطاع غزّة. وهنا يكمن سرّ وصول صواريخ حماس والجهاد نحو الدّاخل الإسرائيلي، وإظهار القبّة الحديديّة بمشهد العاجز عن تأمين الحماية بنسبة 100% للمستوطنين الإسرائيليين.

وبحسب الأرقام الإسرائيليّة، فإنّ القبّة تمكّنت من اعتراض 850 صاروخاً من أصل 1000 تمّ إطلاقها من قطاع غزّة يوميّ الاثنين والثلاثاء من قطاع غزّة.

سيناريو القصف المُكثّف نحو تلّ أبيب لم يكن الوحيد في هذه المواجهة. إذ سبقه رشقات من عشرات الصّواريخ نحو مدينة عسقلان التي تبعد أكثر من 30 كلم عن قطاع غزّة

المُفارقة التي ظَهرَت اليوم، أنّ حركتي حماس والجهاد المُموّلتين من إيران، استطاعتا إطلاق أكثر من 500 صاروخٍ في اليوم، أي ضعفَ ما كانت تُطلقه الحركتان في المواجهة الأخيرة عام 2014. وهذا يدلّ على تخمةٍ صاروخيّةٍ في قطاع غزّة. إذ كانت الاستخبارات الإسرائيليّة تُقدّر مخزون الصّواريخ طويلة المدى في غزّة ببضعِ مئاتٍ، وذلك قبل أن تعمد حماس على إطلاق 130 صاروخٍ من هذه الصّواريخ، لتفتح السّؤال عن مدى دقّة المعلومات التي تمتلكها تلّ أبيب عن الترسانة الصّاروخيّة في غزّة، وبطبيعة الحال لبنان الذي يضمّ “حزب الله” الذي ينال من إيران أضعافاً من الصّواريخ والتّمويل والدّعم..

إقرأ أيضاً: متى تنطلق صواريخ الحزب من الجنوب؟

وهذه المسألة طرحتها صحيفة “جيروزاليم بوست” إذ سألت عن عدد الصّواريخ التي يُمكن أن يُطلقها حزب الله يومياً من لبنان في أي مواجهة مُقبلة. فتقديرات الاستخبارات كانت تشير إلى قدرته على إطلاق 1000 صاروخٍ في اليوم، وهذا من أسباب تجنّب الجيش الإسرائيلي الدّخول في معركة مع الحزب، بحسب ما جاء في الصحيفة.

ما يحصل في غزّة، قد يشير إلى أنّ إيران وحزب الله يختبران فعاليّة “استراتيجيّة التّخمة الصّاروخيّة”، ونسبة اعتراض القبّة الحديديّة للصواريخ المُطلَقة من غزّة. وفي الوقت عينه، يحاول الإيرانيّون والحزب إعطاء نموذج مُصغّر للإسرائيليين عن أيّ مواجهة مُحتملة معهما أو مع أحدهما، وذلك في محاولةٍ لإبعاد شبح الحربِ المُتجسّد في المناورة العسكريّة الإسرائيليّة التي بدأت الأحد الماضي والتي حذّر منها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في خطابه يوم الجمعة الماضي وعلّقتها صواريخ حماس والجهاد يوم الاثنين…

 

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…