24 ساعة تفصل اللبنانيّين عن يوم الاثنين، موعد “اللقاء المرتقب”، بين رئيس الجمهوريّة ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، وسط تسريبات تنقل عن لسان مصادر وأوساط، فيما يغيب أيّ موقف صريح باستثناء التهدئة التي أوحى بها الحريري في كلامه بعد زيارته بعبدا التي حملت الرقم 17.
فهل يحمل الموعد رقم 18 انفراجاً حكوميّاً يعيد قليلاً من الاستقرار أم الأجواء التفاؤليّة تبدّدت بعد خطاب الـ90 دقيقة للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، الذي حمل توجيهات حكومية وتحذيراً من الحرب الأهلية؟
الأجواء لا تبشّر بالخير.
فنائب رئيس تيّار “المستقبل” النائب السابق مصطفى علّوش لا يبدي تفاؤلاً بـ”يوم الإثنين”، واضعاً الأمور “على لائحة الانتظار”. إلى ذلك يستعيد علّوش، في حديث إلى “أساس”، تاريخ العلاقة بين رئيس الحكومة المكلّف ورئاسة الجمهورية، قائلاً: “استناداً إلى التجربة، قد لا يأتي اللقاء بأيّ جديد. فالأهداف التي يسعى إليها رئيس الجمهوريّة هي نفسها، وتدور حول كيفية تعويم جبران باسيل وإدخاله في أيّ تركيبة مستقبلية والحفاظ على قدرته على إسقاط الحكومة من خلال الثلث المعطّل”.
وقد أوحى اللقاء الأخير بين الحريري وعون – وفق علّوش – ببعض التفاؤل، لكنّ خطاب الأمين العام لحزب الله ترك في المقابل انطباعاً مغايراً وأحبط هذه الأجواء: “كلام نصرالله لا يبشّر بإنجاز الكثير، فمن الواضح أنّه شجّع رئيس الجمهورية على رفض أيّ معادلة مطروحة لتشكيل حكومة من المستقلّين، دافعاً إلى حكومة على الطريقة التقليديّة فشلت عبر سنوات، وهذا لا يمكن أن يقبل به سعد الحريري”.
هل يحمل الموعد رقم 18 انفراجاً حكوميّاً يعيد قليلاً من الاستقرار أم الأجواء التفاؤليّة تبدّدت بعد خطاب الـ90 دقيقة للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، الذي حمل توجيهات حكومية وتحذيراً من الحرب الأهلية؟
وفي ما يتعلّق بتحذير نصرالله من الذهاب إلى حرب أهلية، يردّ علّوش: “الحرب الأهليّة تحتاج إلى أطراف عديدة، والطرف الوحيد القادر على إيذاء الآخرين وقتلهم هو حزب الله، لأنّه حزب منظّم ويبني نفسه على أساس القوّة العسكرية، ولا قوّة تضاهي حزب الله ولا مسلّحين منظّمين في مواجهته، لذلك هو يلوّح عملياً بالقمع، قمع اللبنانيّين الآخرين كما حصل في السابع من أيّار عندما نفّذوا غزوة. وإذا كان هذا هو التلويح فبالطبع سيفتح الباب أمام المجهول. أما إذا دامت له السلطة وهو على خلاف وصدام مع العرب، فسيصبح لبنان ساحةً، وليس ساحة حرب أهلية بل ساحة حرب ومواجهة، فيزيد الوضع تأزّماً. وأما إذا فتح الباب نحو الفوضى سيصبح لبنان حينها منطقة غير آمنة تسبّب ضرراً وأذيّةً للخارج الإقليمي وربما الدولي، وهذا ما سيشرّع الأفق من جديد أمام تدخّل دولي”.
“تلميح نصرالله لا يعني لنا ولا يخيفنا ولا يجعلنا نشعر بالرهبة”، يؤكد علّوش، مضيفاً: “الخوف الأساسي هو على مستقبل أولادنا ومستقبل الناس، وقناعتنا أنّ وقف الانهيار يكون من خلال حكومة تعالج الواقع القائم”.
لا ينفي علّوش أنّ الفوضى أمرٌ واقعٌ فـ”البوادر واضحة في الشوارع، من خلال بعض الأعمال العنيفة والسرقات واليأس والحرق”، محذّراً من اللحظة الأصعب “حين تتفكّك القوى الأمنيّة بسبب الوضع المعيشي، وهذا ما حذّر منه قائد الجيش منذ أسبوعين، ولم يكن التحذير من فراغ بل أساسه الواقع، فعدم استطاعة الجندي أو عنصر الأمن أن يصل إلى موقعه بسبب كلفة الانتقال ستكون مقدّمة لانفجار الفوضى في لبنان”.
“تلميح نصرالله لا يعني لنا ولا يخيفنا ولا يجعلنا نشعر بالرهبة”، يؤكد علّوش، مضيفاً: “الخوف الأساسي هو على مستقبل أولادنا ومستقبل الناس، وقناعتنا أنّ وقف الانهيار يكون من خلال حكومة تعالج الواقع القائم”
خرجت الكثير من التسريبات عن اللقاء الأخير بين عون والحريري: هل تخلّى عون عن الثلث المعطّل وحقيبة الداخليّة؟
يجيب علّوش: “لا معطيات، ولم يكن هناك التزام بأيّ اقتراح. وكي لا أدلي بتوقّعات وأدخل في جدل، كل ما أستطيع قوله أنّه كان حواراً لكن من دون التزامات. وعلينا أن نتابع مجريات يوم الاثنين لنرى إن كان هناك أيّ التزامات”.
وعمّا إذا كانت الهدنة ستبقى مستمرّة بين عون والحريري، يجيب علّوش: “بصراحة أتوقّع أن يستمرّ السجال، وبالمجمل فإنّ الرئيس الحريري لا يدخل في أيّ سجال إلاّ في مجال الردّ، وقد قال لرئيس الجمهوريّة إنّ عليه أن يصارح اللبنانيّين لماذا لا يريد حكومة من المستقلّين. والقضيّة في يد رئيس الجمهوريّة، لكن نحن نقف فوق رمال متحرّكة ونغرق أكثر وأكثر ولا نملك ترف الانتظار”.
إقرأ أيضاً: حكاية الانقلاب الذي بدأ في بعبدا… بأمر من حارة حريك
وفي الختام يؤكّد علّوش عند سؤاله عن إمكان اعتذار الحريري وعن معادلة الاعتذار مقابل استقالة رئيس الجمهوريّة، وهي المعادلة التي طرحها النائب نهاد المشنوق، فيجيب موافقاً على كلام وزير الداخلية الأسبق، بأنّ “اعتذار الحريري في هذه المرحلة غير مطروح”، مذكّراً بما “حصل في العام 1952، وما حصل بين بشارة الخوري وصائب سلام”، التي نشرها المشنوق في تغريدة له. ويختم حديثه بأنّ “الحقّ الدستوريّ للرئيس المكلّف يوازي حقّ رئيس الجمهوريّة، وليس بينهما من حقّه أقوى في دستور الطائف، لكن لا أظن أنّ هذا الكلام سيجد له آذاناً صاغية عند رئيس الجمهوريّة”.