حالة فيكتوريا ماتسكوفا الروسية: هل نسلّمها إلى الجلّاد؟

مدة القراءة 5 د

في لبنان كلّ شيء ممكن. ولأنّه بلد العجائب، إليكم حكاية فيكتوريا ماتسكوفا الغريبة.

لم تُدرك فيكتوريا (31 عاماً)، الروسية الأصل، واللاجئة منذ أعوام كثيرة في بلجيكا نظراً إلى معارضتها وعائلتها للنظام الروسي، أنّ زواجها من مواطن شيشاني سيفتح عليها “أبواب الجحيم”.

سعادة فيكتوريا الزوجية لم تدم طويلاً، فبعد إنجابها طفلين، أجبرها زوجها الذي أصبح تابعاً لتنظيم داعش، على السفر معه إلى سوريا عام 2013، واضطرت إلى الرضوخ بعدما هددها مراراً وتكراراً بخسارة طفليها.

بعد وصول فيكتوريا إلى سوريا بمدّة، قتل زوجها. لكنّ جحيمها لم ينتهِ هنا. فقد أجبرها تنظيم الدولة الإسلامية” على الزواج من اللبناني بدر محمد محمد، الذي كان منتمياً إلى صفوفه، وهو من إحدى بلدات عكار (مرفقة بياناته في الوثائق).

رُزِقَ بدر وفيكتوريا بطفلين توأم: بلال وسارة، عام 2017، فما كان من بدر إلا أن اتخذ قراره بالهروب من سوريا إلى لبنان وتسليم نفسه إلى السلطات هناك، عسى أن تحصل زوجته وطفلاه على حياة كريمة في كنف عائلته.

سعادة فيكتوريا الزوجية لم تدم طويلاً، فبعد إنجابها طفلين، أجبرها زوجها الذي أصبح تابعاً لتنظيم داعش، على السفر معه إلى سوريا عام 2013، واضطرت إلى الرضوخ بعدما هددها مراراً وتكراراً بخسارة طفليها

بالفعل عاد الزوجان إلى لبنان في 2020، وسلّم بدر نفسه فوراً إلى السلطات، وملفه اليوم على طاولة المحكمة العسكرية. أما فيكتوريا فعاشت حياة طبيعية، حتى قررت وعائلة زوجها الذهاب إلى الأمن العام لاستصدار أوراق رسمية لها ولطفليها بتاريخ  في 11  كانون الأوّل 2020، وخلال الإجراء التقليدي المتعلق بطلب النشرة، كانت المفاجأة بوجود مذكرة توقيف صادرة عن الإنتربول الدولي بحقّها بتاريخ 15 تشرين الثاني 2020، تقضي بتسليمها إلى روسيا. وهي منذ ذاك التاريخ موقوفة لدى الأمن العام اللبناني، بتهمة التعامل مع “داعش”.

المحامي محمد صبلوح، وهو وكيل فيكتوريا، طالب النيابة العامة التمييزية في لبنان بعدم تسليمها، مستنداً بذلك إلى نصوص القانون اللبناني والاتفاقيات الدولية، خاصة المادة الثلاثين من قانون العقوبات اللبناني التي تنصّ على أن لا يسلّم أحد إلى دولة أجنبية إلا إذا كان ذلك تطبيقاً لمعاهدة لها قوّة القانون. والمادة الثالثة من القانون الأساسي للإنتربول، والمادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب، تمنع أيّة دولة من طرد أيّ شخص أو إعادته أو تسليمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنّه سيكون في خطر التعرّض للتعذيب، فضلاً عن عدم وجود اتفاقية بين لبنان وروسيا لتسليم مطلوبين.

صبلوح وفي حديث لـ”أساس”، يستذكر قصّة كارلوس غصن، وكيف امتنعت السلطات اللبنانية عن تسليمه إلى اليابان بعد هروبه من السجن لعدم وجود اتفاقية تبادل بين الدولتين.

وفيما يتعلق بالمادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب، يسرد صبلوح لـ”أساس” الظروف القاهرة التي قد تعانيها فيكتوريا في روسيا بسبب معارضتها للنظام، موضحاً أنه قدّم كتاباً في هذه المسألة إلى الفريق العامل في مناهضة التعذيب التابع للأمم المتحدة في جنيف، وأنّ هذا الفريق أرسل بدوره كتاباً إلى الحكومة بعدم تسليم فيكتوريا، وقد تسلّمته الحكومة في الأوّل من شباط 2021، وفي حال لم تستجب السلطات اللبنانية لمضمون الكتاب فسوف يُنشر رسمياً بعد شهرين على مواقع الأمم المتحدة.

حصل “أساس” على نسخة من كتاب وجّهه والدا فيكتوريا إلى مكتب الأمم المتحدة في لبنان، وطلبا بموجبه عدم تسفير ابنتهما بالتبنّي إلى روسيا، نظراً إلى كونهما لاجئين في بلجيكا وتسفيرهما إلى بلدهما الأصلي سيعرّض سلامتهما الشخصية للخطر.

 

المحامي صبلوح، من جهته، لا يطلب البراءة “العمياء” لموكلته، وكل ما يريده هو العدالة،  والاطّلاع على كامل أوراق الدعوى، والتحقيق مع المُدّعى عليها للتأكّد من مدى ثبوت التهمة، ومحاكمتها على الأراضي اللبنانية.

صبلوح وفي حديث لـ”أساس”، يستذكر قصّة كارلوس غصن، وكيف امتنعت السلطات اللبنانية عن تسليمه إلى اليابان بعد هروبه من السجن لعدم وجود اتفاقية تبادل بين الدولتين

ويوضح صبلوح أنّه قدم كتاباً (مرفقاً بالمقال) إلى النيابة العامة التمييزية وإلى وزيرة العدل كلود نجم وإلى رئيس الحكومة حسان دياب، يشدّد على ضرورة رفض طلب تسليم فيكتوريا إلى السلطات الروسية. ويربط هذا الطلب بوقائع تضاف إلى الأسباب الإنسانية. فروسيا كانت قد رفضت بعد انفجار 4 آب والكارثة الكبرى التي نجمت عنه، تسليم النيابة العامة في لبنان مالك السفينة ايغور غريتشكوين وقبطانها بوريس بوركوشيف بسبب غياب أرضية قانونية.

[PHOTO]

وقد فوجئ صبلوح بالرأي الذي أبداه ممثل النائب العام التمييزي القاضي عماد قبلان بعد التحقيق مع فيكتوريا، إذ طالب بتسليمها إلى السلطات الروسية.

مصير فيكتوريا اليوم بيد الحكومة اللبنانية التي تسلّمت كتاب المحامي صبلوح، فهل تلتزم الحكومة بالقوانين وتحاكم فيكتوريا ضمن الأراضي اللبنانية؟ أم تخالف كل النصوص والاتفاقيات فترسلها إلى روسيا حيث الخطر ينتظرها؟

إقرأ أيضاً: أيزيديات اغتصبهنّ داعش: معضلة الأطفال… بين القتل والهجرة

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…