بعد القرار “السيادي”، الذي اتّخذه وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، بتلقيح عدد من النواب في البرلمان، عبر فرق وزارة الصحة من خارج أولويات المنصّة، أصدرت قاضية الأمور المستعجلة في بيروت، كارلا شواح، قرارًا يُلزم الوزارة بإعطاء اللقاح للمواطن جوزيف الحاج خلال 48 ساعة، تحت طائلة دفع غرامة مالية وقدرها 10 ملايين ليرة عن كل يوم تأخير. في سابقة غير معهودة، جعلت اسم القاضية على كلّ لسان في لبنان.
وكان نجل جوزيف، المحامي فادي الحاج، قد تقدّم بدعوى طالب بموجبها بإعطاء لقاح كورونا فورًا لموكله، وذلك تحت طائلة غرامة مالية إكراهية، مع حفظ حقّه بتقديم دعوى بوجه وزارة الصحة والنواب والمدراء العامين الذي تلقّوا اللقاح، أمام محكمة الأساس، في حالة تعرّضت صحّة والده لأيّ انتكاسة.
المحامي الحاج وفي حديث لـ”أساس”، أكّد أنّ والده هو من الفئة الأكثر تعرّضًا للإصابة بجائحة كورونا، وأنّه ثمانيني (مواليد 1941) ويعاني انسدادًا في الشريان الرئيسي في قدمه اليسرى، وعليه الخضوع للعلاج الطبي طيلة حياته.
الحاج الذي دعّم الادعاء المقدّم منه بتصريحات رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري، الذي لوّح في حينها باستقالته احتجاجًا على ما أسماه بـ”دق الإسفين في نعش خطة التلقيح”، واصفًا واقعة تلقيح النواب بـ”الأمر الفظيع” و”الخرق الذي لا يمكن السكوت عنه” و”التمييز بين المسؤولين والمواطنين”، أشار في السياق نفسه إلى خروق تحصل يوميًّا في مراكز التلقيح. وأوضح لموقعنا أنّه قد أودع القرار الصادر عن القاضية كارلا شواح، “لدى هيئة القضايا بوزارة العدل، وهذه الهيئة هي التي تمثّل الوزارات وهي الوكيلة القانونية”.
المحامي الحاج وفي حديث لـ”أساس”، أكّد أنّ والده هو من الفئة الأكثر تعرّضًا للإصابة بجائحة كورونا، وأنّه ثمانيني (مواليد 1941) ويعاني انسدادًا في الشريان الرئيسي في قدمه اليسرى، وعليه الخضوع للعلاج الطبي طيلة حياته
وأشار الحاج إلى أنّ “مهلة الـ48 ساعة التي خلص إليها القرار القضائي، تبدأ عند استلام الوزارة المعنية هذا القرار، وليس عند إيداعه من قِبلنا لدى الهيئة”.
لكن لماذا لم يتم الادّعاء مباشرةً على وزير الصحة، وهو الذي اعترف علنًا بهذه الواقعة ووصفها بـ”السيادية”؟
يردّ الحاج: “اليوم ادّعينا لأخذ اللقاح، واحتفظنا بحقّنا في حال استجدّ أيّ شيء باتخاذ الإجراء، وهذا التحفّظ أرفقناه بالقرار. الشكوى اليوم جاءت بسبب أخذ دورنا، وهذا الطريق يمكن أن يسلكه كل من يرى أنّ دوره باللقاح قد تجاوزه غيره. واخترنا الطريق الأقصر، وسلكنا إجراءً قضائيًّا مهمًّا، المسمّى “أمر على عريضة” لدى قضاء العجَلة، ويتم بموجبه أخذ القرار على الملف المقدّم من قِبلنا من دون دعوة الخصم، كون الملف يعتبر أنّ هناك ضرورة قصوى وخطرًا داهمًا”.
ولا يُنكر الحاج أنّ الادّعاء في هذه المرحلة على الوزارة أو الوزير، كان سيؤدّي إلى مسار قضائي طويل: “كنّا سننتهي من اللقاح، ومن الكورونا، قبل أن نصل إلى نتيجة. هناك دفوع شكلية واستئناف دفوع، وقد نشهد حتّى تغيير القاضي للارتياب المشروع كما حصل مع القاضي فادي صوّان وغير ذلك…”.
الحاج: مهلة الـ48 ساعة التي خلص إليها القرار القضائي، تبدأ عند استلام الوزارة المعنية هذا القرار، وليس عند إيداعه من قِبلنا لدى الهيئة
القرار القضائي الذي حصل عليه المواطن جوزيف الحاج، يذكّرنا بقرارات عدّة صدرت في أزمة المواطنين المودعين مع المصارف، فاستطاع البعض الحصول على أموالهم، فيما ضاعت ودائع الآخرين.. هذه الوقائع تدفعنا لأن نسأل: لماذا لا يحمل المحامون ملفّ اللقاح لحفظ حقوق جميع المواطنين، خصوصًا الذين لا يدركون أنّ بإمكانهم الادّعاء أو حتى لا يملكون المال الكافي لتوكيل محامٍ؟
إقرأ أيضاً: التشكيلات القضائية… بانتظار الرئيس المقبل!
يؤكد المحامي فادي الحاج في هذا الإطار أنّ “المحامي دوره حمل قضية كلّ مظلوم وصاحب حق، وهذه رسالتنا، وفي الوقت نفسه رسالة القضاء إيصال الحقّ لأصحابه. ومن لا يملك القدرة المادية ليوكّل محاميًا هناك في نقابة المحامين ما يسمى بـ”المعونة”. بإمكانه تقديم طلب إليها لتعيين محامٍ مجانًا. ولكن نحن كمحامين لا نستطيع المضي بأيّ دعوى، فالدعوى تحتاج إلى صفة ومصلحة كي تُرفع، هذان الشرطان أساسيّان. لا يمكننا رفع دعوى بالمطلق. في هذه الحالة يمكن فقط تقديم إخبار في النيابة العامة التمييزية”.
ويختم الحاج بالقول: “مهما كانت الأمور صعبة، المحامون الصالحون موجودون وكذلك القضاة، وهؤلاء إن تكاتفوا معًا يمكن فكّ المنظومة التي تحمي كل مرتكب من قِبل مرجعية سياسية معنية”.
في هذا الوقت، احفظوا اسم هذه القاضية جيّدًا: كارلا شوّاح.
القرار القضائي الصادر