الاستسلام؟… بتوقيع أميركي فرنسي؟

مدة القراءة 3 د

“استسلموا للقاتل”، هذا ما قالته لنا فرنسا حين امتنعت عن إرسال أيّ ممثّل لها إلى مأتم لقمان سليم. والزيارة اللاحقة للسفيرة كانت “رفع عتب”، خالية من أيّ انفعال سياسي أو ثقافي. كان الغياب الفرنسي مدوّيًّا. فـ”دمُ الثوّار تعرفه فرنسا، وتعلمُ أنّه نورٌ وحقُّ”.

“استسلموا للقاتل”، قالت لنا فرنسا، الباحثة عن مصالحها النفطية والسياسية. وربما هذا ما سيفعله البعض في النهاية. فبين خيار السباحة في دمائنا، وبين خيار الاستسلام، كلّ الطبقة السياسية، وعلى رأسها سعد الحريري وسمير جعجع ووليد جنبلاط، فضّلت الصمت، بعدما تواروا في جحورهم المذهبية وتركوا البلاد أمام خطر الصمت.

المطلوب الآن هو الصمت. لا تقولوا شيئًا. لا عن تفجير المرفأ. ولا عن المافيا. ولا عن الميليشيا. ولا عن قتل لقمان سليم. ولا عن السعي إلى تكبيل لبنان.

يستدعي الحزب الحاكم ممثلي التلفزيونات إلى الفلقة. يخوّفهم ويغادر.

يخرج الزعيم ليهدّد. ثم تخرج أذرعه الإعلامية للتنكيل بالقتيل وتخويف زملائه. ثم يخرج علينا معارض سابق تاب إلى ربه وحزبه، ليؤستِذ علينا بكيفية الدخول في دين الله أفواجًا.

فرنسا لا ترى غير السلاح، وشركات النفط التي تلوح لماكرون في مياه بحرنا. لا مانع أن يختلطَ الدمُ بالماء. غالبًا ما يختلطُ النفطُ بالدماء

“استسلموا للقاتل”، هذا ما قالته لنا آلهة الديمقراطية، ممثّلةً برئيسها الجديد، جو بايدن، حين كافأ الحوثيين برفعهم عن لوائح الإرهاب، ودماء لقمان كانت لا تزال رطبة على تراب الجنوب.

وربما هذا ما سيفعله كثيرون في النهاية.

قد نتوقف عن الكلام. فالمطلوب هو الصمت.

غدًا سيأتي طالبُ الصمتَ ليطلب منّا أن نمتدحه. بعدها أن نصفّق له. وربما في النهاية سيقتلنا لمجرّد المتعة. ففي النهاية، ما نحلم به من حرية شُبّه لنا أنّ المجتمع الدولي سيحميها، هي سراب وأحلام. وربما يكون فعلًا من رذائل الصهيونية، أن نقتنع أنّنا أحرارٌ في هذه البقعة المظلمة من العالم. حيث طيور الظلام تأكل ما تبقّى من أعمدة إنارة وحريّة.

ربما من الأفضل لنا أن نترك القرار والكلام، والرأي العام، لمن يحمل السلاح. ففي النهاية من يحمل السلاح الأكبر منه في الخارج – بايدن وماكرون مثلًا – يفضّل الحديث مع من يحملون السلاح في الداخل.

فرنسا لا ترى غير السلاح، وشركات النفط التي تلوح لماكرون في مياه بحرنا. لا مانع أن يختلطَ الدمُ بالماء. غالبًا ما يختلطُ النفطُ بالدماء.

وبايدن، آه من بايدن، يريد مصافحة المسلّحين، ويحبُّ رفقة الأقوياء. لا يريد أصدقاء ضعفاء في الشرق الأوسط، من صنعاء إلى بيروت ولو كانوا أهل الحق.

سيقول بعضنا إنّه من الأفضل أن نستسلم للقاتل. فهذه أيام المسلّحين، ونحن الذين لا نملك غير الكلام، علينا أن نحشره في جيوبنا، لئلا نقول كلامًا نابيًا.

أميركا وفرنسا تحبّان القوي. وتفضلان أن نستسلم له.

هل هذا يا رفاق ما يجب أن نفعله؟

الدعوة مفتوحة للنقاش.

إقرأ أيضًا: نريد حماية دولية…

مواضيع ذات صلة

تشدّد الرّياض: عودة عربيّة إلى نظام إقليميّ جديد؟

توحي نتائج القمّة العربية – الإسلامية بأوجه متعدّدة لوظيفة قراراتها، ولا تقتصر على محاولة فرملة اندفاعة إسرائيل العسكرية في المنطقة. صحيح أنّ القمّة شكّلت حاضنة…

الحرب الأهلية: هواجس إيقاظها بصورٍ كريهة

 اللغو اللبناني حول حظوظ البلد بارتياد آفاق حرب أهلية جديدة، ارتفع. قد يكون هذا الارتفاع على وسائل التواصل الاجتماعي سببه “شامت” بالوضع أو رافض لـ”الرفق”….

الرياض: حدثان اثنان لحلّ لبنانيّ جذريّ

في الأيّام القليلة الماضية، كانت مدينة الرياض مسرحاً لبحث جدّي وعميق وجذري لحلّ أزمات لبنان الأكثر جوهرية، من دون علمه، ولا علم الباحثين. قسمٌ منه…

الحزب بعد الحرب: قليل من “العسكرة” وكثير من السياسة

هل انتهى الحزب؟ وإذا كان هذا صحيحاً، فما هو شكل اليوم التالي؟ وما هي الآثار السياسية المباشرة لهذه المقولة، وكذلك على المدى المنظور؟ وما هو…