السنيورة وحيداً… “جبهة” دون حلفاء

مدة القراءة 4 د

لم تنجح الجهود، التي استمرّت طيلة الأسابيع الماضية، في تشكيل جبهة معارضة جديدة لمواجهة العهد وحليفه الأساسي حزب الله، ولم يتم التوصل إلى ورقة سياسية موحدة تجمع قوى المعارضة من رؤساء حكومات سابقين وأحزاب وشخصيات سياسية ومؤسسات مجتمع مدني، رغم كل اللقاءات والنداءات والمواقف الداعية لذلك.

وبعد هذا الفشل لم يجد الرئيس فؤاد السنيورة سوى خيار العودة إلى إطلاق مبادرة خاصة، وحدَه، بعدما أجرى سلسلة اتصالات مع عدد من المرجعيات الدينية والسياسية.

فما هي دلالات مبادرة الرئيس السنيورة؟ وهل ستشكل دافعا لتجميع قوى المعارضة مجددا عشية الرابع عشر من شهر شباط في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟

بعنوان “مبادرة للعيش المشترك والدستور والإنقاذ الوطني”،  وصف الرئيس فؤاد السنيورة المشهد اللبناني بأنّه “حال غير مسبوقة من اللايقين الوطني، حتى في أيام الحروب الداخلية، بالتزامن مع انهيارات كارثية اقتصادياً مالياً ومعيشياً وصحياً ومؤسساتياً واقتصادياً، زادها تفاقماً الاستعصاء القائم في تشكيل حكومة جديدة، مما ينذر بفوضى اجتماعية عارمة وانهيار شامل…”

لم يجد الرئيس فؤاد السنيورة سوى خيار العودة إلى إطلاق مبادرة خاصة، وحدَه، بعدما أجرى سلسلة اتصالات مع عدد من المرجعيات الدينية والسياسية

وأضاف: “حال اللايقين تتمثل باهتزاز المرجعية الناظمة لحياة اللبنانيين في وطن ودولة، أي وثيقة الوفاق الوطني، اتفاق الطائف، والدستور، وأخطر ما في الوضع الراهن عجز القوى السياسية عن المبادرة في تحديد وجهة إنقاذية وطنية. فالمبادرة من أماكن أخرى ضرورية وممكنة، لأنّ الانتظار أخذ يغري بعض الأطراف بتمرير إقتراح انقلابي معلن على طبيعة النظام السياسي وصيغة العيش المشترك”.

لكنّ الجانب الأهم في المبادرة توصيفه للواقع السياسي والحزبي هي في  حديثه عن الانقسامات والخلافات التي تعيشها القوى التي كانت تنشط تحت اسم “قوى 14 آذار” وعدم وجود رؤية موحدة لديها، في حين أنّ “قوى 8 آذار” لا تزال تعمل ضمن مشروع سياسي موحد رغم الخلافات فيما بينها، كما قدّم رؤية دستورية وقانونية وسياسية لأهمية إتفاق الطائف وأهمية الحفاظ عليه وحمايته، معتبرا أنّ “هذه المبادرة ليست بديلاً عن الأحزاب والقوى والشخصيات بلهي  حافز للجميع للتحرك في إطار موحّد”.

المبادرة من أماكن أخرى ضرورية وممكنة، لأنّ الانتظار أخذ يغري بعض الأطراف بتمرير إقتراح انقلابي معلن على طبيعة النظام السياسي وصيغة العيش المشترك

ما تكشفه مبادرة الرئيس السنيورة هو حالة العجز الكامل لدى كل الأطراف والقوى السياسية اللبنانية. ورغم تحذيره من “مشروع انقلابي يقوم بتنفيذه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بدعم من حزب الله”، إلا أنّه لم يحدّد تفاصيل هذا المشروع، كما أغفل التباينات بين قوى 8 آذار وعدم وجود رؤية موحدة لديها، إضافة إلى الخلافات البارزة بين أركان هذا التحالف والتي برزت مؤخراً حول أسباب عدم تشكيل الحكومة، إضافة هناك خلافات أخرى حول قضايا كبرى. وهي دفعت حزب الله والتيار الوطني الحرّ إلى إعادة البحث في “التفاهم” بينهما، في حين أنّ تيار المردة وحركة أمل وغيرها من القوى السياسية والحزبية لديها مشاريعها الخاصة.

إقرأ أيضاً: 7 سيناريوهات لمعالجة الأزمة اللبنانية: أيها الأقرب للواقع؟

نحن إذن أمام انسداد سياسي وفكري ودستوري في المشهد اللبناني، ومن غير المعروف إذا كانت عودة تفعيل المبادرة الفرنسية في ظل المخاطر الأمنية والسياسية والاجتماعية  ستفتح الباب مجدداً أمام حلول سياسية وتشكيل حكومة جديدة.

إن اضطرار الرئيس فؤاد السنيورة لإطلاق مبادرته وحيداً من دون شركائه من رؤساء حكومات سابقين أو قوى سياسية وحزبية وهيئات مدنية أو دينية، كان يمكن أن تلاقيه في مساحة ما، دليل واضح على الأزمة الخطيرة التي يعانيها لبنان من اللايقين السياسي ومن المأزق الكبير الذي يحتاج إلى حلول غير تقليدية.

مواضيع ذات صلة

إسرائيل تتوغّل جنوباً: هذه هي حرّيّة الحركة!

بعد انقضاء نصف مهلة الستّين يوماً، الواردة في اتّفاق وقف إطلاق النار، ها هي القوّات الإسرائيلية تدخل وادي الحجير. ذلك الوادي الذي كان في عام…

الموقوفون الإسلاميّون… ملفّ أسود حان وقت إقفاله

عاد ملفّ الموقوفين الإسلاميين إلى الواجهة من جديد، على وقع التحرّكات الشعبية المطالبة بإقرار (العفو العام) عفو عامّ لحلّ هذا الملفّ، الذي طالت مأساته على…

الجماعة الإسلامية: انقلاب يقوده الأيّوبيّ ومشعل

إذا أردت أن تعرف ماذا يجري في “الجماعة الإسلامية”، فعليك أن تعرف ماذا يجري في حركة حماس،  وعلاقة الفرع اللبناني بالتحوّلات التي تشهدها حركة حماس……

لا تعهّد إسرائيليّاً بالانسحاب

قابل مسؤولون إسرائيليون الشكاوى اللبنانية من الخروقات المتمادية لقرار وقف إطلاق النار، بسرديّة مُضلّلة حول “الانتشار البطيء للجيش اللبناني في جنوب الليطاني، بشكل مغاير لما…