ما حقيقة ما يحصل على صعيد العلاقات بين المملكة العربية السعودية وتركيا؟ وهل هناك مباحثات على نار حامية لترتيب هذه العلاقات؟
أسئلة كثيرة تُطرح، خصوصاً بعد المصالحة الخليجية في قمة “العُلا” والترحيب التركي بهذه المصالحة.
المحلل السياسي السعودي محمد الساعد*، في تصريح خاص لـ”أساس”، رأى أنّ “العلاقات التركية السعودية سيئة من طرف واحدٍ هو الطرف التركي. ولعلّي أذكّر بأنّ ولي العهد قال ذات يوم في رسالة لم يلتقطها الأتراك، إنّه ما دام الملك سلمان موجوداً وما دام محمد بن سلمان موجوداً، فالعلاقات ستكون ممتازة مع تركيا. للأسف، لم تنتبه أنقرة، أو لنقل أخذها الغرور في التعامل مع الرياض. اليوم من المهم أن تعي أنقرة أنّها لن تأخذ دور الرياض ولا هي في موقع يؤهلها لذلك. وحجم الاستنزاف الذي قامت به أنقرة، أدّى إلى قصم ظهر اقتصادها، ولا عودة لتركيا لعلاقة سليمة مع المملكة إلا عبر تصفير مشكلاتها، وتجاوز الأحلام التوسعية”.
وحول ما يُقال عن مباحثات سعودية تركية تجري هذه الأيام، قال الساعد: “العلاقات لم تنقطع. فخلال اجتماع لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في النيجر قبل أسابيع، طلب وزير خارجية تركيا لقاء نظيره السعودي، وبالفعل تمّ اللقاء. نحن إذاً أمام خطوات بسيطة وإشارات ربما تورق ذات يوم، وتعيد العلاقة إلى مسارها الطبيعي. لكنّ الأمر في حاجة لمزيد من حسن النيات التركية تجاه ملفات عديدة (عربية وإسلامية وثنائية) مع الرياض التي تعبّر دائماً عن أملها بتحقيق تعاون إسلامي مع تركيا يكون مفيداً للجميع”.
العلاقات التركية السعودية سيئة من طرف واحدٍ هو الطرف التركي. ولعلّي أذكّر بأنّ ولي العهد قال ذات يوم في رسالة لم يلتقطها الأتراك، إنّه ما دام الملك سلمان موجوداً وما دام محمد بن سلمان موجوداً، فالعلاقات ستكون ممتازة مع تركيا
وحول المصالحة الخليجية في قمة “العُلا” قال: “المصالحة الخليجية في أساسها هي إعادة تموضع سياسي وأمني للمجلس في مواجهة تحدّيات وأخطار نجمت عن تغيّرات هائلة في المنطقة والعالم، بدأت مع كورونا ولم تنتهِ مع فوز بايدن وصقور اليسار في الولايات المتحدة الأميركية. والتغيّر يبدو واضحاً في العلاقة الصينية الأميركية، وما ينتج عنها من كسر عظم لا يزال مستمراً وسيتصاعد في المستقبل. وإذا كانت الفترة الماضية في العلاقات البينية الخليجية وُصفت بالخشنة، فالالتفاف إلى العلاقات التقليدية يؤكّد على الذكاء الخليجي في التعاطي مع المخاطر التي من المؤكد أنّها ستكون أشدّ قسوة، إذا لم تعد الدول الخليجية إلى قواعدها الأساسية في العلاقة ضمن قيم المجلس”.
إقرأ أيضاً: رسالة من “لبناننا” إلى “سعودية” محمد بن سلمان
وتابع قائلاً: “أفضل توصيف للمصالحة، هو وجوب الاتفاق على الأساسيات والتغافل عن الاختلاف في الملفات. فعلى كلّ دولة مسؤولية، هي أن لا تتحوّل تلك الاختلافات إلى مهدّدات أو تدخلات في الشأن الداخلي لأيّ دولة أخرى من دول المجلس. وأعتقد أنّ الأمر سيكون مرهوناً بالمستقبل القريب. فالأفعال وليس الاقوال، هي ما ستكشفه الأيام القادمة”.
ولجهة ما قيل عن تشكيل جبهة خليجية بوجه إيران قال الساعد: “لا أعتقد أنّ هناك دوراً واضحاً إلاّ للمملكة العربية السعودية، فهي الدولة الكبرى والمعوّل عليها حماية الفضاء العربي من التغوّل الإيراني الذي أصبح أكثر إجراماً وإرهاباً”.
*محمد الساعد: مدير تحرير سابق لصحيفة “الشرق الأوسط”. وكاتب ومحلل سياسي في صحيفة “عكاظ” السعودية.