باسيل-جنبلاط: شمس الـLBC.. و”ليالي الأنس” مع الخنسا

مدة القراءة 7 د

لا تواصل بين حزب الله وجبران باسيل. قد تكون “قطيعة” هذه الأيام سابقة منذ توقيع الفريقين ورقة تفاهمهما في شباط من عام 2006، وإن كان يرفض الطرفان الاعتراف بالقطيعة بينهما، مكتفيَيْن بالتعبير عنها بأنّه “لا تواصل حاليّاً”. فالحقيقة أنّ المسافات بينهما تتّسع بسبب أمرين: أوّلاً تأكيد مصادر حزب الله أنّه ما يزال متمسّكاً بسليمان فرنجية مرشّحاً رئاسيّاً، وثانياً تأكيد دعم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في أيّ دعوة أخرى إلى انعقاد جلسة لمجلس الوزراء “للضرورة القصوى” ولو قاطعها فريق جبران باسيل.

تبدو المفارقة اليوم في الحركة السياسية المرافقة لهذه القطيعة التي يقوم بها كلّ منهما. فحزب الله ينفتح على قوى مسيحية أخرى، وجبران باسيل يحاول كسر الطوق السياسي حوله من خلال مبادرته إلى لقاء الأطراف الأخرى ولو كانوا من الخصوم، وآخر هذه اللقاءات كان غداء الجمعة الذي جمعه بوليد جنبلاط.

 

الحزب يحاور بكركي والرابطة المارونيّة والكتائب

منذ أشهر نشطت الحركة على الطريق من وإلى حارة حريك وحفلت بزوّار هم خصوم حزب الله في التوجّه السياسي. منذ فترة زمنية ليست ببعيدة، اقتنع الموارنة بأنّ معبر حارة حريك هو معبر ملزم لأيّ رئيس ماروني مقبل للبلاد. لذا كثرت اللقاءات ولو على مستويات متواضعة لا ترتقي إلى حوار سياسي رسمي بين الأطراف. فعُقِد على التوالي لقاء بين مسؤول ملفّ العلاقات المسيحية في الحزب محمد الخنسا مع المسؤول الإعلامي ومعاون البطريرك في الصرح البطريركي وليد غياض، وهو لقاء دوري، ولقاء آخر جمع الخنسا والأمين العام لحزب الكتائب اللبنانية سيرج داغر الذي نفى أيّ حوار بين حزبه وحزب الله. إلى ذلك زار الخنسا رئيس الرابطة المارونية خليل كرم قبل أيام بعدما طلب موعداً بهدف “تعزيز الحوارات والتلاقي بين القوى في البلاد”، وزار أيضاً بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، فيما تشير المعلومات إلى إمكانية أن يقوم الخنسا بزيارات لمناسبة عيد الميلاد قد تشمل زيارة البطريرك الراعي.

ينفي الأمين العام لحزب الكتائب سيرج داغر لـ”أساس” أن يكون توجّه إلى حارة حريك، بل يقول إنّ اللقاء “الاجتماعي” الذي جمعه مع الخنسا حصل في منزله فقط

تعدّدت اللقاءات مع غياض، فكانت حيناً في منزل الصديق المشترك بين الطرفين النائب فريد هيكل الخازن، وأحياناً أخرى في مقرّ المجلس السياسي في حزب الله في حارة حريك حيث التقى غياض رئيس المجلس السيد إبراهيم أمين السيّد.

تضمّنت الحركة من وإلى حارة حريك أيضاً زيارة سيرج داغر لمقر المجلس السياسي حيث اجتمع مع الخنسا قبل أن يعودا معاً إلى منزل الخنسا لاحتساء الشاي كما تحدّثت مصادر متابعة لهذه الحركة.

في المقابل، ينفي الأمين العام لحزب الكتائب سيرج داغر لـ”أساس” أن يكون توجّه إلى حارة حريك، بل يقول إنّ اللقاء “الاجتماعي” الذي جمعه مع الخنسا حصل في منزله فقط، نافياً أن يصف ذلك بالحوار بين الكتائب وحزب الله.

بغضّ النظر عن التسميات، وانطلاقاً من الواقع تكوّنت قناعة لدى القيادات المارونية بأنّ الرئاسة تحتاج إلى ضوء أخضر من الحزب. وعليه بادرت هذه القوى إلى التواصل مع حزب الله الذي يبادر بدوره إلى عقد لقاءات مع قيادات مارونية عدّة، يخرج بعضها إلى العلن، فيما بعضها الآخر يبقى بعيداً عن الإعلام.

على الرغم من انفتاح الحزب وسعيه إلى نسج علاقات طيّبة مع القوى المسيحية، أوصل الحزب إلى طالبي القرب منه عتبه عليهم بسبب صمتهم ونفيهم أحياناً لحصول اللقاءات الثنائية، مفضّلاً أن لا يستحي المرء بما يفعله. في المقابل، تبدو علاقة الحزب مع حليفه المسيحي الأساسي في تراجع مستمرّ بعد تصعيد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي لا سابقة له. لم يُقنع تبريرُ باسيل حزبَ الله الذي خرج عن صمته في بيان الردّ الشهير عليه مع أنّه قليلاً ما يفعل ذلك في خلافاته مع الحلفاء.

عليه، هل يحاول الحزب أن يكسر طوق “الحليف الذي يؤمّن الغطاء المسيحي للحزب” أم ما يقوم به حركة بلا بركة نظراً إلى حجم الاختلافات بين حزب الله والقوى المسيحية؟ ربّما بدأ حزب الله يدرك أنّ حلفه مع جبران باسيل تحكمه علاقة ابتزاز مشتركة بين الفريقين أصبحت أثقل من أن يتحمّلها، فهل بدأت رحلة البحث عن إعادة ترسيم العلاقة؟

وفق مقولة “مصائب قوم عند قوم فوائد”، اكتشف المسيحيون فجأة حاجة الحزب إلى غطاء مسيحي في “كوانين” الخلاف مع باسيل، وجبران قرّر أن ينسى أجراس المختارة

باسيل يحاول فكّ الطوق

فيما بدأ حزب الله يوسّع دائرة نشاطه مع القوى المسيحية انطلاقاً من المهمّات الموكلة إلى مسؤول العلاقات المسيحية محمد الخنسا، بدأ في المقابل جبران باسيل يحاول فكّ الطوق المحكَم حوله بفعل انقطاع علاقته مع كلّ القوى السياسية باستثناء حزب الله قبل الأزمة التي انفجرت بينهما، فقرّر أن يتوجّه برسائل في كلّ اتجاه، وتحديداً إلى حزب الله، بأنّه قادر على لقاء الجميع على الرغم من الخلافات، فزار رئيس مجلس النواب قبل أسابيع، وطرح ما يعتبره مبادرة رئاسية لانتخاب رئيس غير صداميّ يتمتّع بعلاقات جيّدة مع الخليج والغرب ولا يستفزّ أيّاً من القوى في الداخل، وتحديداً حزب الله. فشل باسيل في مسعاه مع برّي الذي أحاله إلى “حليفه الوحيد” يومئذٍ السيّد حسن نصرالله.

أخيراً قرّر باسيل التوجّه إلى رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فبادر قبل أسابيع إلى الاستعانة بوساطات عدّة، لكن لم تنجح. وبحسب المعلومات انطلقت المبادرة الأخيرة من مسعى قام به رئيس مجلس إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال بيار الضاهر والنائب سيزار أبي خليل المسؤول عن ملفّ العلاقة بين التيار الوطني الحر والتقدّمي.

في عام 2019 ساهم أبي خليل في العمل على زيارة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط للّقلوق. أمّا اليوم فلهذا اللقاء أبعاد أخرى رئاسية. وقد أعلنت مصادر التيار أنّ اللقاء يهدف إلى بحث طرح رئاسيّ كامل. وتحدّثت معلومات عن أنّ المشاركين في اللقاء الذي حصل في منزل بيار الضاهر لم يعرضوا أيّ أسماء للرئاسة، بل تناولوا برنامج العمل السياسي والاقتصادي لأيّ رئيس مقبل. وأكّدت المعلومات أنّ المجتمعين لم يتطرّقوا إلى التجديد لرئيس الأركان في الجيش اللبناني، بل اقتصر حديث الساعة ونصف الساعة على الكلام عن ضرورات المرحلة المقبلة. لكن لا يعني غياب أيّ طرح للأسماء أنّ اللقاء لا يمكن أن يحمل أيّ أبعاد رئاسية تتعلّق بالرئيس المقبل.

وكان جنبلاط قد استبق أيّ كلام عن لقائه باسيل وما إن كان مؤشراً على تخليه عن ميشال معوض كمرشح رئاسي باستقبال هذا الأخير في كليمنصو قبل اللقاء، وبإيفاد النائب وائل أبو فاعور إلى معراب لإيصال رسالة أنّ المقاربة الرئاسية ما تزال مشتركة مع القوات اللبنانية.

إقرأ أيضاً: “لقاء المصلحة”: جبران يحاول فك عزلته!

لذلك كلّه يمكن لمبادرة باسيل هذه أن تبقى يتيمة تماماً كما كان مآل مبادرته مع برّي، ولا سيّما أنّ بين جنبلاط وبرّي حلفاً “أزليّاً” لا تهزّه أيّ رياح رئاسية على الرغم من اصطفافاتهما المختلفة هذه الأيام.

وفق مقولة “مصائب قوم عند قوم فوائد”، اكتشف المسيحيون فجأة حاجة الحزب إلى غطاء مسيحي في “كوانين” الخلاف مع باسيل، وجبران قرّر أن ينسى أجراس المختارة فذهب إلى حيث أعلن غسان عطالله ذات يوم أنّه يخاف من النوم في الشوف بسببها.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: josephinedeeb@

مواضيع ذات صلة

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…