“لقاء المصلحة”: جبران يحاول فك عزلته!

مدة القراءة 7 د

تورّط وزير الدفاع موريس سليم في معارك جانبية ضحيّتها العسكر تمثّل جزءاً من “مشكل” سياسي كبير “أكبر منه” ولا أفق لحلّه في المدى القريب.

ثمّة مواقف “مع” وأخرى “ضدّ” الإجراءات الأخيرة التي اتّخذها وزير الدفاع حيال رفض التمديد لضابطين في المجلس العسكري والإصرار على توقيعه مرسوم المساعدات الاجتماعية للعسكر ممهوراً بتوقيع الـ24 وزيراً وتلويحه بأن لا مرسوم ترقيات للضباط إلا بتوقيع الـ 24 وزيراً أيضاً.

بات المشهد بالغ التعقيد، ولغمه الأوّل والأساس هو التناحر السياسي الذي يوصل إلى مزيد من الأبواب المسدودة وترابط “عِقد” الأزمات، من رئاسة الجمهورية إلى الأزمة الحكومية ومشكلة المراسيم ومصير إدارة مرحلة ما بعد ميشال عون التي لا تنفع معها لقاءات شبيهة باجتماع القواتيّين والاشتراكيّين في معراب أو لقاء بعد جفاء طويل بين وليد جنبلاط وجبران باسيل.

احتفى ضبّاط كثيرون في السرّ بـ “إنجاز” عدم التمديد لضابط كبير يتعامل معه وليد جنبلاط بصفته “وديعة” سياسية له في المؤسّسة العسكرية ويُحارِب احتمال أن يَخلفه أيّ ضابط لا يكون محسوباً على المختارة

تصفية حسابات

لا تزال ذيول جلسة 5 كانون الأول تتفاعل سلبياً، وأحد أهمّ وأخطر تداعياتها انعكاسها المباشر على المؤسّستين العسكرية والأمنيّة، ولا سيّما “مشروع تمديد لم يكتمل” لا يحتاج إلى مرسوم ولا علاقة لحكومة تصريف الأعمال به، لكنّه مرآة حقيقية لحجم تصفية الحسابات بين وزير الوصاية وقائد الجيش، وبين باسيل والمرشّح الأبرز لرئاسة الجمهورية، وبين باسيل والقوى السياسية، ومن بينها وليد جنبلاط.

قَطَع رئيس التيار الوطني الحر على “البيك” الطريق لإبقاء رئيس الأركان اللواء أمين العرم في موقعه عبر رفض الوزير سليم توقيع التمديد على الرغم من وجود عدّة سوابق في هذا السياق، وآخرها توقيع وزيرة الدفاع السابقة زينة عكر اقتراح التمديد ستّة أشهر للّواء الياس شامية حين كان ميشال عون رئيساً للجمهورية وباسيل “مُحاضِراً” شرساً في عدم جواز التمديد لأيّ ضابط في موقعه.

ثلاث إشكاليّات

في الوقائع، ترتبط ثلاث إشكاليّات بمواقف وزير الدفاع الأخيرة:

الأولى: رفضه التوقيع، بناءً على اقتراح من قائد الجيش استناداً إلى المادّة 55 من قانون الدفاع، على التمديد لعضوَيْ المجلس العسكري اللواء العرم (يُحال اليوم إلى التقاعد) واللواء ميلاد إسحاق (يُحال غداً إلى التقاعد).

احتفى ضبّاط كثيرون في السرّ بـ “إنجاز” عدم التمديد لضابط كبير يتعامل معه وليد جنبلاط بصفته “وديعة” سياسية له في المؤسّسة العسكرية ويُحارِب احتمال أن يَخلفه أيّ ضابط لا يكون محسوباً على المختارة.

لكنّ للأزمة وجهاً آخر. لا يخفى على أحد العلاقة المتوتّرة بين وزير الدفاع وقائد الجيش، وباسيل قرّر أن يردّ الصاع صاعين لخصومه في السياسة من خلال وزير الدفاع الذي بالتأكيد لم يكن ليختار المواجهة السياسية مع الثنائي الشيعي وميقاتي ووليد جنبلاط لو لم يَصدر القرار بالتصدّي لجلسة 5 كانون الأول من مقرّ حزب التيّار.

الأهمّ أنّ لدى فقدان المجلس العسكري نصابه بدءاً من يوم الأحد تنتقل صلاحية التوقيع إلى قائد الجيش بناء على قرار أو تكليف من رئاسة الحكومة بالإنابة عن المجلس العسكري. وفي حال لم يحصل التكليف يتعذّر على قائد الجيش القيام بهذا الأمر.

تفيد معطيات “أساس” أنّ “موعد اللقاء طلبه باسيل منذ فترة رغبة منه بالانفتاح على بعض القوى، في عزّ الحصار السياسي عليه، والخروج من “شرنقة” اتّهامه بأنّه محسوب فقط على حزب الله”

وأمس بقيت التساؤلات قائمة عن موعد لقاء جنبلاط وباسيل ومغزى توقيته ومكانه وإذا سيؤدي إلى إقناع الأخير بالعودة عن قرار رفض التمديد للعرم قبل إحالته إلى التقاعد ليل الجمعة-السبت، فيما يحال اسحاق إلى التقاعد ليل السبت-الاحد.

مع ذلك، الإجراءات في اليرزة بقيت على حالها إذ أعدّت أمس في قيادة الجيش مراسم وداعية  للعرم واسحاق قبل إحالتهما إلى التقاعد في الوقت الذي بقيت فيه رهانات “البيك” على إقرار التمديد قائمة حتى اللحظة الأخيرة!

 مصدر مطلع أفاد “أساس”: “أنّ موعد اللقاء طلبه باسيل منذ فترة رغبة منه بالانفتاح على بعض القوى، في عزّ الحصار السياسي عليه، والرغبة بالخروج من “شرنقة” اتهامه بأنّه محسوب فقط على حزب الله”.

كما أشار المصدر إلى أن “شرط جنبلاط لاستقبال باسيل بقي قائماً بايجاد تخريجة معينة في شأن بقاء اللواء العرم في موقعه”، مؤكداً أن “أكثر من وسيط دخل على خط اللقاء بين الخصمين في منزل ابنة جنبلاط داليا وزوجها نجل بيار الضاهر وتمحور بشكل أساس حول ملف رئاسة الجمهورية والوضع الحكومي وخلفية موقف وزير الدفاع بعدم قبول تأجيل تسريح العرم واسحاق”.    

وبما يُشبِه التعميم الحزبي على الإعلام قالت أوساط التيار الوطني الحر أنّ “باسيل يلتقي كثير من الشخصيات بعيداً من الإعلام ضمن إطار حراك مرتبط ببرنامج إنقاذي تمّ التأسيس عليه في ورقة الأولويات الرئاسية”.

في السياق نفسه أكدت مصادر “الاشتراكي” لـ “أساس” أن جنبلاط منفتح على كل القوى السياسية لكن هناك خلاف جذري لا يزال قائماً مع باسيل في كافة الملفات السياسية”.

مرسوم المساعدات الاجتماعيّة

الثانية: على الرغم من رفض وزير الدفاع توقيع مرسوم المساعدات الاجتماعية للعسكر في كلّ الأسلاك مشترطاً توقيع الـ 24 وزيراً، لا تزال رئاسة الحكومة بانتظار “الجواب النهائي” من الوزير سليم لتبني على الشيء مقتضاه.

 في هذا السياق تقول أوساط رئاسة الحكومة لـ “أساس”: “وفق الكتاب الموجّه من رئاسة مجلس الوزراء يجب أن يوقّع وزير الدفاع المرسوم المُرسَل إليه سابقاً من دون أيّ تعديل، وفي حال أصرّ على الصيغة التي اعتمدها أو لم يردّ، فإنّ رئاسة الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي كي لا يبقى العسكريون ضحيّة تجاذب سياسي هم غير مسؤولين عنه، وذلك فيما رفض رئيس الحكومة بشكل قاطع العرض الذي قُدّم إليه بتجزئة المراسيم بحيث “تمشي” تلك التي وقّعها الوزير المختصّ”.

وتتّهم الأوساط وزير الدفاع بـ”التزوير المعنوي المنصوص عنه في القوانين لأنّه اخترع مرسوماً غير موجود ضمّنه عبارة “بناءً على طلب وزيرَيْ الدفاع والداخلية”، واستبدل عبارة “المرسوم اتُّخذ بقرار من مجلس الوزراء” بعبارة “بناءً على اقتراح وزير المال”، وحذف عبارة “بعد موافقة مجلس الوزراء” طالباً توقيع المرسوم بصيغة الـ 24 وزيراً، فيما أبقى المرسوم الأصليّ لديه”.

ترقيات الضبّاط

الثالثة: مرسوم ترقيات الضبّاط الذي يصرّ وزير الدفاع على توقيعه وفق صيغة الـ 24 وزيراً، وهو أمرٌ لا يزال مرفوضاً بالكامل من رئيس الحكومة. لكن حتى الآن لم تصل مراسيم ترقيات الضبّاط من رتبة ملازم إلى عقيد إلى السراي.

إقرأ أيضاً: وساطة فاشلة بين باسيل والحزب

الجدير ذكره أنّ مراسيم ترقيات الضبّاط تُعدّها قيادة الجيش ثمّ ترسلها إلى وزير الدفاع للتوقيع فرئاسة الحكومة. وثمّة سؤال أساسي في هذا الإطار: بأيّ صيغة ستلتزم قيادة الجيش، “صيغة ميقاتي” أم “صيغة وزير الدفاع”؟! وحتى بعد ظهر يوم أمس لم تكن قيادة الجيش قد أعدّت المراسيم.

إلى ذلك يلفّ الغموض حتى اللحظة الأخيرة مصير مراسيم ترقيات الضبّاط من عقيد إلى عميد العالقة منذ ثلاث سنوات التي تحتاج إلى توقيع وزير المال أوّلاً والتي قد تعلَق مجدّداً لدى وزير الدفاع بسبب موقفه الملتزم بصيغة المراسيم الموقّعة من جميع الوزراء.

لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@

مواضيع ذات صلة

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…