“الجماعة الإسلاميّة”: متمسكون بـ”الطائف” والترسيم كان تفريطاً

مدة القراءة 7 د

يؤكد رئيس المكتب السياسي في الجماعة الإسلامية علي أبو ياسين، مسؤولها السياسي في البقاع بين 2009 و2022 ورئيس مكتبها السياسي الحالي، ومرشّحها في الانتخابات النيابية في 2022، على استقلالية القرار السياسي للتنظيم ويحذر من أن الانهيار قد يجعل لبنان “لادولة”، وان انتخاب رئيس للجمهورية هو بداية الحل. ويشدد على التمسك باتفاق الطائف، معتبراً ان الانقلاب على السنية السياسية بدأ منذ غزو العراق عام 2003.

ويؤكّد أبو ياسين لموقع “أساس” أنّ “الترسيم البحري” كان تفريطاً في جزء من السيادة والثروة الوطنية، وأن “الجماعة” ستبقى تناصب العداء لإسرائيل وأن القضية الفلسطينية هي “قضية الأمة المحورية”، رافضاً “سياسة المحاور”، مُشيراً إلى أن السفارات “سرقت” ثورة 17 تشرين “لذا اتخذت الجماعة خطوة إلى الوراء”. ونبه من خطورة قضايا “الشذوذ والمثلية الجنسية”، مستغرباً في هذا السياق قرار مجلس شورى الدولة والذي جاء على الضد من قرار وزير الداخلية.

أبو ياسين لموقع “أساس”: الترسيم البحري كان تفريطاً في جزء من السيادة والثروة الوطنية، و”الجماعة” ستبقى تناصب العداء لإسرائيل وأن القضية الفلسطينية هي “قضية الأمة المحورية

الحزب الأكمل

يعتبر أبو ياسين أنّ “الجماعة الإسلامية” في لبنان هيالحزب الأكثر تنظيماً على الساحة السنّية، وعابرةٌ للمناطق. وقد تكون الحزب اللبناني الأوحد الذي يشهد تداولاً للسلطة وانتخابات دوريّة. والجماعة منفتحةٌ على كلّ شرائح المجتمع اللبناني، ولها علاقاتٌ جيّدةٌ مع كثير من القوى السياسية، وتملك شبكةً كبيرةً من المؤسّسات الاجتماعية والصحّية والتربوية”.

وفي ما يتّصل بالأسس السياسية التي تعمل بها الجماعة يجيب أبو ياسين أن هذه الأسس تقوم على: تعزيز اللحمة الوطنية والحفاظ على انتماء لبنان وهويّته العربية، محاربة الفساد ومناصرة القضايا الوطنية العادلة، واستكمال تطبيق الدستور اللبناني (اتفاق الطائف) ورفض كلّ البدع ومحاولات الانقلاب عليه، مع الحفاظ على الدور اللبناني فيمواجهة العدوّ الصهيوني.

حال اللادولة

ترى الجماعة أنّ “إطالة أمد الفراغ في رئاسة الجمهورية في ظلّ الظروف السياسية والاقتصادية والمعيشية ستزيد الأمور تدهوراً حتى بتنا نعيش في دولة منهارة بل فاشلة. وإذا استمرّت الأمور على هذا النحو فربّما نصل إلى حال اللادولة”. وقال أبو ياسين: “نحن ندعو ونعمل من أجل انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، على أن تكون انتخابات الرئاسة هي بداية الحلّ لا استمراراً للمشكلة. ويجب أن يكون الرئيس شخصيةً توافقيةً توفيقية، لا طرفاًيعزّز الانقسام والتنازع، ولا يكون من رحم المنظومة الفاسدة التي تسبّبت بالانهيار الكبير، ويشرع على الفور بعد انتخابه في تحديد مكامن الفساد ومحاربتها واجتثاثها،ويعمل على إطلاق العجلة الاقتصادية. ومن المعايير أيضاًأن يكون الرئيس قادراً على التواصل وفتح القنوات من أجل فكّ العزلة المفروضة على لبنان وإعادته إلى خارطة الاهتمام العربية والدولية”.

الجماعة والطائف

شكّل اتفاق الطائف معبراً للخروج من آلام وتبعات الحرب الأهليّة إلى مرحلة الاستقرار السياسي والاقتصادي التي استمرّت سنوات وعاش خلالها اللبنانيون بحبوحةًاقتصادية، وتمكّنوا بفضلها من الصّمود إبّان الاعتداءاتالإسرائيلية على لبنان في أعوام 1993 و1996 و2006،وتحرير القسم الأكبر من أرضهم المحتلّة.

قال أبو ياسين: “لكنّ حال التهشيم والتهميش للسنّيّة السياسية على مستوى المشرق العربي، التي طرأت بعد احتلال العراق، انعكست على الساحة اللبنانية. لذلك تعتبر بعض القوى السياسية أنّ الظرف سانحٌ للانقلاب على الدستور، إمّا بالعودة إلى ما قبل الطائف وإمّا بتكريس واقعٍ جديد. وهذا حتماً سيتسبّب بالانتقال إلى مرحلة خراب المؤسّسات. لذلك تعتبر الجماعة أنّ بقاء الوطن يجب أن يقوم على العدالة في الحقوق والواجبات. وعليه يجبالتمسّك باتفاق الطائف واستكمال تطبيقه. وهو المعبر الوحيد والملزم للحفاظ على الدولة وإعادة بنائها”.

يعتبر أبو ياسين أنّ “الجماعة الإسلامية” في لبنان هيالحزب الأكثر تنظيماً على الساحة السنّية، وعابرةٌ للمناطق. وقد تكون الحزب اللبناني الأوحد الذي يشهد تداولاً للسلطة وانتخابات دوريّة

الترسيم البحري خيانة

ترى الجماعة أنّ “حالة المحاصصة السياسية واستشراء الفساد في الكثير من مؤسّسات الدولة، بل إنّ وجود أحزاب عميقة تعتبر أنّ هذا الواقع هو سببٌ لبقائها وتفوّقها وتحكّمها ببعض المفاصل، هو أساس المشكلة. ومن غير المقبول أن نستسلم لهذا الواقع، ونُبقي الوطن بكلّمؤسّساته ومستقبله في مهبّ الفساد. لذلك لا بدّ من إطلاقورشة وطنية لتحديد مكامن الفساد واجتثاثها ومحاسبة المرتكبين مهما كانت الجهة التي ينتمون إليها، ثمّ العمل على تأسيس اقتصادٍ إنتاجيٍّ قويّ، قائم على استثمار الطاقات المعرفية والثروات البشرية والإمكانات المحلّية والاغترابية”.

وتعتبر الجماعة أنّ “الذي حصل من اتفاقٍ لترسيم الحدود البحرية هو تنازلٌ عن جزء من المياه الإقليمية والاقتصادية، وتفريط بالثروات النفطية والغازية، بل هو اتفاق يرقى إلى الخيانة، بمضمونه وتوقيت إبرامه”.

وتستغرب الجماعة التأخّر في بدء التنقيب في البلوكات غير المتنازَع عليها، وعدم البدء بتأسيس بنى تحتية لهذاالقطاع، وتطالب بإنشاء صندوق سياديّ خاصّ بعائداته، وتحذّر من هدر العائدات محاصصةً وفساداً.

لا للتطبيع

كانت الجماعة وما تزال وستبقى تناصب العداء لإسرائيل،وتدافع عن الأرض اللبنانية. وهذا واجب وشرف، خاصّة أنّالعدوّ ما زال يحتلّ أرضاً ومياهاً لبنانيّتين، ويحتلّمقدّسات إسلامية ومسيحية في فلسطين، بل هو السبب الأساس لحالة اللااستقرار والاستنزاف التي تعيشها المنطقة برمّتها. لذلك تؤكّد الجماعة أنّ القضيّة الفلسطينية هي قضيّة الأمّة المحورية، وأنّ على الشعوب وحركات التحرّر دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته لتحرير أرضه واستعادة حقوقه.

إلى ذلك ترفض الجماعة كلّ أشكال التطبيع، وتطالب بإلغائها، وتقف سدّاً منيعاً بوجه أيّ محاولة لجرّ لبنان أو إرغامه على التطبيع.

السفارات سرقت الثورة

وعن العلاقات مع القوى اللبنانية يقول أبو ياسين: “الجماعة لم تنتمِ ولن تنتمي إلى أيّ محور من محاور الصراع اللبناني، وتعتبر أنّ هذا الانقسام هو من أهمّ أسباب الانهيار الحاصل. لكنّ الجماعة تحافظ على علاقة جيّدة ومتينة في بعض الأحوال مع غالبيّة القوى. أمّا في ما يتعلّق بالتغييريين، فالجماعة كانت ركناً من أركان الحراك الذي انطلق في 17 تشرين. لكن عندما تدخّلت بعض السفارات والأجهزة لسرقة الثورة وحَرْفها عن مسارها، أخذت الجماعة خطوة إلى الوراء. وعلاقة الجماعةبالتغييريين في البرلمان مرهونة بتماهي أجنداتهم مع الأجندة الوطنية وتناقضها مع الأجندات الخارجية”.

إقرأ أيضاً: ياسين جابر لـ”أساس”: “اصطفاف الكواكب” أهدانا “الترسيم”

يلفت أبو ياسين إلى أنّ حرباً من نوع آخر تُشنّ على المجتمع اللبناني الأصيل من أجل تدميره، وتستهدف القيم والأسرة والشباب. وأُسّست جمعيّاتٌ كثيرةٌبمسمّياتٍ مختلفة ومُوِّلت لتعمل على تنفيذ مشاريع وإعداد اقتراحات قوانين مع بعض البرلمانيين.

تقول الجماعة: “حسناً فعل وزير الداخلية بقراره في حزيران الماضي منع تجمّعات الشذوذ والمثليّة”. واستغربت الجماعة قرار مجلس شورى الدولة الذي صدر هذا الشهرويوقف العمل بقرار وزير الداخلية.

مواضيع ذات صلة

شينكر لـ”أساس”: تطبيق 1701… أو تحوُّل لبنان إلى “سوريا 2”

ماذا يقول المساعد السّابق لوزير الخارجيّة الأميركيّ لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر عن سير الأحداث في المنطقة؟ هل باتت الحرب في لبنان قريبة من الانتهاء؟…

سفير مصر لـ”أساس”: الخماسيّة عائدة… التّسوية قريبة

يوم الأحد الماضي كان مفصليّاً. فقد طوى تصعيداً كاد يؤدّي إلى حرب كبرى. وأقفل معه مواجهة اعترف طرفاها الحزب وإسرائيل بانتهائها. وعليه، بدأت في المنطقة…

شينكر لـ”أساس”: لا حرب موسّعة.. حادث مجدل شمس غير مقصود

يستبعد ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق نشوب حرب واسعة بين إسرائيل والحزب على خلفيّة حادثة مجدل شمس لسببين: الأوّل أنّها…

فارس سعَيْد: فرنجية رئيساً قبل دخول ترامب البيت الأبيض؟

وقوع لبنان على لحظة سياسية مشابهة لتلك التي أوصلت الرئيس ميشال عون إلى بعبدا تزداد حظوظه السياسية، وسببه المناظرة الرئاسية الأميركية بين دونالد ترامب وجو…