من عهد إلى وليه

مدة القراءة 3 د

غاب خليفة بن زايد حاملاً أعلى المراتب في أهم دولة اتحادية في ديار العرب. ورث عن زايد بن سلطان رحلة التأسيس وإرث الرقي، ورعى بكل أمانة ودعة، مرحلة التجدد والترقي. مر خمسون عاماً على حلم زايد بنقل الإمارات من ماضي التشقق إلى مستقبل الوحدة، وفي نصف قرن شمخت مؤسسة الألفة، وتوازت مسيرة الازدهار على مدى الدولة، وصار درب زايد أمانة الجميع.
لكل رجل أسلوبه في الحياة والحكم، وإن كان الدرس واحداً والأهداف واحدة. وقد رفعت دبي على برجها الفضي العالي اسم الشيخ خليفة، وكانت تلك مرة نادرة يتماشى فيها مع فكرة الظهور. وبغير ذلك كان يرعى في جد وصمت وتقاليد زايد، أمور الدولة وشؤون الناس. وكان يطيب له الحديث في أمرين: الكتب والبر. في الأول يطلع على الجديد وفي الثاني يمتن الروابط القديمة، ورفقة الماضي وعِشرة الآباء.

غاب خليفة بن زايد حاملاً أعلى المراتب في أهم دولة اتحادية في ديار العرب. ورث عن زايد بن سلطان رحلة التأسيس وإرث الرقي، ورعى بكل أمانة ودعة، مرحلة التجدد والترقي

حتى توليه رئاسة الدولة ومسؤولياتها وانهماكاتها وواجباتها، ظل خليفة بن زايد يذهب إلى مكتبات أبوظبي بمفرده لينتقي منها ما يريد من الصادرات الجديدة. وخشية أن يفوته شيء، كان عندما ينتهي من الاختيار، يطلب نصيحة الموظف فيما يحسن به أن يقرأ.

ليس بالأمر البسيط، أو الهين، أو ربما الممكن، أن تملأ مكانة زايد الأسطورية، قبل النفط وبعده، وقبل دولة الاتحاد وبعدها. لكن الابن البكر كان أميناً للتحدي. وعندما تعب في السنوات الأخيرة وآل الكثير من مسؤوليات الحكم إلى الشيخ محمد بن زايد، رأى في خلفه ما تحتاجه الدولة من حيوية ورؤية. وخصوصاً من علاقة الحكم بالناس.

وكما هي طبيعة الأشياء وأحكام التطور وظروف الأمم، زادت المسؤوليات على محمد بن زايد، وتعددت التحديات. وخصوصاً في الخليج، الذي تضاعفت موارده وزاد الطمع والطامعون به. ولم يعد من الممكن استمرار بعض السياسات والمواقف على ما كانت عليه. وبانت للدولة، تلقائياً أو قراراً، صورة جديدة، وأسوأ ما حدث لبحر السكينة كانت الحماقات التي حاولت ضرب أهم استقرار واستمرارية في المنطقة من قبل “الإخوان” الذين عمموا المحاولات المغفلة والدموية، من السودان ومصر إلى السعودية والإمارات، دعك طبعاً من المغرب العربي وسوريا.

مع محاولات “الإخوان” تغيرت النظرة الاستراتيجية في الدولة. وفي الوقت نفسه تفاقم خطر العنصر الإيراني القائم، جهاراً، منذ أيام الجزر الثلاث واحتلالها الشهير. وفي ظل محمد بن زايد نمت نظرة أخرى إلى الخارج. كان أولها استقبال بابا الفاتيكان في أول زيارة للإقليم.
الاستمرارية في أنظمة الدول الطيبة، وليدة الحكمة والتراث والإرث الجميل، منتقلاً من عهد إلى ولي عهد.

 

*نقلاً عن الشرق الأوسط

مواضيع ذات صلة

لمحة سريعة عن “مواقف” أحمد الشّرع

دمشق   أكثر من شخصية يتشكّل منها أحمد الشرع. هو أبو محمد الجولاني مؤسّس جبهة النصرة. وهو “موحّد الفصائل العسكرية”، ومطلق إدارة سياسية جديدة في…

الجولانيّ: من “الموصليّ” الرّاديكاليّ إلى “الشّرع” البراغماتيّ

خطفَ الأنظار زعيم “هيئة تحرير الشّام” (“جبهة النّصرة” سابقاً) أبو محمّد الجولاني. منذ انطلاق العمليّة العسكريّة في حلب وإدلب وحماة وصولاً إلى حمص. تصدّرَ اسم…

حكاية دقدوق: من السّجن في العراق إلى الاغتيال في دمشق! (1/2)

منذ أن افتتحَت إسرائيل سلسلة اغتيالات القيادات العسكريّة للحزبِ في شهرَيْ حزيْران وتمّوز الماضيَيْن باغتيال قائد “قوّة الرّضوان” في جنوب لبنان وسام الطّويل وبعده قائد…

فتح الله غولن: داعية… هزّ عرش إردوغان

ثمّة شخصيات إسلامية كثيرة في التاريخ توافَق الناس على تقديرها واحترامها، مع ظهور أصوات قليلة معترضة على نهجها أو سلوكها أو آرائها، لكنّها لم تتمكّن…