شكّل إحياء الذكرى السنوية الثانية العشرة لرحيل المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله فرصةً مناسِبةً لإعادة تسليط الضوء على دوره الحواريّ الداخلي والخارجي، وإعادة تظهير أهمية التيار الشعبي والديني الوسطي الذي رعاه وما يزال حاضراً في لبنان والعالمين العربي والإسلامي.
ظهر ذلك الاحتفال الحاشد الذي أُقيم في “قاعة الزهراء” في “مجمع الحسنين” في حارة حريك لمناسبة الذكرى السنوية الثانية عشرة لرحيل السيد محمد حسين فضل الله. وقد تميّز بالحضور الحاشد شعبياً وسياسياً ودبلوماسياً وثقافياً، وهو ما يؤكّد أنّ التيار الذي سعى السيّد فضل الله إلى رعايته واحتضانه ما يزال حاضراً في لبنان وفي العالمين العربي والإسلامي. يتأكّد ذلك من الحجم الكبير من المقلّدين والمؤيّدين للسيد فضل الله، سواء على الصعيد الفقهي أو الديني، إضافة إلى أنّ الأفكار والطروحات التي أطلقها السيد فضل الله ما تزال تشكّل حافزاً للعمل الإنساني والفكري والاجتماعي وتجديد الفكر الديني.
تشير مصادر مقرّبة من السيّد علي فضل الله إلى أنّه في صدد القيام ببعض الاتصالات والمبادرات لدعم الحوار الوطني الداخلي، بالتعاون مع عدد من المرجعيات الدينية والفكري
في أجواء هذه المناسبة استقبل نجله العلّامة السيد علي فضل الله في دارته في حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، وكان اللقاء تأكيداً لحرص السعوديّة على العلاقة مع كلّ الأطراف اللبنانية. وفي المقابل حرص السيد فضل الله على إقامة أفضل العلاقات مع كلّ الدول العربية، والتعاون لمعالجة مختلف الأزمات، وإطلاق خطاب إسلامي وحدويّ. وكان فضل الله قد استقبل قبل ذلك السفير الإيراني في بيروت جلال فيروزنيا في زيارة وداعية، لكنّ اللقاء كان تأكيداً من السيّد فضل الله لأهميّة التوازن في العلاقات مع كلّ الأطراف.
ورشة عمل حوارية
في هذه المناسبة أطلق رئيس “جمعية المبرّات الخيرية” و”مؤسسات السيد فضل الله” و”ملتقى الأديان والثقافات”، العلّامة السيّد علي فضل الله، نداءً لإطلاق ورشة حواريّة لبنانية وعربية من أجل معالجة مختلف الأزمات الداخلية ووقف الصراعات في المنطقة وبناء دولة الإنسان والمواطنة.
تشير مصادر مقرّبة من السيّد علي فضل الله إلى أنّه في صدد القيام ببعض الاتصالات والمبادرات لدعم الحوار الوطني الداخلي، بالتعاون مع عدد من المرجعيات الدينية والفكرية، في إطار “اللقاء التشاوري للحوار” الذي يضمّ شخصيات متنوّعة من ملتقى الأديان والمنسّقية العامّة لشبكة السلم الأهلي.
بدأت هذه الاتصالات من أجل عقد لقاء حواري موسّع في دار طائفة الموحّدين الدروز قبل نهاية شهر تموز، ملاقيةً الدعوات التي أطلقها أخيراً شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى خلال لقائه وفداً من نقابة محرّري الصحافة اللبنانية، وطالب خلالها باعتماد خطاب ديني هادىء ودعم المبادرات الحوارية.
توضح المصادر المقرّبة من السيد علي فضل الله أنّ المرحلة الحالية تتطلّب تعزيز المبادرات الحوارية الداخلية من أجل مواجهة الأزمة الكبيرة التي يعيشها لبنان في كلّ المجالات، ورؤية جديدة للأزمة اللبنانية ومقاربات مختلفة تحفظ للبنان دوره الحواريّ وتقدِّم مشروعاً متكاملاً للإنقاذ من خلال إعادة تقييم المرحلة الماضية من كلّ جوانبها.
إقرأ أيضاً: محمد حسين فضل الله (1): مرجع مجدّد واجه التخلّف والمذهبية
تكمن أهميّة المبادرة التي يسعى السيد فضل الله إلى إطلاقها في أنّها تنطلق من موقع حواري ووسطي نجح خلال السنوات الأخيرة في الاحتفاظ بعلاقات جيّدة مع كلّ الأطراف اللبنانية والعربية والإسلامية والأجنبية، ويحظى بثقة العديد من الجهات الداخلية.
فهل ينجح السيد علي فضل الله في مبادرته؟ وهل يشكّل تيّار السيد محمد حسين فضل الله الفرصة المناسبة لإعادة تظهير الدور الحواري العربي والإسلامي في مواجهة أجواء التطرّف والعنف والصراعات التي تشهدها المنطقة؟