خدعة الـ65: “أكثريّة” برّي… لا الحزب

مدة القراءة 4 د

قريباً في قصر بعبدا، تُكرمُ الأكثرية الموهومة، أو تُهان.

حاول حزب الله تسويق أنّه نجح في إثبات “أكثريّته” في البرلمان اللبناني، ردّاً على ما اعتبره البعض إعلاناً من السفير السعودي وليد البخاري بـ”النصر”، حين كتب على تويتر في 15 أيّار: “وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم”.

حاول الحزب تسويق “فوزه” بحصول الرئيس نبيه برّي على 65 صوتاً وفوزه بولاية سابعة رئيساً لمجلس النواب، من الدورة الأولى، وحصول الياس بو صعب على الرقم نفسه وفوزه بموقع نائب الرئيس.

الـ65 رقمٌ مخادع، جدّاً، إن لم نقُل إنّه كاذب، جدّاً. وهو يمثّل “أكثريّة” لانتخاب برّي، وليس استفتاءً نيابيّاً على “محور إيران” في البرلمان اللبناني

لكنّ الـ65 رقمٌ مخادع، جدّاً، إن لم نقُل إنّه كاذب، جدّاً. وهو يمثّل “أكثريّة” لانتخاب برّي، وليس استفتاءً نيابيّاً على “محور إيران” في البرلمان اللبناني، على ما سوّق الحزب عبر كتّابه والقريبين منه خلال الأيام الفائتة.

كيف هذا؟

نعرف أنّ تحالف حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحرّ والمردة وحلفاءهم، لا يزيد على 59 نائباً، يُضاف إليهم فراس السلّوم الذي رقص على أنغام بشّار الأسد فور فوزه، وميشال المرّ، الذي “كفله” جدّه إميل لحّود لدى الحزب. نصير أمام 61 نائباً.

قرّر جبران باسيل عدم انتخاب برّي، وأرسل له 3 أصوات “من تحت الطاولة”، هي بو صعب ومحمد يحيى وفريد البستاني، باعتبارهم “غير حزبيين”، وكذلك حصل أبو مصطفى على أصوات الطاشناق الـ3، وهي في “تكتّل” باسيل الأوسع من كتلته. ولأن لا مرشّح في مواجهة برّي، وجد عدد من النواب “المستقلّين”، معظمهم من قدامى فريق سعد الحريري، أنّ “تسليف” برّي الفوز من الدورة الأولى سيكون في ميزان حسناتهم السياسية في ملفّات كثيرة آتية. ومعظمهم “سُنّة”.

“انقطع النفس” للوصول إلى الرقم 65، ومرّتين. وكان “المايسترو” الأساسي في “تحصيله” هو برّي وليس حزب الله. فعلاقة الرئيس برّي بالكثير من النواب تسمح له بـ”المَونة” عليهم والطلب منهم التصويت له. وأين المشكلة، ما دام التصويت سرّيّاً؟ ولن يكون النائب “مُحرجاً” أمام قاعدته الشعبيّة.

هكذا استطاع برّي أن يجمع 19 صوتاً من نوّاب يقفون في الجهة السياسية الأخرى، وهم 11 من نواب عكار وقدامى المستقبل: محمد سليمان، وليد البعريني، سجيع عطية، أحمد رستم، أحمد الخير، عبد العزيز الصمد، عبد الكريم كبارة، نبيل بدر، بلال الحشيمي، عماد الحوت، جان طالوزيان، ومعهم نواب الحزب التقدمي الإشتراكي الثمانية.

ربّما يكون أكثر ما عبّر عن “خطف” انتصار غير موجود، هي ضحكة برّي مع النائب محمد رعد أمام الكاميرات خلال استقباله التهاني بإعادة انتخابه، وهما يتبادلان الابتسامات والنظرات والقبلات والفرح.

أمّا بو صعب فحصل على كلّ أصوات التيار الوطني الحرّ، وخسر بدلاً منها أصواتاً من الجهة الأخرى. وبالتالي فإنّ هذه الـ65 تختلف كلّيّاً عن الـ65 الأخرى. والإيحاء أنّها “رسالة” حول الـ65 هو “أرنب” أخرجه برّي والحزب، وربّما يكون نتيجة “مصادفة” حسابيّة لا أكثر. إذ كان رقم بو صعب هو 64 في الدورة الأولى ليرتفع إلى 65 في الثانية. وسرّب البعض أنّ نائباً مسيحياً بقاعيّاً ربّما يكون قد سلّف بو صعب هذا الصوت.

بلا إطالة:

لا يوجد أكثريّة من 65 نائباً لدى حزب الله. هذه أكثريّة تكوّنت حول “انتخاب برّي” حصراً. ساهم في تكوينها النواب السُنّة، ويُقال إنّ بعضهم اتّخذ هذا القرار بطلب من الرئيس الحريري، خلال الاجتماع الشهير في منزل نبيل بدر في الليلة السابقة على جلسة الانتخاب. وبالتالي فإنّ برّي فاز بأصوات “الحريريّين” والجنبلاطيّين، وهؤلاء ليسوا في معسكر الحزب، بل يمون عليهم أبو مصطفى، وله على كثيرين منهم.

إقرأ أيضاً: يوم الـ65: وداعاً لـ”الثلث المعطِّل”

لا تصدّقوا كذبة الـ65.

حزب الله لا يملك الأكثريّة. وليجرؤ أحد النواب الـ19 على تسمية مرشّح حزب الله لرئاسة الحكومة في الاستشارات النيابية المُلزِمة… وحينها لكلّ حادثٍ حديث.

مواضيع ذات صلة

الصراع على سوريا -2

ليست عابرة اجتماعات لجنة الاتّصال الوزارية العربية التي عقدت في مدينة العقبة الأردنية في 14 كانون الأوّل بشأن التطوّرات في سوريا، بعد سقوط نظام بشار…

جنبلاط والشّرع: رفيقا سلاح… منذ 100 عام

دمشق في 26 كانون الثاني 2005، كنت مراسلاً لجريدة “البلد” اللبنانية أغطّي حواراً بين وليد جنبلاط وطلّاب الجامعة اليسوعية في بيروت. كان حواراً باللغة الفرنسية،…

ترامب يحيي تاريخ السّلطنة العثمانيّة

تقوم معظم الدول التي تتأثّر مصالحها مع تغييرات السياسة الأميركية بالتعاقد مع شركات اللوبيات التي لها تأثير في واشنطن، لمعرفة نوايا وتوجّهات الإدارة الأميركية الجديدة….

الأردن: 5 أسباب للقلق “السّوريّ”

“الأردن هو التالي”، مقولة سرت في بعض الأوساط، بعد سقوط نظام بشار الأسد وانهيار الحكم البعثيّ في سوريا. فلماذا سرت هذه المقولة؟ وهل من دواعٍ…