ترصد جهات دبلوماسية في بيروت بروز تحرّكات أوروبية متعدّدة، سواء انطلاقاً من بيروت أو في عدد من العواصم الأوروبية المهمّة. والهدف من هذه التحرّكات دراسة مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية ونتائجها وكيفيّة التعاطي معها على مختلف المستويات داخليّاً وخارجيّاً.
ينشط عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين في بيروت لاستطلاع إمكانية الإعداد لطاولة حوار وطنية برعاية ودعم دوليّين وعربيّين، وبتشجيع كبير من الفاتيكان، والغرض من ذلك وضع برنامج عمل لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، ومنع حصول أيّة نتائج سلبية في حال فوز فريق سياسي معيّن بالأكثرية أو حصول مقاطعة من إحدى الطوائف الأساسيّة.
بدأ هؤلاء الدبلوماسيون، بالتعاون مع عدد من مراكز الدراسات ومؤسسات المجتمع المدني، باستطلاع وجهات نظر الأفرقاء اللبنانيين ومواقفهم من عقد طاولة حوار لبنانية – لبنانية لمعالجة كلّ الملفّات الأساسية وآليّات الدعوة إلى هذا الحوار والموضوعات التي يمكن أن تُبحث والنتائج المتوقّعة من ذلك.
ينشط عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين في بيروت لاستطلاع إمكانية الإعداد لطاولة حوار وطنية برعاية ودعم دوليّين وعربيّين، وبتشجيع كبير من الفاتيكان، والغرض من ذلك وضع برنامج عمل لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية
من أهمّ الموضوعات التي يجري بحثها من قبل الدبلوماسيين الأوروبيين:
أوّلاً، النظام السياسي: أيّ مستقبل للنظام السياسي في لبنان؟ وهل نحن بحاجة إلى نظام جديد أو عقد اجتماعي جديد أو يمكن الانطلاق من اتفاق الطائف؟ وما هي التعديلات المقترحة على الدستور لمعالجة المشكلات القائمة؟
ثانياً، الملفّات الاقتصادية والماليّة: ما مدى إمكانية الالتزام بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي والشروط التي يطرحها؟ وهل الأطراف اللبنانية جاهزة ومستعدّة لتطبيق هذه الشروط؟ وهل يمكن الاكتفاء بما سيقدّمه الصندوق؟ أم لبنان بحاجة إلى رزمة مساعدات أخرى؟ وماذا عن مستقبل النظام الماليّ والمصرفي؟ وما هي الآليّات المطلوبة لتطوير هذا النظام؟
ثالثاً، الاستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله: هل يقبل حزب الله بالالتزام باستراتيجية دفاعية جديدة والتخلّي عن دوره خارج لبنان؟ وماذا عن مستقبل العلاقة بين حزب الله وإيران؟ وهل يكون للاتّفاق النووي في فيينا، في حال تمّ التوقيع عليه، تأثير مباشر على سياسات حزب الله في لبنان والمنطقة؟
رابعاً، الدولة المدنيّة: ما هي طبيعة الطروحات حول الدولة المدنية في لبنان؟ وما هي الآليّات للتوصّل إلى هذا المشروع؟ وهل الأطراف اللبنانية والطوائف اللبنانية مستعدّة للذهاب إلى هذا المشروع حقيقة؟ أم أنّ طرح هذا الشعار غير واقعي؟
خامساً، الجهات المدعوّة للحوار والآليّات التي يمكن أن تُعتمد: من هي الجهات التي ينبغي دعوتها إلى الحوار الوطني؟ وهل يتمّ الاكتفاء بالأحزاب والقوى السياسية؟ أم هناك ضرورة لإشراك شخصيات مدنية ومجتمعية تمثّل البيئات المختلفة؟
سادساً، الإعداد المسبق للحوار: هل هناك حاجة إلى ورقة عمل أوّليّة تُطرح على المشاركين في الحوار؟ أم يتمّ الاتّفاق على البرنامج والموضوعات التي سيتناولها المشاركون في الحوار عند انعقاده؟
هذه بعض الملفّات والأسئلة التي يطرحها الدبلوماسيون الأوروبيون في بيروت، ويحرص بعض هؤلاء على المشاركة في الندوات والنقاشات الحوارية التي تنظّمها مؤسسات لبنانية بالتعاون مع مؤسسات دولية داعمة. وتستعين بعض البعثات الدبلوماسية بعدد من مراكز التفكير والأبحاث لعقد لقاءات حوارية بعيداً عن الإعلام من أجل استمزاج آراء الأفرقاء اللبنانيين حول مختلف الموضوعات. وتستعدّ بعض هذه المراكز لعقد مؤتمرات موسّعة بعد الانتخابات النيابية.
إقرأ أيضاً: اللوبي اللبنانيّ – الأميركيّ: الخيبة من قوى التغيير..
بانتظار وضوح صورة نتائج الانتخابات النيابية، في حال لم يحصل أيّ تطوّر داخلي أو خارجي يؤدّي إلى تأجيل هذه الانتخابات، يبدو أنّ لبنان قد عاد إلى دائرة الاهتمام العربي والإقليمي والدولي، على الرغم من انشغال العالم بملفّات عديدة، أهمّها اليوم الحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها، ونتائج المفاوضات حول الملف النووي الإيراني المتعثّرة. ويبدو أنّ الاهتمام الدولي والعربي سيزداد بالوضع اللبناني في المرحلة المقبلة حتّى الخامس عشر من أيّار لمعرفة الاتّجاه الذي سيذهب إليه اللبنانيون، ومَن سيختارون لتمثيلهم في البرلمان الجديد.