وصلت ثلاث رسائل فاتيكانية إلى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في الذكرى الثانية عشرة لانتخابه. كانت الرسالة الأولى من الحبر الأعظم البابا فرنسيس، والرسالة الثانية من رئيس الوزراء بياترو بارولين، والثالثة من السكرتير العام. وقد اختار السفير البابوي أن يسلّمها للبطريرك الراعي بعد مشاركته في قدّاس عيد البشارة يوم الجمعة في بكركي تكريماً له وتأييداً لمسيرته.
يقول مقرّبون من الراعي عنه إنّه يمشي على خطى الفاتيكان في كلّ ما يطرحه. فأتت هذه الرسائل الفاتيكانية ردّاً دبلوماسياً مباشراً على كلّ ما يُشاع عن سوء العلاقة بين الفاتيكان وبكركي، وعلى الفبركات الإعلامية حول دعم الكرسي الرسولي مشاريع متناقضة مع طرح الحياد.
ليست العلاقة بين الصرح البابوي وبكركي علاقة آمر ومأمور. ولا يمكن للفاتيكان أن تأمر بكركي بالحوار مع حزب الله. فهي سبق أن وجّهت عبر وزير خارجيّتها بول غالاغير تساؤلات إلى الراعي حول الحوار مع الحزب، فأجاب الراعي يومئذٍ أنّ هناك لجنة مشتركة، وأنّ الحزب قاطع بكركي منذ زيارة البطريرك للقدس، بالإضافة إلى وجود ملفّات إشكالية لا تزال عالقة بين بكركي والحزب، وأهمّها ملف بلدة لاسا العقاري والتاريخي.
يقول مقرّبون من الراعي عنه إنّه يمشي على خطى الفاتيكان في كلّ ما يطرحه. فأتت هذه الرسائل الفاتيكانية ردّاً دبلوماسياً مباشراً على كلّ ما يُشاع عن سوء العلاقة بين الفاتيكان وبكركي
غير أنّ ذلك لا يمنع أيّ حوار وأيّ إعادة إحياء للحوار مع حزب الله انطلاقاً من عناوين بكركي الثابتة: حصر السلاح بيد الدولة، وعدم إدخال لبنان في الصراعات الإقليمية، وتطبيق القرارات الدولية. وبالطبع لا خلاف بين بكركي والفاتيكان على هذه العناوين، وأيّ حوار بين أيّ فريق سيادي والحزب ينطلق من هذه الثوابت.
الراعي في القاهرة
هي الثوابت التي يحملها البطريرك الراعي معه في كلّ زياراته الخارجية. وآخر هذه الزيارات كانت إلى القاهرة حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي وشيخ الأزهر أحمد الطيّب وبطريرك الأقباط وأمين عام جامعة الدول العربية.
تكشف مصادر مواكبة للزيارة أنّ السيسي أعرب للراعي عن استعداد مصر لمساعدة لبنان في علاقاته الخليجية والعربية. والسيسي الذي فوجئ بتدهور الأوضاع في لبنان وعدم تطبيق الإصلاحات، في حديثه إلى الراعي، أعطى مصر مثالاً حول كيفية العمل لوقف الانهيار وتطبيق الإصلاحات والتعاون مع المجتمع الدولي.
وأعلن السيسي دعمه لمشروع الحياد البطريركي، مؤكّداً أنّه في حال استحالة حصول الحوار اللبناني اللبناني فإنّ مصر مستعدّة للمساعدة في تشكيل هيئة دولية عربية لرعاية الحوار من أجل أن يبقى لبنان بصيغته ونموذجه وانتمائه العربي. وقد استذكر السيسي في لقائه مع الراعي تاريخ لبنان والعلاقة المتينة التاريخية بين مصر ولبنان وعمق لبنان العربي، مستشهداً بدور الموارنة وحفاظهم على دور لبنان بإعلانهم دولة لبنان الكبير.
إقرأ أيضاً: الفاتيكان غاضب من كلام عون.. وسيردّ
اللقاء مع شيخ الأزهر
أيضاً حضر النموذج المسيحي الإسلامي وضرورة المحافظة عليه في لقاء الراعي مع شيخ الأزهر. لم يكن اللقاء سوى استكمال لـ”وثيقة الأخوّة والإنسانية” التي وقّعها البابا فرنسيس وشيخ الأزهر في الإمارات رفضاً للتطرّف وحفاظاً على الحوار الإسلامي المسيحي. وقد دعا الراعي شيخ الأزهر إلى زيارة لبنان في الوقت الذي يراه مناسباً.
في قراءة للقاءات الراعي في القاهرة ولقاءات الرئيس ميشال عون في الفاتيكان، يجب التوقّف عند الهديّة التي تلقّاها عون من الحبر الأعظم، والتي دخلت حفلة التأويلات والتفسيرات والتحليلات، وهي “وثيقة الحوار الإسلامي المسيحي”، التي وقّعها البابا مع شيخ الأزهر في الإمارات، وهذا ليس تفصيلاً. خصوصاً إذا عطفناها على الرسائل الثلاثة التي وصلت إلى الراعي، في مباركة علنية وحاسمة لمواقفه، بوجه كلّ التأويلات في الأسبوع الأخير.