لن تنجو دائرة كسروان-جبيل من ثلاثة اختبارات ستحدّد هويّتها السياسية و”قادة محاور” التكلّم باسمها في برلمان 2022:
– الحرب المُعلنة بين التيار الوطني الحر والنائب شامل روكز بما يمثّلان من رمزية سياسية مرتبطة مباشرة برئيس الجمهورية ميشال عون. حربٌ قد تكون إحدى نتائجها خسارة “مقعد الجنرال” الذي وضع التيار اليد عليه منذ العام 2005.
– احتمال توقيع “عقد شراكة” بين التيار العوني وحزب الله في الدائرة بعد معركة 2018، وهو أمر يرتبط بمصير التفاوض على المقاعد المشتركة في باقي المناطق. والهدف رفع سكور أصوات لائحة التيار، والتوافق على اسم مرشّح مقعد جبيل الشيعي.
– تحديد هوى المزاج المسيحي ومدى قدرة وجوه المجتمع المدني، أو تلك الخارجة من عباءة الأحزاب، على حجز مكانٍ لها في “قلعة الموارنة”. لذلك يكثر الحديث عن لائحة سادسة قد تولد في كسروان تتجاوز لائحة تحالف نعمة إفرام مع حزب الكتائب (أحد أحزاب السلطة على مدى عقود) إلى لائحة مؤلّفة من مستقلّين ووجوه المجتمع المدني برئاسة الوزير السابق زياد بارود.
في كسروان ثلاثة مقاعد من أصل خمسة خارجة مبدئيّاً من حلبة التنافس: مقعد التيار الوطني الحر (ندى البستاني)، مقعد القوات (شوقي الدكاش)، ومقعد نعمة إفرام
“ما فينا نزعّل جبران”
في كسروان ثلاثة مقاعد من أصل خمسة خارجة مبدئيّاً من حلبة التنافس: مقعد التيار الوطني الحر (ندى البستاني)، مقعد القوات (شوقي الدكاش)، ومقعد نعمة إفرام.
يبقى مقعدان “فالتان” ستتنافس الأطراف الثلاثة على واحد منهما، ما هو ليس مضموناً.
ستكون المعركة الكبرى على هذين المقعدين مع تسجيل سعي النائب فريد هيكل الخازن إلى تشكيل لائحة يقول القريبون منه إنّها “تحت سقف بكركي”، ومن نواتها حتّى الآن فريد هيكل الخازن وشاكر سلامة وإميل نوفل. ضمن هذا السياق أتت مواقف الخازن المعترضة على الادّعاء على سمير جعجع وفارس سعيد.
يحدث ذلك في ظلّ محاولة تطويق هامش الحركة لدى الخازن عبر الإيحاء بوجود “ديل” تحت الطاولة بينه وبين الثنائي الشيعي عبر اللعب على وتر علاقته برئيس مجلس النواب نبيه برّي وسليمان فرنجية وحزب الله. لكنّ المعطيات على الأرض تعكس تقارباً على الورقة والقلم وفي الغرف المغلقة بين الحزب والتيار الوطني الحر تحت شعار “ما فينا نزعّل جبران”.
نسبة التصويت
تُظهر الاستطلاعات أنّ شريحة وازنة من الكسروانيّين إمّا ترفض ذكر الجهة التي ستصوّت لها أو قرّ رأيها سلفاً على عدم الاقتراع للأحزاب. إنّها “هندسة” انتخابية مُعقّدة تستدعي المواءمة بين علم الأرقام والأحجام على الأرض وبين دراسة جدوى التحالفات.
عام 2018 اقترع في دائرة كسروان-جبيل أكثر من 117 ألف ناخب من أصل 180,203 ناخبين، بنسبة لامست 65%، وكانت الأعلى مقارنة بباقي الدوائر، فيما بلغ الحاصل الانتخابي 14,452 صوتاً.
لا أحد قادر على التكهّن منذ اليوم بمدى إقبال ناخبي دائرة جبل لبنان الأولى على الاقتراع في أيّار المقبل في ظلّ “حالة قرف” تجتاح غالبية الدوائر، لكنّ المؤكّد أنّ نوعيّة التحالفات لا تزال غير واضحة كليّاً حتى الآن، و”مفاجآت” الصوت التفضيلي ستتحكّم بدفّة المعركة في الدائرة التي تختبر انتخابات نيابية في الأمتار الأخيرة من نهاية عهد ميشال عون.
تفيد المعطيات بأنّ النائب شامل روكز والنائبين السابقين فارس سعيد ومنصور البون يتّجهون إلى التحالف في لائحة واحدة مدعومة من بهاء الحريري وأنطوان الصحناوي. ويضع هذا الواقع حدّاً لغزل سابق بين منصور البون والقوات لم يتطوّر إلى تحالف انتخابي
التيّار وحيداً
بخلاف انتخابات 2018 التي حصد فيها أربعة مقاعد، يخوض التيار الوطني الحر المعركة مسيحياً بشكل منفرد مع ضمانه فوز مرشّحته وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني، وهو لا يزال في طور التفتيش عن ركّاب اللائحة.
من جهته، لم يتّخذ بعد نائب جبيل السابق وليد خوري قراره بالانضمام إلى لائحة التيار، على الرغم من أنّ محيط النائب سيمون أبي رميا يؤكّد أنّ خوري أصبح خارج المعادلة، وإذا ترشّح يعلم مسبقاً أنّه سيخسر المعركة.
أمّا الحلفاء السابقون للتيار: نعمة إفرام وزياد بارود وشامل روكز ومنصور البون، فقد انصرفوا إلى صياغة تحالفات جديدة تضمن لهم الفوز.
ها هو حليف اللائحة السابق نعمة إفرام يُشرِف على اللمسات الأخيرة لـ”تركيبة” انتخابية بالتحالف مع الكتائب (سليم الصايغ). وما يزال النقاش مستمرّاً بالنسبة لبعض الأسماء، مع سلسلة وعود لعدد من المرشّحين.
كان إفرام قد سعى سابقاً، كما التيار والقوات، إلى استمالة زياد بارود، لكن على الرغم من الصداقة بين الرجلين لم ينجح إفرام بسبب رفض الأخير أن يكون في لائحة واحدة مع أيّ حزب تلافياً للدعسة الناقصة عام 2018، كما سمّاها، بالتحالف مع التيار الوطني الحر.
يُنقل عن بارود قوله: “في كلّ ما سأفعله أريد أن أشبِه نفسي. وأنا أتيت أساساً من المجتمع المدني. سأتّخذ قراري في غضون أيام، فإمّا لا أترشّح وأكون ناخباً منظّماً، أو أكون ضمن لائحة تعكس النَفَس التغييري. وفي الحالتين لن ألغي نفسي ولن أقدِم على مغامرة غير محسوبة النتائج”.
لائحة سادسة؟
يبدو واضحاً أنّه ليست كلّ مجموعات المجتمع المدني والثورة توافق على تمثيلها بلائحة إفرام والكتائب. لذلك قد تولد لائحة سادسة في كسروان.
من جهتها، تخوض القوات معركة “التمدّد” في كسروان عبر محاولة الفوز بنائب إضافي ينضمّ إلى شوقي الدكاش وزياد حواط في جبيل، فيما يستبعد خبراء انتخابيون نيلها حاصلاً ونصف حاصل في كسروان.
إلى ذلك تفيد المعطيات بأنّ النائب شامل روكز والنائبين السابقين فارس سعيد ومنصور البون يتّجهون إلى التحالف في لائحة واحدة مدعومة من بهاء الحريري وأنطوان الصحناوي. ويضع هذا الواقع حدّاً لغزل سابق بين منصور البون والقوات لم يتطوّر إلى تحالف انتخابي.
حتى الآن لم تتوضّح الصورة تماماً بين التيار والحزب. والاتفاق محتمل جداً بين الطرفين في الدائرة، خصوصاً أنّ التيار يخوض المعركة وحيداً حتى الآن، والحزب تعلّم من “درس” 2018
اللافت في هذا السياق تبنّي روكز أخيراً خطاب الخصومة الموجّه إلى حزب الله، في تماهٍ مع خطاب سعيد، وإن بحدّة أقلّ بكثير. يشير مطّلعون إلى صعوبة إحداث هذه اللائحة خرقاً في كسروان. ففارس سعيد مثلاً حصد بتحالفه مع الكتائب في الانتخابات الماضية 5,500 صوت، فيما لا يستطيع الثلاثة مجتمعين جمع حاصل واحد للّائحة، وفق تأكيد خبير انتخابي.
مقعد جبيل الشيعيّ
في جبيل عنوان المعركة واضح: المقعد الشيعي. في ظلّ بلوك للثنائي الشيعي يتجاوز عشرة آلاف صوت. عام 2018 ذهب المقعد بـ”نعمة” الصوت التفضيلي إلى مصطفى الحسيني الذي فاز بـ256 صوتاً تفضيلياً على لائحة فريد هيكل الخازن، فيما نال مرشّح الحزب حسين زعيتر 9,369 صوتاً تفضيلياً.
ومن أجل هذا المقعد أقام حزب الله قبل أسابيع من بدء الانتخابات عام 2018 مهرجاناً انتخابياً في مُجمّع سيد الشهداء في إطار المعركة الانتخابية في دائرة كسروان جبيل ليُشكّل رافعة لـ”فدائيّي” لائحة التضامن برئاسة جان لوي قرداحي.
يومذاك أشاد نصرالله بقبول أعضاء اللائحة “أن يكون بينهم مرشّح حركة أمل وحزب الله الشيخ حسين زعيتر على الرغم من كلّ الضغوط والتهويل”. وقال: “الشيخ حسين زعيتر هو مرشّح فوق الطاولة، وما يُقال عن دعم مرشّح آخر تحت الطاولة غير صحيح”، قاصداً مرشح التيار الوطني الحر ربيع عوّاد.
حتى الآن لم تتوضّح الصورة تماماً بين التيار والحزب. والاتفاق محتمل جداً بين الطرفين في الدائرة، خصوصاً أنّ التيار يخوض المعركة وحيداً حتى الآن، والحزب تعلّم من “درس” 2018.
إقرأ أيضاً: الشمال الثانية: “انتفض” تسبق الجميع… سعياً لاختراق محدود
هذا التحالف المحتمل “موصول” مع باقي المناطق، كأن يأخذ التيار تعويضاً له في بعلبك أو الجنوب في حال السير بخيار الحزب في جبيل على أن لا يكون مرشّح المقعد الشيعي حزبيّاً.
وفي حال الاتفاق بينهما على مرشّح تسوية يطير ربيع عوّاد، مع العلم أنّ القوات ضمّت إلى لائحتها عن المقعد الشيعي محمود عوّاد، والتحق أمير المقداد بلائحة نعمة إفرام. يخشى حزب الله فعلاً أن تكبّر القوات حصّتها في الدائرة، في ظلّ محاكاة تتحدّث عن احتمال فوز القوات بالمقعد الشيعي، أو لائحة إفرام-الكتائب.