ورد في الوكالة “المركزية” ردّ على مقال الزميل عماد الشدياق في “أساس” المنشور يوم الخميس الفائت، وعنوانه: “لماذا ترفع المصارف سعر الدولار؟”. بدا الردّ سوقيّاً وشتّاماً، لا يرقى إلى معايير الأخلاق المهنيّة، إذ اتّهم الزميل الشدياق بأنّه يعاني من “جهل عميق”، وأنّ “تحليلاته خاطئة”.
بعد الشتيمة قال الردّ إنّ “الدولارات التي تحصل عليها المصارف من خلال التعاميم وعبر منصّة “صيرفة” تؤمَّن من مصرف لبنان مقابل الليرات التي يودعها التجّار أو حسابات الزبائن وليس من السوق السوداء، ويتمّ تسديد الليرات المحصّلة إلى مصرف لبنان أو شطب الرصيد من قيود المودعين بعمليات شفّافة تستحصل المصارف على عمولة فقط مقابل القيام بهذه العمليات”.
كاتب الرد يخجل من نفسه، ولا يجرؤ على نشر اسمه. كما أنّ المصرفيين المدافعين عن المصارف باتوا يخجلون من ذكر أسمائهم!
يهمّ موقع “أساس” أن يشرح التالي ردّاً على ردّ “المصادر المصرفية”:
أوّلاً: مقال “المركزية” منسوب إلى مصادر مصرفية. وبالتالي فالذي كتبه إمّا يخجل من نفسه، وإمّا لا يجرؤ على نشر اسمه. وفي الحالتين، من المفيد أنّ المدافعين عن المصارف باتوا يخجلون من أسمائهم.
ثانياً: مقال الزميل عماد الشدياق تحدّث عن الأرباح التي تحقّقها المصارف نتيجة الفرق بين سعريْ “السوق السوداء” ومنصّة “صيرفة”، اللتين تملك المصارف الـAccess عليهما دون سواها من المواطنين والصرّافين، وليس عن أرباح من ارتفاع سعر الصرف. وبالتالي فإنّ ذرّ رماد الشتيمة في عيون القرّاء لم يُصِب النصّ ولا كاتبه. ولم يلحظ الردّ ما كتب عن الحجج التي تسوقها المصارف حول عدم وجود “فكّة” دولارات لدفع المستحقّات كاملة، وهذا كلّه يُعدّ محاولة لتحريف بعض ما جاء في نصّ المقال وإغفال بعضه الآخر.
ثالثاً: قارىء ردّ المصارف يظنّ لوهلة أنّه صادرٌ عن جمعية “الحبل بلا دَنَس” المصرفية، التي تعمل لوجه الله وبنوره، لا عن “مصادر مصرفية”. فهل يختلف اثنان في لبنان اليوم على أنّ المصارف تجافي الشفافيّة في تعاملها مع عملائها وتعتمد الاستنسابية منهجاً منذ 17 تشرين الأول 2019 إلى اليوم؟
رابعاً: نسأل المصارف: هل كلّ عملائكم سواسية يحظون بالمعاملة ذاتها؟ أم ثمّة عميل درجة ثانية وعميل آخر “صاحب حظوة” لدى مجلس إدارة هذا البنك أو مدير ذاك؟ هل نسأل أهالي الطلاب الذين تتحايلون عليهم بحجّة جديدة كلّ يوم، حتى تتهرّبوا من تحويل أموالهم إلى أبنائهم الطلاب في الخارج؟ أم نسأل المنظمات الدولية ووكالاتها التي ما تزال حتى اللحظة تستفيد من أرصدتها السابقة باعتبارها “فريش”، وتُمنع عن صغار المودعين الذين جمعوا دولاراتهم بالسراج والفتيل وبعرق الجبين؟
خامساً: من الملاحظ أنّ أرقام منصّة “صيرفة” قد تضاعفت في الأسابيع الأخيرة، من دون شفافية في نشر أو إظهار هويّة المستفيدين من دولاراتها، لقاء سعر أقلّ بنحو 20% إلى 25% من سعر “السوق السوداء”. ألا يتلاعب التجّار، والمصارف جزء من هذه اللعبة، بحجم البضائع التي يدّعون شراءها، والأموال التي تحوّلها لهم المصارف إلى الخارج من عرق اللبنانيين والمودعين وجنى أعمارهم؟
سادساً: لا شيء يمنع أنّ تكون المصارف شريكة لبعض “المحظيّين” من المستوردين والتجّار (وهناك شواهد كثيرة لتجّار قاموا بهذا العمل)، فتعمد بالشراكة معهم إلى زيادة أرقام الاستيراد من أجل الحصول على دولارات منصة “صيرفة”، ما دامت رقابة مصرف لبنان في هذا المجال معدومة ولا قدرة له على تعقّب وصول كامل البضائع والتحقّق من كميّاتها؟ ثمّ أنتم مَن تحدّثتم في ردّكم عن “عمولة في مقابل القيام بهذه العمليات”… فهل كاد المريب أن يقول خذوني؟
سابعاً، فليعلم صاحب الردّ المجهول بأنّ غياب الشفافيّة في أرقام منصة مصرف لبنان هو ما يفتح الباب على اجتهادات كثيرة. ونذكّر المصرفي المجهول، صاحب الردّ، بأنّنا طالبنا “المركزي” مراراً وتكراراً، شفهيّاً وخطّيّاً، بضرورة نشر أرقام دعم السلع قبل وقفه، ثمّ لاحقاً بضرورة الكشف عن حجم بيع الدولارات وحجم شرائها عبر منصة “صيرفة”، وليس الاكتفاء بذكر حجم التداول بشكل عام، الذي يُعدّ سخيفاً وبلا قيمة من دون ذكر التفاصيل، لكنّ “المركزي” لم يفعل ذلك، ضارباً عرض الحائط بقانون “حقّ الوصول إلى المعلومة”، ولا نعرف إن كان ذلك من باب الإهمال أو التواطؤ أو التستّر.
ثامناً، لمّا كنتم تعتبرون أنفسكم براء من هذه التهم، ولمّا كان المركزي يدير “الأذن الطرشا” لكلّ الاستفسارات، فحريٌّ بكم أنتم “يا من تدّعون تطبيق القوانين” أن تخبرونا عن حجم تداولاتكم اليومية على منصة “صيرفة”. فليتفضّل كلّ مصرف منكم ويخبرنا بحجم عملياته اليومية بيعاً وشراءً عبر “صيرفة”، ولا نظنّ أنّ ذلك خرقٌ لقانون السريّة المصرفية! فهل تجرأون؟
إقرأ أيضاً: لماذا ترفع المصارف سعر الدولار؟
تاسعاً، اتّهام الناس بالجهل يُرَدّ عليه بتقديم البيانات والمعلومات الصحيحة والمفيدة، وليس بتحريف الأقوال، وبالاختباء خلف مسمّى “المصادر المصرفيّة” لأنّ أزمتكم الفعليّة مع المواطنين اللبنانيين ومع عملائكم هي مسألة ثقة وشفافيّة وصدقيّة… وأنتم تصرّون حتى اللحظة على العكس.
فاخجلوا بعد، واختبئوا خلف مسمّى “المصادر”… وحدهم الكاذبون يختبئون من عيون الناس.