لا يتوقّف حزب الله الإرهابي عن الانحدار بخطابه التفريقي، خطاب ضرب صميم الدولة ومفهومها وهيبتها، بحيث يواصل تكريس هدم الدولة لأنّه يعلم أن لا مكان لحزبه أو للوصاية الإيرانية على لبنان طالما هناك دولة.
آخر تصريحات حسن نصر الله هي دليل على هذا الانحدار، فبينما يقول رئيس الوزراء اللبناني السيد نجيب ميقاتي إنّه لم يعد هناك “مصاري” يخرج نصر الله موزّعاً صكوك الوطنية، ومتّهماً الجيش اللبناني.
يقول نصر الله إنّ قرار حزبه لبناني “يأخذ مصالح بلده ومصالح شعبه بعين الاعتبار بشكل أساسي، ما عم يقدر يستوعبوا بأن حزب الله هو صاحب القرار تبع حزب الله بلبنان”، مضيفاً: “وبعض الأشخاص وبعض الأحزاب في لبنان التي تأتمر بأوامر السفارات أنا بدي أناقشهم أنت لبناني، ولا مش لبناني؟”. ويقول: “أمّا في امتحان السيادة والاستقلال والحرية هؤلاء سقطوا من زمان”.
يتحدّث نصر الله عن الوطنية فيما إيران تحتلّ لبنان بسبب سلاحه وإرهابه، ويطعن في نزاهة الجيش اللبناني
ويتابع كلامه: “هؤلاء في الحقيقة هم يخدمون المشروع الأجنبي، نعم يوجد نفوذ أميركي في لبنان، هذا صحيح، يوجد نفوذ سياسي ونفوذ مالي ونفوذ عسكري وأمنيّ، عندهم حضور داخل المؤسسة العسكرية”.
ويا لها من سخرية أن يتحدّث نصر الله عن الوطنيّة والسيادة والعمالة للسفارات، وأن يطعن بالجيش اللبناني بعدما طعن بالجيش العربي المصري إبّان حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، رحمه الله.
نصر الله، زعيم الحزب الإرهابي، بات يوزّع صكوك الوطنية، وهو الذي يتحدّث عن تبعيّته الواضحة للوليّ الفقيه، ويفاخر بها، وهذا أمر موثّق على يوتيوب، من خلال خطبه، وهو الرجل الذي احتلّ بيروت كثاني محتلّ بعد إسرائيل.
يتحدّث نصر الله عن الوطنية فيما إيران تحتلّ لبنان بسبب سلاحه وإرهابه، ويطعن في نزاهة الجيش اللبناني في إشارة خطيرة مفادها أنّ من يطالب بنزع سلاح حزب الله سيجد أنّه أمام نزع سلاح الجيش نفسه، أو حتى كسر الجيش.
وهذا هو التحليل الوحيد لتطاول نصر الله على الجيش اللبناني، وكأنّه يقول سلاح الجيش مقابل سلاح حزب الله، ويلمّح إلى أنّ المعركة الآن معركة وطنية، وليست “مقاومة” كما كان يكرّر، وبالتالي فإنّ كلّ من يريد بسط نفوذ الدولة فهو خائن وعميل.
وعليه، وطالما أنّ نصر الله يقول: “بعض الأشخاص وبعض الأحزاب في لبنان التي تأتمر بأوامر السفارات أنا بدي أناقشهم أنت لبناني، ولا مش لبناني؟”، فلا بدّ أن يكون النقاش مشرّعاً الآن في لبنان حول من هو اللبناني ومن هو غير اللبناني.
والأكيد أنّ الخاسر الوحيد بهذا النقاش هو الحزب نفسه وزعيمه، فلا هما باللبنانيّين، ولا يمثّلون مصالح لبنان، وإنّما مصالح إيران، وتحديداً مكتب الوليّ الفقيه. وهو ما أصّله نعيم قاسم في دراسة قال فيها إنّ تبعيّة ومرجعيّة الحزب هما للوليّ الفقيه، المرشد الأعلى لإيران.
إقرأ أيضاً: لماذا أعلن “السيّد” الحرب على الجيش؟
وبقي أن نقول هنا إنّ طرح نصر الله هذا لا يدلّ على ثقة واطمئنان، بقدر ما يعبّر عن قلق الحزب من أنّ الأيّام القادمة قد لا تكون “ليالي الأنس” في فيينا، لأنّ ما يتبعها ليس بالأمر السهل.