نعم للوجود الأجنبيّ!

مدة القراءة 3 د

عنوان مستفزّ، أليس كذلك؟ حسناً ماذا عن هذه المقولة؟ “لا يمكن للدول العظمى اليوم أن تحمي نفسها أو أن تلعب دورها من داخل حدودها، لذا لا بدّ أن تلعب الدور من خارج الحدود، من خلال حلفاء موجودين في العالم أو من خلال قواعد عسكرية”.

المقدّمة أعلاه ليست رأيي، بل هي رأي بشار الأسد في مقابلته مع وكالة “سبوتنيك” الروسية أثناء زيارته الأسبوع الماضي موسكو حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين، إذ يرى الأسد ضرورة أن يكون الوجود الروسي بسوريا مطوّلاً، وبأسلحة حديثة ومتطوّرة.

ويقول الأسد: “لا يمكن للوجود العسكري الروسي في أيّ دولة أن يُبنى على شيء مؤقّت، نحن نتحدّث عن توازن دولي، وجود روسيا في سوريا له أهميّة مرتبطة بتوازن القوى في العالم”، معتبراً أنّ “توسيع الوجود الروسي في سوريا شيء جيّد”.

يريد بشار الأسد من العرب أموال إعادة الإعمار، ومن روسيا وإيران التأمين العسكري لحكمه في مواجهة السوريين

قواعد وصواريخ في سوريا

كما علّق على إمكانية نشر أسلحة وصواريخ فوق صوتية بالقواعد الروسية بسوريا بالقول: “طبعاً إذا كنت ستبني قواعد فليس الهدف أن تكون القواعد ضعيفة من الناحية العسكرية، يفترض بالقواعد كي يكون لها تأثير في الردع أو التوازن أن تُسلّح بأفضل الأسلحة”.

يقول الأسد كلّ ذلك فيما نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، الأسبوع الماضي، نقلاً عن مصادر أوروبية، وعن أحد مستشاري النظام الأسدي، ما سمّته خطة إعادة تأهيل الأسد العربية، التي يرفض الأسد جلّها.

نشرت الصحيفة أنّه “في المحادثات التي قادتها الأردن في البداية، اقترحت الدول العربية مساعدات بمليارات الدولارات للمساهمة في إعادة بناء سوريا”. كما “تعهّدت بالضغط على الولايات المتحدة والقوى الأوروبية لرفع العقوبات المفروضة على حكومة الأسد”.

وأضافت الصحيفة أنّه “في المقابل ينخرط الأسد مع المعارضة السياسية السورية، ويقبل بقوات عربية لحماية اللاجئين العائدين، ويتّخذ إجراءات صارمة ضدّ تهريب المخدّرات غير المشروعة، ويطلب من إيران التوقّف عن توسيع وجودها في البلاد”.

وقالت الصحيفة إنّ المحادثات لا تزال في مرحلة مبكرة، لكنّ “الأسد لم يبدِ أيّ اهتمام بالإصلاح السياسي، أو استعداد للترحيب بالقوات العربية”، كما قال مستشار للنظام الأسدي، ومسؤولون عرب وأوروبيون مطّلعون على المحادثات. وتقول الوقائع أيضاً إنّ تهريب المخدّرات مستمرّ.

سرّ طلب الأسد

من هنا نفهم لماذا طلب الأسد في روسيا زيادة القواعد العسكرية، وبقاءها لفترات طويلة، إذ يريد من العرب أموال إعادة الإعمار، ومن روسيا وإيران التأمين العسكري لحكمه في مواجهة السوريين.

هنا لا بدّ من طرح عدّة أسئلة تستحقّ الطرح، ومن أهمّها: هل هذا هو تفكير من يقود سوريا “العروبة”، إذ يريد بقاء الأجنبي ببلاده فيما هو من حاضر مطوّلاً ضدّ الغرب وفي ضرورة تحرير القرار العربي؟

إقرأ أيضاً: العودة إلى ما قبل الثورات؟

وماذا عن أكذوبة “المقاومة والممانعة” التي استخدمها الأسد وحزب الله في المنطقة مطوّلاً، وبرّروا من خلالها كلّ جرائمهم بحقّ السوريين واللبنانيين؟ وما الفرق بين الوجود الأميركي والتركي والإيراني والروسي في دولنا؟

ما رأي من أشغلونا بالحديث عن وحدة الأراضي السورية، وضرورة خروج القوات “الأجنبية” من هناك، وعودة سوريا “العروبة” إلى “الحضن” العربي؟ الحقيقة أنّ المنطقة تتغيّر إلا سوريا الأسد التي لا تزال قابعة في دهاليز “الرجعية” والمؤامرات وتهريب المخدّرات.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: tariqalhomayed@

مواضيع ذات صلة

مع وليد جنبلاط في يوم الحرّيّة

عند كلّ مفترق من ذاكرتنا الوطنية العميقة يقف وليد جنبلاط. نذكره كما العاصفة التي هبّت في قريطم، وهو الشجاع المقدام الذي حمل بين يديه دم…

طفل سورية الخارج من الكهف

“هذي البلاد شقّة مفروشة يملكها شخص يسمّى عنترة  يسكر طوال الليل عند بابها ويجمع الإيجار من سكّانها ويطلب الزواج من نسوانها ويطلق النار على الأشجار…

سوريا: أحمد الشّرع.. أو الفوضى؟

قبل 36 عاماً قال الموفد الأميركي ريتشارد مورفي للقادة المسيحيين: “مخايل الضاهر أو الفوضى”؟ أي إمّا القبول بمخايل الضاهر رئيساً للجمهورية وإمّا الغرق في الفوضى،…

السّوداني يراسل إيران عبر السعودية

 لم يتأخّر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ومعه قادة القوى السياسية في قراءة الرسائل المترتّبة على المتغيّرات التي حصلت على الساحة السورية وهروب رئيس…