سيشهد اللبنانيون على انتخاب رئيس قبل 15 حزيران كما تشير مصادر دبلوماسية متنوّعة ومتباعدة، وكما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري. لكن أيّ رئيس سينتخب هذا المجلس المنقسم انقساماً عمودياً والذي لا وسط فيه سوى استثناءات قليلة؟
تقود كلّ المؤشّرات إلى أنّ جلسة نيابية ستنعقد وسيكون أمامها مرشّحان: رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور. غير أنّ هذا الأخير يرفض زجّه في الصراعات حرصاً على موقعه، كما نقل عنه أحد المطّلعين على الملف، خصوصاً أنّ أيّاً من المرشّحين لا يملك الـ 65 صوتاً حتى اللحظة. فكيف سيكون إذاً إخراج انتخاب الرئيس في مهلة أقصاها ثلاثة أسابيع؟
دفتر حساب الأصوات
في عملية حسابية بسيطة يقوم بها كلّ من الفريقين، لا 65 صوتاً لسليمان فرنجية ولا للمرشّح الذي ينافسه. فإذا احتسبنا الأصوات الشيعية والعلوية والسنّية، بما فيها كتلة “الاعتدال الوطني”، وأصوات بعض المسيحيين المستقلّين والنواب الأرمن وكتلة فرنجية، فلن تتعدّى الأصوات التي يحصل عليها فرنجية الـ60 صوتاً في أحسن الأحوال.
كذلك المرشّح المقابل له لا يمكنه، وفق عملية حسابية تحتسب حجم التباينات بين قوى المعارضة، أن يحصل على 65 صوتاً ليفوز في الدورة الثانية في حال انعقادها.
الواضح والأكيد أنّ القوى المسيحية متمسّكة برفضها انتخاب فرنجية. وكلّ كلام عن تبدّل موقف باسيل بهذا الملف غير صحيح كما تشير مصادر التيار لـ”أساس”
أمّا الحديث عن نصاب الـ86 نائباً فيبدو أنّه دخل مربّعاً آخر بعد كلام سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري عن عقوبات دولية يمكن أن تُفرض على معرقلي الانتخاب.
فهل يخضع النواب للمعطى الجديد بعدم تعطيل النصاب بعدما كان 43 نائباً قد أكّدوا استعدادهم لمغادرة الجلسة لمنع انتخاب فرنجية؟ وهل يجنح نواب “الثنائي الشيعي” إلى هذا المعطى في حال وجدوا فرصاً جدّية لانتخاب رئيس محسوب عليهم؟
هي أسئلة مطروحة بجدّية اليوم، ولا سيما وسط أجواء تفيد بأنّ فريق فرنجية لا يحبّذ الذهاب إلى مجلس النواب في حال كانت النتيجة إسقاط فرنجية بالأصوات.
الواضح والأكيد أنّ القوى المسيحية متمسّكة برفضها انتخاب فرنجية. وكلّ كلام عن تبدّل موقف باسيل بهذا الملف غير صحيح كما تشير مصادر التيار لـ”أساس”. الرفض المسيحي هذا يتماهى معه رفض من نواب التغيير ورفض أيضاً من اللقاء الديمقراطي الثابت على موقفه على الرغم من كلّ الكلام السابق.
جنبلاط : لا رئيس تحدٍّ.. إن للمسيحيّين أو للشيعة
موقف جنبلاط واضح: لا لفرنجية لأنّه رئيس تحدٍّ للقوى المسيحية، ولا دعم عربياً دولياً واضحاً له.
غير أنّ قراءة موقف جنبلاط هذا تظلّ ناقصة ما لم نقرأ الجزء الآخر من الثوابت الجنبلاطية: “لا رئيس تحدٍّ للثنائي الشيعي أيضاً”. وبالتالي لن تصوّت كتلة اللقاء الديمقراطي لأيّ رئيس “إذا كان سيتبعه 7 أيار مثلاً”، كما قال النائب مروان حمادة في حديث تلفزيوني أمس. وعليه فإنّ أفضل السيناريوهات لدى كتلة اللقاء الديمقراطي هو انتخاب رئيس تصالحي يتوافق عليه اللبنانيون. ومن هذا المنطلق يمكن التأكيد أن لا رئيس للبنان لا تشترك القوى اللبنانية في انتخابه. فإذا كان الاسم الذي اتفقت عليه المعارضة، أي جهاد أزعور، مقبولاً من الحزب، فسيتّجه جنبلاط إلى انتخابه. أمّا إذا وضع الحزب فيتو على أزعور، عبر رسالة من تلك الرسائل التي يجيد إرسالها، فإنّ ذلك سيعني عدم انتخابه.
يدرك الثنائي هذا الخيار جيداً، ويدرك تضاؤل فرص سليمان يوماً بعد يوم. وبالتالي سيجري البحث عن مخرج لائق يضع فرنجية وفريقه في موقع القويّ الحريص على مصلحة البلد. لكن حتى هذه اللحظة لا مخرج واضحاً لهذا الانقسام. فهل يقبل الحزب أن يخسر مرشّحه في منازلة في مجلس النواب أم يستبقها بالانفتاح على خيارات أخرى، ولا سيّما بعد الكلام عن إمكانية عودة التواصل مع التيار الوطني الحر للتوافق على اسم رئيس؟
إقرأ أيضاً: رئاسة الـman to man: سيناريو صداميّ محتمل؟!
الدوحة تمهيد لجدّة
سينعكس المشهد الداخلي على خطّ الدوحة – جدّة. فاللجنة الخماسية تعقد اجتماعها في قطر بانتظار إعادة تأكيدها لمواصفات الرئيس قاطعة الشكّ باليقين. ومن الدوحة إلى جدّة حيث تنعقد القمّة العربية بما فيها من ملفّات حيوية تبدأ بالسودان واليمن ولا تنتهي بلبنان وسوريا.
العيون شاخصة إلى هناك حيث سيُفتح باب الرئاسة اللبنانية من خلال تسوية عنوانُها قد يحطّ في اليرزة.
لمتابعة الكاتب على تويتر: josephinedeeb@