رئاسة الـman to man: سيناريو صداميّ محتمل؟!

مدة القراءة 5 د

يُشبِه تفاؤل الرئيس نبيه بري باحتمال انتخاب رئيس للجمهورية قبل 15 حزيران مشهد خروجه من قصر بعبدا بعد لقاء جَمَعه مع رئيس الجمهورية السابق ميشال عون ورئيس الحكومة السابق حسان دياب مُعلِناً “الاتفاق على تخفيض قيمة الدولار إزاء العملة اللبنانية بدءاً من اليوم (12 حزيران 2020) إلى ما دون أربعة آلاف ليرة وصولاً إلى تثبيته على 3,200. هذا الأمر سوف يحصل وتمّ الاتفاق على الإجراءات في جلسة مجلس الوزراء. كما اتّفقنا على مخاطبة IMF بلغة واحدة، وهذا الأمر سيكون برعاية مجلس النواب”.

تشبه خارطة طريق الرئيس برّي “الماليّة” آنذاك كثيراً خارطة طريقه الرئاسية المُعلَنة غير المبنيّة حتى الآن على وقائع صلبة. دعا برّي إلى نزع الألغام أمام عقد جلسة توقّع حصولها “كحدّ أقصى” في 15 حزيران. بعدها تحدّث عن روزنامة غير واقعية: انتخاب رئيس، تشكيل حكومة “تؤلَّف بسرعة وليس ثمّة ما يُعرقلها انسجاماً مع القرار بمساعدة الرئيس الجديد على الانطلاق”، ثمّ تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان قبل 31 تموز.

وفق معلومات “أساس” لم تغادر حتى الآن الدعوات إلى الحوار الصادرة عن برّي وحزب الله لتكريس التفاهم الرئاسي مربّع التسليم بقبول أيّ سيناريو… لا يستبعد اسم سليمان فرنجية

يجدر التذكير أنّ تأليف الحكومة الثانية للرئيس سعد الحريري عام 2016 في مطلع عهد ميشال عون، ومع كلّ وهج التسوية الرئاسية، استغرق 76 يوماً. حتى بين أسرع الحكومات تأليفاً، وهي حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثانية (44 يوماً)، وأطولها، وهي حكومة الرئيس تمّام سلام ( 10 أشهر و9 أيام)، مسار أحداث لا يُشبِه بخطورته وتعقيداته الأزمة اليوم، وهو ما يفرض التسليم بصعوبة تلمّس معالم “الحلّ القريب” وسط ضبابية لا تزال مسيطرة على توجّه “صانعي التسوية” في الخارج.

بين منتصف أيار ونهاية تموز تعبق الساحة الإقليمية-الدولية بأحداث مؤثّرة على الداخل اللبناني ليس أقلّها رصد تداعيات عودة سوريا بعد 12 عاماً من تعليق عضويّتها إلى مقعدها في الجامعة العربية، واللقاء الخماسي الدولي-العربي الشهر المقبل في قطر، وتتبّع نتائج الحركة الناشطة القطرية-السعودية-الأميركية في لبنان، وما بينهما صراع فرنسي-أميركي-سعودي لم يُحسَم بعد في شأن تكريس ترشيح سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية.

وفق معلومات “أساس” لم تغادر حتى الآن الدعوات إلى الحوار الصادرة عن برّي وحزب الله لتكريس التفاهم الرئاسي مربّع التسليم بقبول أيّ سيناريو… لا يستبعد اسم سليمان فرنجية.

أمّا الترجمة المَرِنة لهذا التصلّب الشيعي فتنعكس من خلال استعداد الثنائي لخوض مغامرة تُشبه ما حدث في 17 آب 1970، مع فارق الظروف واللاعبين ومسار الأحداث، أفضت إلى انتخاب سليمان فرنجية الجدّ رئيساً للجمهورية بفارق صوت واحد عن منافسه الياس سركيس الذي عاد وانتُخب رئيساً بعد ستّ سنوات.

تركّزت مداولات قوى المعارضة و”التيار” في الأسابيع الماضية على محاولة التوافق على اسم لا يزال “ضائعاً” بين ثلاثة مرشّحين: قائد الجيش، جهاد أزعور، زياد بارود

تقول شخصية سياسية قريبة من “حزب الله”: “لا يجد الحزب ضمانات كافية في جميع المرشّحين المُعلَنين، ومن بينهم أصدقاء شخصيّون لحزب الله. أمّا بالنسبة لقائد الجيش لا موقف مسبقاً ضدّه، لكن لا منطق أيضاً في انتقال حزب الله من ضفّة دعم فرنجية إلى دعم “خصمه” الأوّل في الترشيح. رئيس “تيار المردة” هو حتى إشعار آخر مرشّح الثنائي. فليتّفق الآخرون، ومعهم جبران باسيل، على مرشّح، وليتفضّلوا إلى مجلس النواب. فالمعركة الأولى هي معركة تأمين نصاب الـ 86 صوتاً، وبعدها فليربح من يربح”.

مع ذلك، ما يزال الطرفان، أي الفريق الداعم لفرنجية وفريق المعارضة (باسيل ضمناً)، يحاذران لعبة الـman to man ، بمعنى تكريس صراع المُرشّحَيْن تحت قبّة البرلمان، خصوصاً أنّ مشهداً داخلياً صدامياً كهذا يُناقِض تماماً حياكة التفاهمات الكبرى على خط طهران-الرياض-سوريا. في هذا السياق يمكن افتراض وجود سيناريوهَين: فرنجية-جوزف عون أو فرنجية-جهاد أزعور. سيكون جبران باسيل بيضة القبّان. في الاحتمال الأوّل سيكون باسيل خارج معسكر التنافس خاسراً حتى لقب “صانع الرؤساء”. في الاحتمال الثاني يبرز سؤال بديهي: هل يخوص باسيل معركة رئاسية ضدّ حزب الله بسيف جهاد أزعور؟

إقرأ أيضاً: باسيل “يُسوّق” بارود وأزعور عند “القوّات”!

كشف الشيخ نعيم قاسم قبل أيام أنّ الأصوات المؤيّدة لفرنجية “قابلة للزيادة”، لكن فعليّاً ومع التعامل “السلِس” للرياض على النواب السُّنّة وكتلة وليد جنبلاط ومع التسليم برفض باسيل القاطع لفرنجية، لن يتمكّن الأخير من تجاوز عتبة الـ 65 صوتاً، واستطراداً لن يتوافر نصاب الثلثين لافتتاح الجلسة. أمّا في مقلب المعارضة فحديث عن 43 نائباً في الجيبة “سيعطّلون النصاب” (سيحتاج التئام الجلسة إلى نائب واحد للوصول إلى عتبة الـ 86 صوتاً) ، إلا إذا ركبت تسوية شاملة تضمّ التيار الوطني الحر والقوات والكتائب ونواب التغيير ونواباً مستقلّين وكتلة الاعتدال الوطني، فسيكون محور “الممانعة” أمام مرشّح أكثر جدّيّة من ميشال معوّض ويشكّل ضغطاً مسيحياً على الثنائي لن يكون بالإمكان تجنّبه.

مع العلم أنّ مداولات قوى المعارضة و”التيار” في الأسابيع الماضية تركّزت على محاولة التوافق على اسم لا يزال “ضائعاً” بين ثلاثة مرشّحين: قائد الجيش، جهاد أزعور، زياد بارود.

لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@

مواضيع ذات صلة

بعد 100 عام: الشيعة “يعودون”… إلى سايكس بيكو

في 1982، حين سقط بشير الجميّل في وسط الأشرفية التي دافع عنها، اكتشف المسيحيون أنّ العمق الإسرائيلي “كذبة” وأنّ لبنان وطنهم النهائي. وفي 2005 حين…

حرّية حركة إسرائيل بدأت: قصف قرى الجنوب خلال الهدنة

في الرابع عشر من هذا الشهر (تشرين الثاني) نشر “أساس” مسوّدة الاتّفاق الذي أصبح أمراً واقعاً منذ أيام، لوقف الأعمال العدائية ضمن مهلة 60 يوماً،…

لودريان في بيروت: رئاسة و1701 واستقرار

أُدرِجت زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان للبنان في خانة الأكثر الأهمّية سياسياً والأشدّ حزماً رئاسياً، ولو أنّها في نفس إطار مهمّته الأساسية، فمحورها…

اختبار اليوم الأوّل: الرّئاسة تضغط!

لم يعد مضمون اتفاق وقف إطلاق النار ببنوده الـ13 و”ألغامه” مُهمّاً بقدر الحاضنة الميدانية – السياسية التي ستواكب تنفيذه منذ دخوله حيّز التطبيق فجر الأربعاء،…