انتخابات المجلس الشرعيّ: لا تأجيل.. لا هيمنة.. لا وصاية

مدة القراءة 7 د


ثلاث لاءات وضعها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مع اقتراب استحقاق انتخابات المجلس الشرعي الأعلى في الأول من شهر تشرين الأول المقبل:

1- لا تأجيل للاستحقاق الانتخابي تحت أيّ ظرف من الظروف.

2- لا هيمنة سياسية على المجلس، بل تأكيد على التنوّع وتمثيل الجميع.

3- لا وصاية لأحد على المجلس ترشيحاً أو انتخاباً.

السُّنّة يتقدّمون

يثبت سُنّة لبنان في الأول من تشرين الأول للمرّة الثالثة على التوالي تقدُّمهم على شركائهم في الوطن كافّة في العبور نحو تجديد النخب السياسية والاجتماعية والدينية عبر مرحلة انتقالية لا بدّ منها في الولادة الحقيقية الطبيعية للتغيير.

المحطّة الأولى: النجاح في استحقاق الانتخابات النيابية عام 2022 التي انتخبوا فيها وجوهاً جديدة بعد انكفاء الوجوه التقليدية بكلّ سلاسة وهدوء، فأسقطوا في صناديق الاقتراع مشاريع الهيمنة التي كان يُخطَّط لها في بيروت وطرابلس والبقاع. تنوّعت اختياراتهم إلا أنّها كانت موحّدة في رفض إلغاء دور السُّنّة في الحياة السياسية عبر المشاركة الكثيفة في الاقتراع.

المحطّة الثانية: إجراء انتخابات مفتي المناطق في كلّ المحافظات في جوّ تنافسي شديد، وتحديداً في البقاع وعكار وطرابلس، فتعامل الجميع، وفي مقدَّمهم المتنافسون، بروح ديمقراطية، إذ لم يسجَّل أيّ إشكال أو أيّ اعتراض، وهنّأ الخاسر المنتصر وخرجا معاً من مركز الانتخاب يداً بيد مسقطَين كلّ التأويلات.

المحطة الثالثة: إجراء انتخابات اتحاد العائلات البيروتية في جوّ ديمقراطي لم تشهده العاصمة من قبل، فتنافست لائحتان، واللائحة الأقلّ حصداً للفائزين تصدّر المنتصرون فيها عدد الأصوات، فجاء الاتحاد على صورة من التنوّع من أجل الإثراء في العمل والإنتاج والفعّالية.

يثبت سُنّة لبنان في الأول من تشرين الأول للمرّة الثالثة على التوالي تقدُّمهم على شركائهم في الوطن كافّة في العبور نحو تجديد النخب السياسية والاجتماعية والدينية عبر مرحلة انتقالية لا بدّ منها في الولادة الحقيقية الطبيعية للتغيير

المحطّة الرابعة: المجلس الشرعيّ

في 1 تشرين الأول سيستضيف كلّ من:

1- بهو دار الفتوى في عائشة بكّار عملية انتخاب ثمانية أعضاء يمثّلون محافظة بيروت.

2- مديرية الأوقاف في طرابلس عملية انتخاب ثمانية أعضاء يمثّلون محافظة الشمال (طرابلس، الضنّية، المنية).

3- دائرة الأوقاف في مدينة صيدا عملية انتخاب أربعة أعضاء يمثّلون محافظة الجنوب.

4- دائرة الأوقاف في الجيّة عملية انتخاب عضوين يمثّلان محافظة جبل لبنان.

5- بهو دار الفتوى في البقاع عملية انتخاب عضوين يمثّلان محافظة البقاع، فيصبح مجموع المنتخَبين 24 عضواً، ثمّ يعلن مفتي الجمهورية تعيين ثمانية أعضاء موزّعين على كلّ المحافظات، فيكتمل بذلك عقد المجلس الشرعي الجديد المؤلّف من 32 عضواً لولاية مدّتها أربع سنوات.

لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الضنّية، وتحديداً عبر النائب جهاد الصمد، تشكّل ثقلاً لا يمكن تجاوزه لأنّها تضمّ ما يقارب ثلاثين ناخباً هم ربع عدد الناخبين في محافظة الشمال

الجسر نائباً للرئيس

تكتسب معركة المجلس الشرعي في بيروت والشمال حماوة خاصة لعدّة أسباب أبرزها التنوّع السياسي في المحافظتين وعدد الأعضاء الواجب انتخابهم في كلّ محافظة، وهو ثمانية. وهذا ما يجعل هامش المنافسة أوسع. وتجري المشاورات والاتصالات التي تسبق المعركة في المحافظتين على الشكل التالي:

1- محافظة بيروت: مساعٍ توافقية كبيرة يجري العمل فيها على إنضاج لائحة توافقية عبر رئيس جمعية بيروت للتنمية أحمد هاشمية والنائبين فؤاد مخزومي وعماد الحوت برعاية المفتي دريان، وتخاض هذه الاتصالات على قاعدة عدم استبعاد أيّ فريق ومنع هيمنة أيّ شخصية سياسية على الأعضاء المنتخَبين واختيار أصحاب اختصاص لإغناء المجلس الشرعي في المهامّ المطلوبة منه. تدور المساعي حول تشكيل لائحة غير مكتملة من 7 أعضاء على أن يُترك المقعد الثامن شاغراً لفتح المجال أمام باقي المرشّحين للتنافس. إلا أنّ هذا المسعى يواجه بعض الصعوبة، وتحديداً مع رغبة ثلاثة قضاة شرعيين بالترشّح في بيروت، وهم: القاضي وائل شبارو، والقاضي وسيم فلاح والقاضي عبد العزيز الشافعي. الأسماء الذين يتقدّمون لتمثيل بيروت وفق معلومات “أساس” هم: عبد الله شاهين ومحمد دندن اللذان يحظيان بدعم من المفتي دريان، والشيخ فؤاد زراد الذي يشغل حالياً منصب مستشار الشؤون الدينية لرئيس الحكومة، فيما يجري العمل على استكمال الأسماء الخمسة الباقية بحيث تكون ممثّلة لكلّ الأفرقاء البيارتة، ويرجّح اسم كلّ من محمد ربيع قاطرجي والدكتور نبيل نجا وحسن كشلي. وضمن الأسماء التي سوف يتمّ تعيينها من قبل المفتي دريان يبدو اسم الوزير السابق سمير الجسر متقدّماً على كلّ الأسماء على أن يتمّ تسميته من أعضاء المجلس الجديد بعد انتهاء العملية الانتخابية العامّة نائباً لرئيس المجلس الشرعي، وهو منصب جرى العُرف أن تشغله شخصية طرابلسية مدنية، ويشغله في المجلس الحالي الوزير السابق عمر مسقاوي.

2- محافظة الشمال: المساعي التوافقية في محافظة الشمال التي تضمّ دائرة طرابلس والمنية والضنّية ودائرة عكار يقودها النائب أحمد الخير، ويبدو أنّها قد قطعت شوطاً كبيراً. ويقضي العرف السائد في انتخابات المجلس الشرعي في الشمال بانتخاب خمسة أعضاء من طرابلس وعضوين من الضنّية وعضو واحد من المنية التي حسمت قرارها بتزكية اسم فايز سيف، فيما الضنّية حسمت نسبياً التجديد للشيخ أمير رعد، ولم يتمّ الاتفاق بعد على الاسم الثاني. أمّا على صعيد طرابلس، فالأسماء الذين يتقدّمون على باقي المرشّحين هم أحمد أمين المدعوم من النائب فيصل كرامي، وبلال البركة المدعوم من سمير الجسر وتيار المستقبل، والدكتور منذر حمزة، ووسيم الشيخ عرب، وهم معرّضون للتغيير عند إقفال باب الترشيح.

لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الضنّية، وتحديداً عبر النائب جهاد الصمد، تشكّل ثقلاً لا يمكن تجاوزه لأنّها تضمّ ما يقارب ثلاثين ناخباً هم ربع عدد الناخبين في محافظة الشمال. بالمقابل في دائرة عكار التي يمثلها عضو واحد في المجلس الشرعي تتجه الأمور إلى التوافق عبر إعادة انتخاب علي طليس عضو المجلس الحالي.

3- جبل لبنان والجنوب: تبدو باردةً الأجواء في كلّ من محافظة الجنوب وجبل لبنان حيث يسود جوّ من التوافق على ممثّلي تلك المحافظات في المجلس الشرعي، فيبرز اسم كلّ من رئيف عبد الله وحمزة شرف الدين في جبل لبنان، فيما الجنوب لا يبدو أنّ هناك أيّ إشكالية بين الأفرقاء وإن لم تعلَن الأسماء المرشّحة بعد.

إقرأ أيضاً: الشيعة والاعتذار من لبنان… بدل الانتصار عليه

من هي الهيئة الناخبة؟

تتكوّن الهيئة الناخبة من مفتي الجمهورية اللبنانية، رئيس مجلس الوزراء العامل، رؤساء مجلس الوزراء السابقين، أعضاء الهيئتين التشريعية والتنفيذية العاملين (نواب ووزراء)، أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، أمين الفتوى، مدرّسي الفتوى، شيوخ القرّاء، القضاة الشرعيّين العاملين، لجنة المجلس الإداري لأوقاف بيروت، المدير العامّ للأوقاف، الأمين العامّ للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، رؤساء الدوائر الوقفية، الأئمة المنفردين والمثبّتين والمتعاقدين والمكلّفين، القضاة المسلمين السنّيّين العدليين والإداريين العاملين، أعضاء المجلس الدستوري، موظّفي الفئة الأولى في الإدارات العامّة، ورئيس وأعضاء المجلس البلدي من المسلمين السُّنّة، مع التوضيح أنّ من تمّ ذكرهم ينبغي لهم أن يكونوا من الطائفة السنّيّة.

لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@

مواضيع ذات صلة

سورية القويّة وسورية الضعيفة

سورية القويّة، بحسب ألبرت حوراني، تستطيع التأثير في محيطها القريب وفي المجال الدولي. أمّا سورية الضعيفة فتصبح عبئاً على نفسها وجيرانها والعالم. في عهد حافظ…

الرّياض في دمشق بعد الفراغ الإيرانيّ وقبل التفرّد التركيّ؟

سيبقى الحدث السوري نقطة الجذب الرئيسة، لبنانياً وإقليمياً ودوليّاً، مهما كانت التطوّرات المهمّة المتلاحقة في ميادين الإقليم. ولا يمكن فصل التوقّعات بشأن ما يجري في…

الرّافعي لـ”أساس”: حلّ ملفّ الموقوفين.. فالقهر يولّد الثّورة

لم يتردّد الشيخ سالم الرافعي رئيس هيئة علماء المسلمين في لبنان في الانتقال إلى دمشق التي لم يزُرها يوماً خوفاً من الاعتقال. ظهر فجأة في…

أكراد سوريا في بحث جديد… عن دور ومكان

لم يعرف الأكراد منذ أن وُجِدوا الاستقرار في كيان مستقلّ. لم يُنصفهم التاريخ، ولعنتهم الجغرافيا، وخانتهم التسويات الكبرى، وخذلتهم حركتهم القومية مرّات ومرّات، بقدر ما…