“مجلس أمنٍ دوليّ مُصغّر”، هكذا يُمكن وصف التجمّع التأبيني الذي أقيم في حديقة منزل آل سليم في حارة حريك مركز الضاحية الجنوبيّة عوضًا عن مقرّه الرّسمي في نيويورك.
بريطانيا التي ترأس مجلس الأمن الدّولي لهذا الشّهر، بعد مُغادرة السّفير كريس رامبلينغ قبل أسابيع لبنان، شارك القائم بأعمال سفارتها في لبنان مارتين لونغدين في تأبين لقمان سليم، حيث شدّد باسم بلاده على ضرورة “كشف هويّة القاتل وسوقه إلى العدالة”. ليتوجّه بعد التأبين إلى اليرزة في زيارة لافتة لقائد الجيش العماد جوزاف عون.
وإن مرّت مُشاركة لونغدين بهدوء، إلّا أنّ مُشاركة سفيرة الولايات المُتحدة لدى لبنان دوروثي شاي كان لها الوقع الأكبر في أوساط المُشاركين والمُراقبين بدُخولها إلى ضاحية بيروت الجنوبية معقل حزب الله حيث قالت: “نحن نمضي قُدمًا لتحقيق رؤيته بتحقيق المُصالحة بين أبناء الشعب اللبناني، سنواصل إرث لقمان سليم، ولن نرتدع ونُطالب بالعدالة والمحاسبة على هذه الجريمة المروّعة البربريّة”.
بريطانيا التي ترأس مجلس الأمن الدّولي لهذا الشّهر، بعد مُغادرة السّفير كريس رامبلينغ قبل أسابيع لبنان، شارك القائم بأعمال سفارتها في لبنان مارتين لونغدين في تأبين لقمان سليم
لم يجد سُفراء ودبلوماسيّو أميركا وبريطانيا وألمانيا وسويسرا طاولةً مُستديرة ليُناقشوا جريمة اغتيال لقمان سليم، فاختاروا الوقوف بين حشود المُعزّين وعائلته لتُشدّد كلماتهم على نقطة واحدة لا ثاني لها: “كشف هوية المنفّذين ومحاسبتهم”.
الصّدى الدّولي لاغتيال سليم لم يعد موضع نقاشٍ، بل بات أمرًا محسومًا لا ريب فيه. ومن هنا يسعى المُجتمع الدّولي إلى تحقيق جديّ، وفي مُقدّمهم أميركا التي كان للرّاحل علاقات واسعة بين أوساط مسؤوليها، خصوصاً المُساعد السّابق لوزير الخارجيّة لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر الذي ربطته به علاقة صداقة شخصيّة من قبل أن يتولّى شينكر منصبه.
اللافت في الحضور الدّبلوماسي في “حديقة آل سليم” هو تمثيل الدّول التي تعتبر رسميًا حزب الله مُنظّمة إرهابيّة، ما عدا سويسرا التي تدرس منذ الصّيف المُنصرم حظر الحزب. وكان لافتاً حضور السّفير الألماني الذي كادت دموعه تنهمر على وجنتيه خلال تأبين سليم باعتبار رحيله “خسارة شخصيّة”.
الصّدى الدّولي لاغتيال سليم لم يعد موضع نقاشٍ، بل بات أمرًا محسومًا لا ريب فيه. ومن هنا يسعى المُجتمع الدّولي إلى تحقيق جديّ، وفي مُقدّمهم أميركا
وإن كان غياب فرنسا لافتاً في تأبين لقمان سليم ربّما تجنّبًا لاستفزاز الحزب لاستكمال مبادرتها التي يعيد رئيسها إيمانويل ماكرون إحياءها، إلّا أنّ حضور ألمانيا وسويسرا يختزل الاتحاد الأوروبي الذي ينتظر الكثير من لبنان قبل أن يُقدِم على تقديم العون له للخروج من أزمته.
إقرأ أيضاً: حارث سليمان لـ”أساس”: الأجهزة الأمنية متواطئة مع القاتل
استراتيجيّة إدارة جو بايدن كانت حاضرة هي الأخرى في باحة آل سليم، إذ يسعى رئيسها المُنتخَب لعودة بلاده إلى السّاحة الدّوليّة عبر التنسيق مع الحلفاء الأوروبيين. وهذا المشهد الذي تجلّى الخميس في قلب الضاحية الجنوبيّة.
وفي سياقٍ متّصِل، علم”أساس” أنّ السفيرة الأميركيّة لم تتناول في لقائها الأخير مع وزيرة العدل ماري كلود نجم سوى موضوع اغتيال لقمان سليم، والتشديد على ضرورة كشف خيوط الجريمة في أسرع وقت ممكن. كما وسيكون للسفيرة شاي جولات في الأيّام المُقبلة على المعنيين بملف اغتيال سليم للتأكيد على متابعة واشنطن عن قُرب لهذا الملفّ، حيث يرجّح أن يرتبط الحديث عن “التحقيق” بالتحذير من “عقوبات” بحقّ المتلكّئين من القضاة والأمنيين.