أمّ زهير دمها فاير: “قوم بوس تيريز” أو نسحب التكليف!

2021-03-19

أمّ زهير دمها فاير: “قوم بوس تيريز” أو نسحب التكليف!

دَخَلْت على أم زهير مساء أمس عائداً من زيارة قمت بها لـ”الشلّة” بعد انقطاع، فوجدتها، على غير عادة، قد لفّت النبريج حول عنق الأرجيلة وأطفأت منقل الفحم، وتسمّرت في غرفة الجلوس وسرحت في نظرها فوق سطوح غابة الأبنية في العاصمة بيروت، وقد بدا الحزن على محيّاها.

سألتها: ما الأمر يا أمّ زهير؟ فالتفتت إليّ ورمقتني بطرف ناظرها وقالت لي: “حزب الله” بدهم يشلحوه التكليف للغالي ابن الغالي.

ضَحِكْتُ وسألتها: كيف؟ فقالت لي إنّ “السيّد” أطلّ بخطاب متلفز يوم الجمعة وحكى الكثير من الأمور وأطلق نيرانه عشوائياً على الجميع ومن بينهم الشيخ سعد. فأمّ زهير متابعة سياسة نهمة، لا تترك برنامجاً حوارياً أو خطاباً لزعيم أو نشرة إخبارية تفوتها. أما أنا فلا تستهويني هذه الأمور، وأفضّل متابعة المهمّ منها من خلال قراءة بعض الصحف والمواقع.

قلت لها: “أمّ زهير قومي حطّي هالركوة على النار وشعْلي الفحمات، وروّقي بدنك وخبريني شو قال “مرشد الجمهورية” دام ظلّه الشريف؟”. بالفعل، نهضت أمّ زهير وأشعلت الفحمات وأحضرت القهوة وبدأت بالسرد.

سألتها: ما الأمر يا أمّ زهير؟ فالتفتت إليّ ورمقتني بطرف ناظرها وقالت لي: “حزب الله” بدهم يشلحوه التكليف للغالي ابن الغالي

أخبرتني أنّ السيد كان هادئاً جداً هذه المرة، لكنّه كان هادفاً وخطابه لم يخلُ من التهديد والوعيد المبطّن. قالت إنّه وضع الرئيس المكلّف سعد الحريري (حبيب القلب) أمام خيارين: يا “قوم بوس تيريز” أو يعيد النظر دستورياً بما يمكن أن يكون مُهَلاً ممنوحةً لأيّ رئيس مكلّف من أجل التشكيل.

قالت أمّ زهير أيضاً إنّ أبا هادي لوّح، على طريقة بابا (بيّ الكلّ)، بورقة “تفعيل حكومة تصريف الأعمال”، لكنّ أمّ الزوز شكّكت في استجابة البروفيسور حسان دياب لرغبة السيّد، لأنّ دياب يطمح إلى دخول نادي رؤساء الحكومات السابقين من بابه العريض و”ما عاد الشأن الحكومي يستهويه بعد أن أحرز اللقب”، على حدّ قولها.

قالت أيضاً إنّ السيد بدا غاضباً من الثوّار الذين يقطعون الطرقات اعتراضاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وجنون أسعار السلع الغذائية، لأنّ ثمة من يدفعهم من حيث لا يعلمون صوب الحرب الأهلية والاقتتال الداخلي، فطالبهم في المقابل بالهدوء وبالصبر علّ الله يرزقهم بمن يمنّ عليهم بـ”الدولار الحلال” يوماً ما “لأنو ساعة من ساعاتو بتقضي حاجاتو”.

أخبرتني أمّ زهير أنّه بدا حاقداً أيضاً على “ثورة 17 تشرين” ويريد العودة إلى ما قبلها بأيّ ثمن، وأنّه لم يُخفِ غضبه من قيادة الجيش لأنّها لم تبادر إلى فتح الطرقات التي يسدّها الثوّار، متهماً قيادة الجيش بالخضوع لإرادة بعض السفارات. ورجّحت أن يكون خطاب قائد الجيش جوزيف عون الأخير خلف هذا الغضب. وقالت أيضاً إنّ السيّد هدّد بضرورة وقف هذه المظاهر أو سيكون “للبحث صلة”، فسألتها عن الصلة، فقالت: يعني بالبيروتي “أني بفرجيكن” (أم زهير هيك عم تقول، أنا ما إلي أيّ علاقة… الله لا يوفقّك بدّك تودّيني بحديد).

السيد بدا غاضباً من الثوّار الذين يقطعون الطرقات اعتراضاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وجنون أسعار السلع الغذائية، لأنّ ثمة من يدفعهم من حيث لا يعلمون صوب الحرب الأهلية والاقتتال الداخلي

وفي الشأن الاقتصادي والمعيشي، روت لي أمّ زهير كيف وبّخ السيد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحمّله المسؤولية عن الحفاظ على سعر الليرة، بعد أن كان يقول لسنوات “الليرة بخير… الليرة بخير”، طالباً منه تفعيل علاقاته ليمنع هذا الارتفاع، وإلاّ “فلماذا يبقى في موقع المسؤولية؟”، وقالت: هيدي كمان بالبيروتي بتعني “قحّط”.

حدّثتني عن أنّ السيّد عاد إلى معزوفة “التوجّه شرقاً”، إن كان صوب إيران أو صوب الصين أو ربّما صوب روسيا التي زارها وفد الحزب أخيراً، وسمع هناك كلاماً عن “جزرة” إعادة التموضع العسكري وإلاّ فإنّ “العصا” الإسرائيلية جاهزة (أمّ زهير متابعة إقليمية من الطراز الرفيع).

وبحسب أمّ زهير، السيّد غير مطمئنّ إلى سياسات صندوق النقد الدولي، الذي “لا يقدّم المساعدات بل القروض” مقابل شروط من بينها رفع الدعم عن الموادّ الأساسية، سائلاً إن كان اللبنانيون يتحمّلون تنفيذ شرط كهذا؟ فخلصت “أمّ الزوز” إلى أنّ هذا الكلام يوحي في مكان ما بأنّ المسّ بالاحتياطي الإلزامي الخاص بالمصارف لم يعد بعيداً جداً (يخرب بيتك على هالاستنتاج يا أمّ زهير).

إقرأ أيضاً: سعر الدولار… وحماتي

قالت لي أيضاً إنّ “السيّد” بدا حريصاً على تطبيق فريضة الزكاة، فحضّ القوى السياسية على إطعام المساكين وذوي القربى وابن السبيل، وعلى توظيف قدراتهم في مساعدة الناس بدل تهريب هذه الأموال إلى الخارج، كاشفاً أنّ جماعته سيبادرون إلى مساعدة المحتاجين من عائلاتهم بالدولارات الحلال (ونعم بالله).

انتهت أمّ زهير من هذه السوالف، ثم أعطتني نبريش الأرجيلة وارتشفت القهوة ثمّ قالت: … إييه شو بيعرفني أني… خلّيني ساكتة؟

طبعاً لا أسمع لأمّ زهير في السياسة، وأعلم جيداً أنّها في أغلب الأحيان متحاملة ودمها وعظمها أزرقان، ومرّات كثيرة “بتزيدها حبتين” وغرامها “ترشّ بهارات”، لأنّني أعلم جيداً أنّ “السيّد” لا يريد إلاّ مصلحة لبنان واللبنانيين.

السيّد ما في منّو… بس أمّ زهير “كركمّة”.

*هذا المقال من نسج خيال الكاتب

مواضيع ذات صلة

مشكلة إسرائيل الرّوسيّة

لدى إسرائيل مشكلة روسيّة بالتأكيد، تكبر وتتفاقم بسرعة. هذا الانطباع الذي خرجت به في ختام زيارة للعاصمة الروسية موسكو.   ظهر جليّاً في حديث وزير…

المخرج المشترك للحالتين اللّبنانيّة والفلسطينيّة

أحسن صديقنا زياد عيتاني في وصفه لتفجيرات البيجر بالإعصار، فما حدث كان جديداً في كلّ الحروب التي خاضتها إسرائيل على كلّ الجبهات وسيظلّ العالم منشغلاً…

حين يتحول التفوق الإسرائيلي إلى عبء

احتفلت إسرائيل لساعات بما وُصف بالإنجاز المبهر الذي تحقق جرّاء إعصار البيجر وما تلاه. غير أن الاحتفال تبخر بمجرد هبوط أول صاروخٍ قادمٍ من جنوب…

عجز القوّة: انتصارات روما وهولاكو لم تعد موجودة

نحن نعيش “عجز القوّة” المفرطة النظامية أو “القوّة البدائية” المقاومة في تحقيق الهدف النهائي لأيّ عمل عسكري. كلّ عمل عسكري، كما قال المحلّل الاستراتيجي العريق…