“نعم يوم السبت الفائت كان اليوم الأخير”، بأسى وغصّة كبيرتين، يجيب مالك “مكتبة السلام” في الطريق الجديدة عند سؤاله عن حقيقة الأنباء التي تردّدت حول الإقفال نتيجة الأزمة المالية.
ابن الـ68 عاماً، الذي عاش في هذه المكتبة منذ العام 1992، يتحدث بحزن عن 27 عاماً أمضاها بين الطلاب. 27 عاماً تعامل خلالها مع طلاب الجامعات “ليس بهدف الربح فقط وإنّما من باب النصح واختيار الأفضل ولو على سبيل المنفعة المالية”.
إقرأ أيضاً: عن احتضار سوق فرن الشبّاك
المكتبة التي بدأت صغيرة في 1992، توسّعت حتى انقسمت إلى فرعين خلال فترة زمانية قياسية. هي مكتبة، كما يعرّفها صاحبها حيث “يجد الطلاب في كلية الهندسة وكلية الطب وجميع الكليات المجاورة، كل ما يحتاجونه من خرائط وبرامج طبية ومستلزمات، وصولاً إلى المحاضرات، والطباعة، إلخ.”.
أزمات عدّة عصفت بهذه المكتبة، وأوّلها بحسب حمادة، استشهاد الرئيس رفيق الحريري، لتتوالى الضربات وأقساها في 2009 حين صدر قرار بنقل كلية الهندسة إلى منطقة الدبية، ما اضطرّ المكتبة إلى إقفال فرعها المختص بالأدوات والمواد المتعلقة بهذه الكلية والاكتفاء بفرع واحد.
“من 40 موظفاً، والعمل المتواصل 24 ساعة في اليوم (4 دوامات)، إلى 4 موظفين”، هكذا يلخّص حمادة الوضع الاقتصادي الذي تفاقم، خصوصاً بعد 17 تشرين وارتفاع سعر الدولار، فالمبيعات انخفضت بنسبة 80 % وتخلّى الطلاب العاجزون عن دفع حتى الأقساط الجامعية عن شراء اللوازم.
الأزمة المالية التي تعصف بلبنان، وبالطريق الجديدة، لم ترمِ حملها فقط على حمادة، فالعديد من مكتبات المنطقة تتجه إلى الإقفال
حاول حمادة جاهداً مقاومة الأزمة المالية، والاستمرار، غير أنّ الوضع لم يعد يحتمل ما دفعه إلى اتخاذ القرار بالإقفال. وهو قرار نهائي على ما يؤكد لـ”أساس”، مشيراً إلى أنّه لن يستسلم فـ”الدولة لم تؤمن الضمان لي ولا لزوجتي، ودفعت بأولادي إلى العمل في الخارج بعد التخرّج، واليوم لا بد لي من البحث عن مشروع جديد”.
مشروع حمادة الجديد هو الزراعة، وتحديداً زراعة النباتات التي تدخل في بعض الصناعات الطبية. أما مسرح هذه الخطوة، فهو أرض يملكها في منطقة الشوف.
كما لو أنّ “مكتبة السلام”، تطبق “سياسة الحكومة”، بدمج وزارتي الزراعة والثقافة، فسينتقل مالكها إلى الزراعة في الشوف.
الأزمة المالية التي تعصف بلبنان، وبالطريق الجديدة، لم ترمِ حملها فقط على حمادة، الذي أوقف البيع في المكتبة يوم السبت وباشر تصفية الأعمال العالقة تمهيداً للإقفال النهائي في الأيام القليلة المقبلة، فالعديد من مكتبات المنطقة تتجه إلى الإقفال في المرحلة المقبلة.
“محمصة الحلبي”، أغلقت منذ أيام أيضاً فرعها قرب الملعب البلدي، كذلك أغلقت بعض المحال التجارية مؤخراً، وخصوصاً في شارع عفيف الطيبي، حيث نصف محال ألبسة الجملة في هذه المنطقة أطفأ أنواره، والنصف الآخر “ينازع”.
[PHOTO]
مختار الطريق الجديدة، ناصر العرب أكّد لـ “أساس” أنّ للأزمة الاقتصادية ارتدادات سيئة على المنطقة. الكلام نفسه كرره المختار بلال الحمصي، الذي لفت إلى أنّ “مؤسسات عدّة أقفلت في المنطقة، وأخرى خفّضت أعداد موظفيها ورواتبهم، أو تتجه إلى الإقفال”.