الانشغال بالأعمال العسكرية على طول الحدود الجنوبية لم يمنع الحزب وقيادته من التفكير في اليوم التالي للحرب والتحدّيات التي من المتوقّع مواجهته فور انتهاء العمليات العسكرية من إعادة إعمار وتعويضات على المدنيين المتضرّرين في القرى الجنوبية وصولاً إلى الرؤية السياسية للمرحلة المقبلة.
يرى الحزب أنّ ثلاثة تداعيات من المفترض مواجهتها بعد وقف الأعمال الحربية:
1- إعادة الإعمار والترميم في المناطق الجنوبية: تشكّل هذه المهمّة أحد أبرز التحدّيات التي ستواجه الحزب في المرحلة التي تلي وقف إطلاق النار نظراً لحجم الدمار الكبير في العديد من القرى الجنوبية واستهداف مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية. وقد بدأت بعض المؤسّسات المختصّة داخل الحزب خلال الهدنة السابقة إحصاء الأضرار التي تمّت في الجولة الأولى من الصراع، لكنّ عودة القتال إلى الجبهة الجنوبية وتطوّره وامتداده إلى داخل العديد من القرى والمناطق الجنوبية أوقفت عمليّات الإحصاء، وإن كانت البلديات وبعض الأجهزة المختصّة داخل الحزب عمدت خلال الأشهر الماضية إلى تقديم المساعدات للمهجّرين وتشجيع التكافل الاجتماعي بين أبناء الجنوب، وذلك لاستيعاب آثار الحرب الأوّلية والمباشرة بدفع المساعدات قدر الإمكان.
على الصعيد العربي والإسلامي والدولي اعتمد الحزب خطاب التهدئة مع العالم العربي والإسلامي، وتشدّد أكثر في مواجهة أميركا والدول الغربية الداعمة للكيان الصهيوني، وأبدى مرونة كبيرة وترحيباً بكلّ المواقف الداعمة للشعب الفلسطيني وقوى المقاومة
ستكون إعادة الإعمار أو ترميم ما تعرّض للقصف من منازل ومحلّات أو التعويض عن الخسائر الكبيرة مهمّة كبيرة. وقد بدأت الأجهزة المعنيّة داخل الحزب وضع الخطط لذلك والتحضير لكلّ الاحتمالات، وخصوصاً في ظلّ عدم قدرة مؤسّسات الدولة على تغطية كلّ هذه العمليات وعدم وجود جهات دولية أو عربية مستعدّة للمساهمة في الإعمار إلا في حال كان ذلك جزءاً من حلّ سياسي وأمنيّ سيتمّ التوصّل إليه لترتيب أوضاع الحدود الجنوبية في المرحلة المقبلة.
هناك عدّة مؤسّسات داخل الحزب تملك خبرات مهمّة في إعادة الإعمار والترميم مثل شركة “وعد” التي أعادت إعمار الضاحية الجنوبية بعد حرب تموز 2006، وكذلك مؤسّسة جهاد البناء التي تملك خبرات مهمّة في الترميم، وقد تتمّ الاستعانة بمؤسّسات إيرانية، إضافة إلى دور مجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة، وهما المؤسّستان الرسميتان في لبنان اللتان تتولّيان إعادة الإعمار وتقديم الأموال للمتضرّرين من الحروب والكوارث.
2- الملفّ الأمنيّ والعسكري: هذا الملفّ ستكون له الأولوية المباشرة بعد وقف القتال، ولم يتأخّر الحزب في معالجته، وذلك من خلال المتابعة اليومية للتطوّرات الميدانية واستخلاص الدروس والعبر من المواجهات الحاصلة وتحديد الثغرات ومواجهتها وتطوير آليات المواجهة اليومية. ومن ضمن مهمّات اليوم التالي للحرب البحث في مستقبل دور الحزب في منطقة جنوب الليطاني وأيّ دور سيقوم به في المرحلة المقبلة، وكذلك إعادة ترميم القدرات العسكرية.
بانتظار الرؤية الكاملة التي يصل إليها الحزب على الصعيد السياسي حول معركة طوفان الأقصى، ما يمكن تأكيده أنّ الحزب يعمل على مقاربة جديدة في كلّ المسارات والملفّات لاعتمادها في المرحلة المقبلة
من خلال متابعة مواقف المسؤولين في الحزب حول دور الحزب المستقبلي على صعيد المقاومة يبدو أنّ الحزب سيكون أكثر تشدّداً في مقاربة الاستراتيجية الدفاعية ودور المقاومة في الدفاع عن لبنان، وذلك كخلاصة لمعركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة، والحزب يستعدّ لتقديم قراءته الكاملة لهذه المعركة ورؤيته المستقبلية للصراع مع العدوّ الصهيوني في ضوء نتائج المعركة وما ستصل إليه في المرحلة الأخيرة بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار، وتمّ تكليف لجان متخصّصة داخل الحزب لإعداد الدراسات التفصيلية حول كلّ هذه الملفّات الساخنة.
3- الرؤية السياسية المستقبلية حول لبنان والمنطقة والعالم: هذا الملفّ من الملفّات المهمّة التي تشكّل أحد أبرز اهتمامات كلّ مؤسسات الحزب اليوم، وذلك لتقويم المعركة وتحديد الرؤية المستقبلية.
بدأ المسؤولون في الحزب عقد لقاءات بعيداً عن الأضواء مع العديد من المفكّرين والباحثين والفعّاليات السياسية والحزبية والدينية، إضافة إلى التواصل مع الحلفاء في لبنان والدول العربية والإسلامية، ولم يتمّ التوصّل إلى رؤية كاملة حتى الآن بانتظار انتهاء النقاشات الداخلية ومعرفة أيّ أفق ستذهب إليه التطوّرات الميدانية، وإن كان الحزب داخلياً حريصاً على عدم الدخول في سجالات سياسية وعدم تقديم أيّ موقف نهائي من المعركة الرئاسية حتى الآن والالتزام بدعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مع التأكيد على أهميّة الحوار والتوافق الوطني الداخلي. وقد أصبح المسؤولون في الحزب أكثر قناعة بأهمّية وجود رئيس للجمهورية لا يطعن ظهر المقاومة.
إقرأ أيضاً: تفاهم نيسان جديد: الحزب موافق.. وإسرائيل تطلب ضمانات
على الصعيد العربي والإسلامي والدولي اعتمد الحزب خطاب التهدئة مع العالم العربي والإسلامي، وتشدّد أكثر في مواجهة أميركا والدول الغربية الداعمة للكيان الصهيوني، وأبدى مرونة كبيرة وترحيباً بكلّ المواقف الداعمة للشعب الفلسطيني وقوى المقاومة.
بانتظار الرؤية الكاملة التي يصل إليها الحزب على الصعيد السياسي حول معركة طوفان الأقصى، ما يمكن تأكيده أنّ الحزب يعمل على مقاربة جديدة في كلّ المسارات والملفّات لاعتمادها في المرحلة المقبلة.