عن حملات شبابية مجانية لتوصيل الحاجات إلى منازل الحجر الطوعي

مدة القراءة 5 د


 “نحن أهلكم اتصلوا فينا ولا تستحوا”، “إنتو بالحجر ولازملكم غراض، ما تنزلوا حكونا ومنلبيكم”، “أنا حد بلدي”، شعارات عدّة تختصر حملات أطلقها عدد من الشابات والشبّان، وتطوّع فيها كثيرون من مناطق لبنانية مختلفة.

 

“نساعد الناس كي لا ينزلوا إلى الشارع”، بهذه العبارة يستهل حسن شرارة حديثه لـ”أساس”. حسن الذي لا يزال من دون عمل منذ 5 أشهر، هو من أوّل الأشخاص الذين انخرطوا في هذا النوع من الحملات “لحماية الوطن من خطر تفّشي الكورونا، وتشجيع من هم بالحجر على البقاء في البيت”. وهو يعمل على توصيل الطلبيات في ضاحية بيروت الجنوبية.

إقرأ أيضاً: سلطة الكورونا تخطّط لتخريب الثورة

“نعقّم الأغراض عندما استلامها، ونعقّم أنفسنا، ونعقّم المال”، يقول حسن، معدّداً الخطوات الوقائية المتّبعة لحماية المتطوّعين والعائلات التي يقومون بإيصال الطلبيات إليها.

 

الحملة بالطبع من دون مقابل، والمتطوّعون لا يأخذون مقابلاً مالياً بحسب شرارة، مطالباً جميع من هم بالحجر بالاتصال بهم دون تردّد: “هم أهلنا ونحن ولادهم”.

 

أما بعد توصيل الطلبية فيتم التواصل مع العائلة للتأكد من أنّها وصلتهم كما هي، لتكون النتيجة الشكر من العائلة والدعاء: “هذا كل ما يريده ويحتاجه المتطوعون في هذه المرحلة الدقيقة”.

 

من الضاحية إلى عكّار، مع الشاب خالد الرفاعي، الذي يروي لـ”أساس” تفاصيل عمل المتطوّعين هناك. فهو أحد المتطوّعين لإيصال الطلبيات إلى العائلات الخاضعة للحجر الطوعي في المنطقة. ويوضح أنّ الحملة “باتت شبه وطنية وعلى صعيد لبنان، وهناك عائلات في مناطق عكارية قد عزلت نفسها منزلياً بالفعل”. ويضيف: “عكار لم تدخل مرحلة الخوف إلاّ يوم أمس، إذ بدأ أهلها يتجنّبون الأماكن العامة، كما صدر قرار عن المحافظ يقضي بإقفال المقاهي وأماكن التجمعات لأسبوعين”.

 

“أدوات التعقيم تحوّلت إلى تجارة”، بهذه العبارة يصف خالد الوضع الصحّي، فالكمامة الأصلية ليست متوفرة، وسائر الأدوات تضاعفت أسعارها بشكل جنوني.

 

وإلى جانب الحملة التي انطلقت على مستوى لبنان، نشطت مبادرات فردية. ففي طرابلس تطوّع أسامة محمد (22 عاماً) لإيصال الطلبيات للعائلة الخاضعة للحجر الصحي. محمد وهو عامل في صيانة المصاعد، يقول لـ”أساس” إنّ “المبادرة جاءت بشكل فردي، وهناك أصدقاء لي هم على استعداد للمساعدة عند الحاجة”. يتحدث أسامة أيضاً عن خطورة هذه المهمة التي تحتاج إلى وقاية وإلى أعلى درجات الحذر: “هي مهمة خطرة وأنا أعتمد عند إيصال الطبية، كلّ وسائل التعقيم اللازمة”.

 

ومن طرابلس ننتقل إلى الشوف، حيث بدأت حملة “معاً ضد الكورونا” بالتوعية حول هذا الفيروس وتوزيع الإرشادات في المناطق، على ما تقول الناشطة شذا الحسنية لـ”أساس”.

 

وتكشف أنّ حملة التوصيل لمن هم في الحجر الصحي الطوعي لم تبدأ بعد، وأنّها ستنطلق مطلع الأسبوع المقبل وذلك بعد انتهاء دورة يخضع لها المتطوّعون تحت إشراف فريق من الصليب الأحمر.

 

تؤكّد شذا أنّ الحياة في الشوف لم تتأثر بعد بـ”الكورونا”، فالطبيعة هناك “مختلفة عن المدن ما يجعل الناس أكثر ارتياحاً. ولو أنّ هناك بعض العائلات في المنطقة لم تعد تخرج من منازلها إلاّ للضرورة، غير أنّ عددها قليل جداً”.

 

أما قاسم شاهين، أحد مطلقي حملة “أنا حدّ بلدي”، فيحدّثنا من على دراجته النارية، بحسب ما قال، حيث كان يعمل على إيصال طلبية لإحدى العائلات التي أخضعت نفسها للحجر الطوعي.

 

شاهين هو طالب جامعي، يرفض في حديثه لـ”أساس”، الالتهاء “بتحميل المسؤولية للأخرين”، معتبراً أنّ كل شخص في أزمة “الكورونا” هو مسؤول من موقعه، وأنّ أكثر فئة عليها تحمّل مسؤوليتها هم الشباب. من هذا المنطلق كانت الحملة التي أطلقها ابن الضاحية الجنوبية قبل يومين عبر مواقع التواصل.

 

بداية وضع شاهين نفسه “بتصرّف رئيس الحكومة لأي عمل تطوعي”، ثمّ ارتأى بعد الهلع الذي أثاره فيروس “الكورونا”، أن يطلق مبادرته الخاصة وهي إيصال الحاجات الرئيسية للأشخاص الخاضعين للحجر، لا سيما وأنّ لديه دراجة نارية تساعده على القيام بهذه المهمة.

الكفوف، الكمامات، والسبيرتو هي أدوات الوقاية والتعقيم الرئيسية، يتم تأمينها من جيوب الشبّان، فهم لا مموّل لهم ولا جهة وراءهم

 

الحملة التي بدأت من الضاحية الجنوبية بعد إعلان حالة الطوارئ وحملة “خليك بالبيت” عبر وسائل الإعلام اللبنانية، وما تلا ذلك من ازدحام بسبب إقبال المواطنين الكثيف على شراء المواد الغذائية، امتدت سريعاً إلى مختلف أنحاء بيروت، وطرابلس، وجبيل والبترون.. فالشبّان أرادوا الحدّ من تجمّع الناس لشراء المواد الغذائية والأساسيات، ووضعوا أنفسهم تحت الطلب لتلبية حاجات أهلهم من أبناء الوطن.

 

في اليوم الأوّل من الحملة لبّى الشبان 16 اتصالاً، وأمنّوا الطلبيات بأعلى درجات الوقاية، كما يقول شاهين، الذي يوضح أنّهم تواصلوا مع الصليب الأحمر والدفاع المدني والهيئة الصحية وحملة “ضدّ الكورونا”، واطّلعوا منهم على التوجيهات التي يجب اتباعها.

 

الكفوف، الكمامات، والسبيرتو هي أدوات الوقاية والتعقيم الرئيسية، يتم تأمينها من جيوب الشبّان، فهم لا مموّل لهم ولا جهة وراءهم. إلى ذلك يتوقف شاهين عند عدم توفر السبيرتو ولوازم وقاية أخرى في الصيدليات.

 

هم شبّان لا يجمعهم غير الرغبة في المواجهة، وفي المساعدة، وفكرتهم تتمدّد في أنحاء لبنان، للمساعدة على دعم المنعزلين طوعاً في منازلهم، الخائفين من الخروج، حيث الموت ينتظرهم في كلّ مكان.

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…