العالم بأجمعه بات متعلقاً بتركيبة علاجية تتألف من دوائي (Hydroxychloroquine) هيدروكسي كلوروكوين و (Azithromycin) أزيثروميسين، وذلك بعدما ظهرت فعاليتهما على بعض الحالات السريرية المُصابة بفيروس كورونا، بحسب دراسة فرنسية أعلن عنها مدير المعهد الاستشفائي الجامعي في مرسيليا، ديدييه راؤول، أمس.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب سارع إلى التغريد ظهر السبت مهلّلاً للخبر الفرنسي، وفي لبنان فرغت الصيدليات من الأدوية التي تحمل هذه المركّبات، بعدما تهافت لبنانيون إلى شرائها.
“الدواء مشجع بحسب التقارير”، بهذه العبارة يعلّق وزير الصحة السابق الدكتور محمد جواد خليفة في حديث لـ”أساس” على الأنباء المتداولة عبر وسائل الإعلام والصادرة عن جامعات وأطباء ودول، فـ”البروفسور الفرنسي ديدييه راؤول عالج 20 مريضاً بهذه الدواء، الذي كان يستخدم قديماً للملاريا ولعلاج أمراض المناعة الذاتية. وقال راؤول إنّ الدواء أظهر نتائج على هؤلاء المرضى الذين عولجوا في المستشفى، لذلك بدأت الجامعات والأطباء في دول عدّة بتجربته للتأكّد من نتائجه، باعتبار أنّ البحث شمل فقط 20 مريضاً، وبالتالي لا نستطيع أن نجزم السير به وإنّما هو بارقة أمل، وخلال أسبوع بإمكاننا الوصول إلى النتائج التي يمكن أن تؤكّد البحث الفرنسي”.
إقرأ أيضاً: تجنب التجمعات والنظافة خير من ألف علاج
باب الضوء الذي يتحدث عنه الدكتور خليفة لا يعني الاندفاع إلى شراء هذا الدواء فـ”الدواء سامّ (toxic)، ولذا، يجب استعماله بوصفة طبيب وتحت إشراف طبيّ، كي لا يؤثر على الكلى، الكبد، النظر..”. ويحذّر خليفة من “شراء الدواء بشكل ذاتي من قبل الأفراد، فالإقبال على شرائه يتسبب بمصادرته من السوق أولاً، خصوصاً أنّ الذين اشتروه قد لا يكونون مصابين بالفيروس. إضافة إلى ذلك هناك شروط طبية يعطى بموجبها الدواء تحت إشراف الطبيب، فكلّ مريض يحتاج لجرعة معينة كي لا يسبّب ضرراً لجسده”.
هل بالإمكان استعمال التركيبة على الفور في حال أتت نتائج الدراسات والتجارب إيجابية؟ يجيب خليفة: “الدواء مسجّل وموجود، والموضوع فقط هو ترخيص استعماله لهذا المرض. فمثلاً الدواء مسجّل في أميركا ولكن لا يمكن السماح باستعماله ضدّ فيروس الكورونا إلاّ بعد إجراء الدراسات اللازمة، وهم حالياً يقومون بتجارب سريعة، فإذا ثبتت فعاليتها سيتم الموافقة على استعماله لهذا المرض. وإذا وافقت أميركا والدول الغربية على استعماله، فإنّ وزارة الصحّة في لبنان بطبيعة الحال ستسمح باستعماله”.
اندفاع الناس إلى شراء العلاج كإجراء وقائي هو أمر خطير
الكابوس لن ينتهي بمجرد الموافقة على هذا الدواء أو أيّ دواء، هذا ما يؤكده الرئيس السابق لـ”الجمعية اللبنانية للأمراض الجرثومية” الدكتور زاهي الحلو في حديثه لـ”أساس، داعياً اللبنانيين إلى “البقاء في بيوتهم، وعدم الاختلاط، فالوصول إلى أيّ علاج لا يعني العودة فوراً إلى الحياة طبيعية. وإنّما الأمر يحتاج إلى مراحل”.
وبالعودة إلى العلاج الذي تحوّل إلى حديث الساعة، يقول الدكتور الحلو: “البروفسور الفرنسي ديدييه راؤول طبّق الدراسة على عدد قليل من المرضى، منهم من تناول دواء الكلوروكوين فقط، ومنهم من تناوله مع الأزيثروميسين. وهذا عدد قليل للوصول إلى استنتاج كامل عن الموضوع. يضاف إلى ذلك أنّ النتيجة الإيجابية تمّ تحقيقها في مرحلة العلاج وليس في مرحلة الوقاية. لذلك فإنّ اندفاع الناس إلى شراء العلاج كإجراء وقائي هو أمر خطير”. ويتابع: “الدواء يؤثّر في القلب، والكلى (نصل إلى مرحلة غسيل الكلى)، الكبد.. إلخ. وإذاً لا يمكن تناوله إلا بوصفة طبيب متخصّص بالأمراض الجرثومية، الذي بدوره يصف العلاج في المرحلة المناسبة من الإصابة بالمرض”.
“لا داعي للهلع والتخزين”، يشدّد الدكتور زاهي الحلو، موضحاً أنّ “هناك العديد من الدراسات المتعلّقة بفيروس الكورونا، وقريباً ستخرج النتائج النهائية عنها. لكن يجب عدم الاستعجال وعدم الإعلان عن اسم أيّ علاج قبل دراسته والتأكد على حدٍّ سواء من النتائج والتأثيرات”.
العلاج إن ثبتت نتائجه، فهو للمرضى المصابين بالفيروس وليس للناس غير المصابة
المتخصصة في الأمراض الجرثومية الدكتورة ريما خنكرلي، تحذّر بدورها من اللجوء إلى هذا العلاج دون إشراف طبيب فـ”هو قد يتضارب مع بعض العلاجات المزمنة، لذا لا بدّ من معرفة التاريخ الطبي للمريض والأدوية التي يأخذها”.
“نحن في المرحلة الرابعة أي مرحلة تفشي الوباء وانتقاله بشكل سريع حيث كل شخص قد ينقل العدوى إلى 2 أو 3″، تقول الدكتور خنكرلي لـ”أساس”، موضحةً أنّ “العلاج إن ثبتت نتائجه، فهو للمرضى المصابين بالفيروس وليس للناس غير المصابة. وبالتالي الوصول إليه لا يعني الخروج فوراً من الحجر، وإنّما علينا الانتظار لفترة زمنية معينة”.
إذاً العلاج، ليس لقاحاً، وهو ليس المفتاح الذي سيخرجنا من جحيم الحجر إلى جنّة الاختلاط. هو دواء، إن صحّت فعاليته سيكون البداية لمواجهة الكورونا، بداية، في مراحلها الأولى علينا أن نلزم بيوتنا.