وصلتني رسالة على هاتفي الحذق تسألني عن كلمة مرور عليّ إدخالها وإلا خسرت حسابي في أحد التطبيقات، فلعب الفار “بعِبّي”. قلت في نفسي: ما هذا يا أبا زهير؟ اتصلت بابني زهير حبيبي وفلذة كبدي، لكونه “فلتة زمانو” وأفقه منّي في مجال التكنولوجيا والبرمجيات التي لستُ بها حفيّاً.
ما إن أخبرت زهير بمضمون ما وصلني، حتّى صرخ بي: “ولي على قامتك يا أبيه… خرقوك”، ثم نصحني بأن أقصد فوراً النيابة العامة لأتقدّم بشكوى، حتّى تُحوّلها إلى مكتب جرائم المعلوماتية المتخصّص بتقفّي أثر ذاك “الهاكر” اللعين (لبئس الهاكر ولبئس المُهكرين) الذي يظنّ على الأرجح، أنّ في حوزتي أسرار الملف النووي الإيراني أو خفايا شحنة نترات الأمونيوم المشؤومة!
لا يعلم ذاك “الهاكر” الحقير، أنّني بالكاد تعلّمت كيف أرسل رسائل صوتية على “الواستاب” (مدري شو إسمو) لأتبادل أطراف الحديث مع أبو مصطفى وأبو يوسف، ويدوب أستخدم الكاميرا لتصوير أم زهير وهي تنفخ أرجيلتها على الشرفة (مع كم صورة إلها بالتفريعة الزرقا).
ما إن أخبرت زهير بمضمون ما وصلني، حتّى صرخ بي: “ولي على قامتك يا أبيه… خرقوك”، ثم نصحني بأن أقصد فوراً النيابة العامة لأتقدّم بشكوى
أجريت سلسلة اتصالات بمعارفي من باب تسهيل مشقّة الدخول إلى قصر العدل، فأنا بحياتي كلّها لم أدخل مخفراً، فكيف بمحكمة؟ كما أجريت اتصالاتي مع أهل الخير للتوسط لي لدى مكتب جرائم المعلوماتية حتى “ما يجرجروني بالحديث” أيضاً.
انطلقت إلى العدلية التي مكثت فيها قرابة ربع ساعة فقط، بفضل وساطات أهل النشامة مشكورين. قال لي رئيس القلم في المحكمة إنّ شكواي باتت جاهزة لآخذها باليد إلى “المعلوماتية” وما عليّ إلاّ أن أرفق المعاملة بطابعين من فئة الألف ليرة لصقاً، وعليّ ألاّ أماطل.
إقرأ أيضاً: … إنما للصبر “الاستراتيجي” حدود!
جلت قصر العدل كاملاً في الداخل والخارج، وبحثت في محيطه لدى المكتبات ومكاتب السمسرة وبيع الطوابع ولم أجد طابعاً واحداً من هذه الفئة، قيل لي إنّ أحدهم على علاقة جيدة مع أغلب المحامين والموظفين يجول في بهو القصر ويبيع الطوابع الألف بـ 1500، فبحثت عنه ولم أجده، ثم قيل لي إنّه غادر العدلية لأنّ “الله جبر وطلّع اليومية”.
يا جماعة الخير، يا أهل الله. أنا أطلب من كلّ من يقرأ هذا المقال أن يتوسّط لي عند أولاد الحلال، أريد “طابعين ألف” من مال المالية يا محسنين. عَرضُنا بالدقّ والفضيحة على الأبواب… ربع ساعة في المحكمة وساعتان أبحث عن طابع، ولم أجده.
يا دلّي عليكِ يا أم زهير على هالآخرة… طابعين ألف رح يفضحوكِ!؟
*هذا المقال من نسج خيال الكاتب