الكورونا يخفّض أسعار النفط

مدة القراءة 3 د

 

ما هو مصير حرب أسعار النفط بعد انتشار فيروس كورونا وانكماش الاقتصاد العالمي؟ هل تنفع وساطة أميركية بين روسيا والسعودية لوقف تلك الحرب؟ أم أنه على الجميع الآن انتظار كورونا؟

جاء الشتاء هذه السنة أقل قساوة، فرح الأوروبيون بالشمس، واستعملوا التدفئة في المنازل والمكاتب أقل من السابق، وراح منتجو النفط يراقبون الطلب وهو ينخفض. قرر أعضاء “أوبك” وروسيا الاجتماع في أوائل شهر آذار لتقييم الشتاء الدافئ. وقبل أن يتمكّن المنتجون من وضع خطة لإعادة التوازن في الأسواق، ضرب فيروس كورونا الصين. أُقفلت المدن وانخفض الطلب على النفط مجددًاً. كان المجتمعون يأملون بالوصول إلى حل يرضي الجميع، ولكن رفضت روسيا التوجه إلى المزيد من خفض الإنتاج، كما كانت تريد السعودية وحصل ما حصل. وأعلنت السعودية حرب الأسعار على الجميع، وقررت رفع الإنتاج إلى أكثر من 12 مليون برميل في اليوم، وهذا ما أدى إلى المزيد من الانهيار في أسعار النفط، ويتوقع البعض أن يصل سعر البرميل برنت إلى 10 دولارات أميركية للبرميل.

إقرأ أيضاً: الصراع على أبّوة النفط والغاز في لبنان

وما يزيد الطين بلة أنه كل يوم تعلن دولة ما أو مدينة ما عن الإقفال والحجر ومنع التجوّل ومنع السفر. وكل هذا يعني أن لا رحلات جوية، لا انتقال ولا استعمال للسيارات ولا لوسائل مواصلات أخرى، ما يعني أيضاً أن الصناعات ستتراجع، فلا نقل للبضائع جوًّا ولا برًّا ولا بحرًا. وهذا كله يعني أن لا طلب على النفط، وهناك إذاً انخفاض كبير في الطلب مع زيادة في العرض. وهذا ما يزيد انهيار الأسعار بسرعة مخيفة.

 

روسيا انطلقت من مبدأ أنّه طالما لا نعرف نتائج فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي، فلا ينفع خفض الإنتاج، وقد تكون على حقّ

سمعنا البارحة أن الهيئة الناظمة للقطاع في الولايات المتحدة وفي تكساس خاصة، تدرس إمكانية الطلب من المنتجين الأميركيين خفض الإنتاج للحدّ من تدهور أسعار النفط. وهذه خطوة لم تحصل منذ عقود في هذا البلد الذي يكره الاحتكارات والتدخلات لضبط الأسواق. لكن الوضع الجديد يتطلب إجراءات سريعة. وقرأنا أيضًا أن “اوبك” دعت أحد أعضاء “هيئة سكك حديد تكساس” (الهيئة الناظمة للقطاع في تكساس) إلى اجتماع “أوبك “في حزيران المقبل. ويبدو أن الرئيس الاميركي مستعد لإرسال موفد للسعودية للوصول إلى اتفاق يضم الروس للحدّ من حرب الأسعار والأسواق. وكان الجميع يتوقع أن يلعب الأميركي دور الوسيط بين السعودية وروسيا للوصول إلى اتفاق جديد يرضي الجميع إلى حدٍّ ما دون إحراج أي طرف من الأطراف المعروفة بقوتها ورفضها للخضوع أو التنازل بسرعة. وأصبح معلومًا أنّ الهدف من أي اتفاق جديد هو الوصول إلى سعر ما بين 50 و60 دولاراً للبرميل.

لكن السؤال الكبير هو: هل الحدّ من الإنتاج سيؤدي إلى ارتفاع في الأسعار إذا لم يتحسّن الطلب على النفط؟

روسيا انطلقت من مبدأ أنّه طالما لا نعرف نتائج فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي، فلا ينفع خفض الإنتاج، وقد تكون على حقّ. المشكلة الكبرى اليوم هي في فيروس كورونا، وفي الإقفال التام للبلدان والمدن الكبيرة المستهلكة، ويبدو أنّ الفيروس باقٍ إلى ما بعد فصل الصيف كما يحذّر البعض. فهل سيتعايش العالم بسعر منخفض للنفط حتّى الخروج من كارثة الفيروس وإعادة الحياة إلى المدن في العالم، وإعادة الدورة الاقتصادية الطبيعية؟

قد يكون هذا الواقع الجديد لما تبقّى من هذه السنة وحتّى منتصف السنة المقبلة. اليوم مصير أسعار النفط بيد أربع أطراف: السعودية، روسيا، الولايات المتحدة الأميركية، والمرجّح الرابع الأكبر هو فيروس كورونا.

 

مواضيع ذات صلة

هذه هي الإصلاحات المطلوبة في القطاع المصرفيّ (2/2)

مع تعمّق الأزمة اللبنانية، يصبح من الضروري تحليل أوجه القصور في أداء المؤسّسات المصرفية والمالية، وطرح إصلاحات جذرية من شأنها استعادة الثقة المفقودة بين المصارف…

لا نهوض للاقتصاد… قبل إصلاح القطاع المصرفيّ (1/2)

لبنان، الذي كان يوماً يُعرف بأنّه “سويسرا الشرق” بفضل قطاعه المصرفي المتين واقتصاده الديناميكي، يعيش اليوم واحدة من أخطر الأزمات النقدية والاقتصادية في تاريخه. هذه…

مجموعة الـ20: قيود تمنع مواءمة المصالح

اختتمت أعمال قمّة مجموعة العشرين التي عقدت في ريو دي جانيرو يومي 18 و19 تشرين الثاني 2024، فيما يشهد العالم استقطاباً سياسياً متزايداً وعدم استقرار…

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…