وصلت الحفارة “تونغستان إكسبلورير” إلى البلوك 4 قبالة منطقة الصفرا لتبدأ اعمال الحفر والبحث عن النفط والغاز لمدة 60 يوماً وبعدها بأشهر قليلة تعلن النتائج لنعرف إذا كنّا سندخل نادي الدول المنتجة للبترول.
وصلت الحفارة في أسوأ توقيت، حيث البلد منقسم واللبنانيون مختلفون على النظام السياسي والاقتصادي في البلد، ويتصارعون مع البنوك لسحب ودائعهم ورواتبهم.
كان من المفروض أن يكون وصول الحفارة حدثاً وطنياً يفرح به جميع المواطنين، لكن فشلت “تونغستان” في توحيد اللبنانيين. اعتبر قسم من المواطنين أنّهم غير معنيين لأنّهم متأكدون من أنّ السلطة تقاسمت الحصص حتّى قبل اكتشاف ما يمكن تحاصصه، وقسم اعتبر أنّ هذه ما هي إلا بروباغندا سياسية من “التيار الوطني الحر” وبقيت قلّة قليلة من المواطنين أفرحه بهذه المحطة المهمة التي قد تساعد لبنان في بناء اقتصاد جديد.
إقرأ أيضاً: دبلوماسية الغاز عن طريق قبرص
واللافت في موضوع النفط والغاز هو الصراع بين “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر” حول أبّوة القطاع. ففي 14 شباط خلال إحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، تم عرض وثائقي يؤكد أنّ حلم النفط والغاز بدأ بالرئيس الشهيد، وأنّ النكايات السياسية، وخصوصًا من الاحتلال السوري، وضعت الملف على الرّف. وفي 26 شباط، أعلن الرئيس ميشال عون أنّه وتياره، وعلى رأسه الوزير جبران باسيل، حلم وحقق الحلم وأدخل لبنان إلى نادي النفط.
كان الأجدى أن نضع الخلاف جانبًا ونعلن التيارين الأب والأم، وليكن القطاع مباركًا ويأتي بخيراته لندخل بالفعل نادي الدول المنتجة للنفط والغاز، ونقوم بإدارة القطاع بشفافية وفعالية ليستفيد كل اللبنانيين واللبنانيات من فوائد القطاع.
نعم بدأت أولى خطوات التفكير في تطوير قطاع النفط والغاز في البحر اللبناني في سنة 1993، وعمل على مسح جيولوجي في مياه الشمال، وبعد تعطيل لمدّة طويلة، أعيد احياء الملف في 2007 مع بدء ترسيم الحدود البحرية مع قبرص ووضع ورقة السياسات النفطية من قبل حكومة الرئيس السنيورة. وتسارعت الوتيرة مع وضع قانون الموارد البترولية في المياه البحرية في 2010 وتعيين هيئة إدارة قطاع البترول في 2012، ووضع المراسيم والقوانين اللازمة وفتح وإغلاق جولة التراخيص الأولى ومنح رخصتين لائتلاف شركات توتال وايني ونوفاتيك، حتّى وصول الحفارة.
لعب الوزير جبران باسيل دوراً أساسيًا في تطوير البنى التشريعية والإدارية حينما كان وزيرًا للطاقة. لكنّ الأهم في الموضوع أنّه منذ تسلم الوزير باسيل وزارة الطاقة حرص “التيار الوطني الحر” على ربط اسمه بنجاح قطاع النفط والغاز.
تمسّك التيار بوزارة الطاقة لم يكن من أجل الكهرباء كما قد يعتقد البعض والدليل عدم تنفيذ أي من الوعود بالكهرباء للمواطنين حتى اليوم
يعتبر “التيار الوطني الحر” أنّ هذا القطاع هو قاعدة إرثه السياسي وهدفه الذي يؤرّقه أن يُذكر في تاريخ لبنان الحديث أنّ الحزب الذي أدخل لبنان إلى نادي الدول المنتجة للنفط هو التيار الذي غيّر الوجه الاقتصادي للبنان. ونذكر كيف أنّ وزيرالطاقة الأسبق سيزار أبو خليل زار الرئيس عون في بعبدا وسلّمه القلم الذي وقع به أولى عقود النفط في 2018. وكان قد وضع القلم في علبة كُتب عليها أنّه “في عهد الرئيس عون وقّعت أولى العقود”. ونرى اليوم تأكيد “الوطني الحر” من خلال بعض الأفلام الترويجية على الدور الذي لعبه وزراء التيار في دفع القطاع إلى ما هو عليه اليوم وحتّى كلام رئيس الجمهورية من قصر بعبدا الأربعاء الماضي أتى ليؤكّد على هذا الأمر.
تمسّك التيار بوزارة الطاقة لم يكن من أجل الكهرباء كما قد يعتقد البعض والدليل عدم تنفيذ أي من الوعود بالكهرباء للمواطنين حتى اليوم، بل من أجل ترسيخ دور التيار في تاريخ لبنان وليذكر التاريخ من كان أول تيار وأول رئيس نفذّ دخول لبنان إلى نادي دول النفط والغاز… واليوم لم يبقَ بين التيار وكتابة التاريخ إلا أن تكتشف الحفّارة كميات تجارية وهو ما قد لا يحدث في المرحلة الأولى على الأقل.