الكورونا جائحة وليست جيشاً للمؤمنين

مدة القراءة 3 د


هي جائحة وليست بجيش المؤمنين، تنال من المؤمن كما الملحد ومن الغني والفقير. لا تميّز بين رئة وأخرى. فهدفها رئة البشرية، كلّ البشرية بيضاً وسوداً، عرباً وعجماً، موحّدة الجميع خلف أوجاعها التي لا تطاق. ويروي عنها المصابون حكايا، أكثر من حكايا ألف ليلة وليلة، ولعلها أطول من سور الصين.

هي جائحة، وليست جيشاً مرسلاً من ربّ العالمين. لا تشفيها رقية شيخ أو قسيس. ففي إيطاليا، قتلت الكورونا إمام أكبر المساجد، وكبير القسيسين. وحدها الوقاية، بعد لطف ربّ العالمين، تواجهها وتجنّبنا مصائبها وويلاتها.

إقرأ أيضاً: كورونا تطفئ آخر اللذات “الخطيرة والمميتة”

ليس لأنّ الآذان رُفع في أوروبا، كانت الكورونا حليفة المسلمين. ولا لأنّها أعادت الأوروبيين إلى الكنيسة، باتت قدّيسة من القديسين. فلا ذاك حليفها، ولا هذه قدّيسها، الكلّ ضحاياها من الرئيس حتى آخر المرؤوسين.

هي جائحة وليست بشارة أو إنذاراً، يا معشر المؤمنين مسيحيين ومسلمين. مواجهتها بالوعي والإيمان، وليس بالعودة إلى طقوس الوثنيين. حيث يشيرون إلى كل ظاهرة أو فاجعة أو بلاء على أنّه عقاب من الآلهة، وسخط منها، وما هي إلاّ أوثان كان العرب يصنعونها من تمر، ويأكلونها عندما تصرخ أطفالهم على صوتها قائلة “جائعين”.

الجائحة تحتاج للقاح ودواء يصنعها طبيب وعالِم ربما لا يؤمن كما تؤمن أنت أو ربما يكفر بما تؤمن أنت، لكنك ستؤمن باللقاح الذي صُنع، مرغماً ستتناوله ثم ستشكره على صنيعه، فتلك أخلاق الخيّرين.

إنّها جائحة وليست جيشاً للمؤمنين، المؤمنون هم من صدقوا مع أنفسهم ومع غيرهم وسعوا بكلّ جهدهم لطلب العلم واحترام الإنسان فينا

هو العلم بفضل الله، من سينجينا. ألم يقل الحديث الكريم “اطلبوا العلم ولو في الصين”. ألم تكن أول كلمة بالقرآن “إقرأ”. أليست دلالة على أهمية العلم والعلماء وسخافة التطيّر خلف الأكاذيب. ألم يكن عيسى كلمة الله إلى مريم، ورسولاً من المرسلين.

غريب أمر البعض، عندما يُسخّر وسائل التواصل الاجتماعي، وعلم الإنترنت وأحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا، ليعيدنا إلى عصر الجاهلية والجاهلين. يُسقط صوت الآذان على شارع في أوروبا كي يصرخ “الله أكبر يا مؤمنين” أو ينزل بتقنيات الفوتوشوب طائراً ضخماً على صليب كنيسة طالباً من قومه السجود رهبة وتوبة وندامة لعلّ ذلك يكون الترياق من الفيروس الخطير. الأول كاذب مخادع والثاني يشابهه مماثلاً صفات الكارهين لكن من يستمع لهم ويصدّقهم غبي كبير.

إنّها جائحة وليست جيشاً للمؤمنين، المؤمنون هم من صدقوا مع أنفسهم ومع غيرهم وسعوا بكلّ جهدهم لطلب العلم واحترام الإنسان فينا والإيمان بالله الذي وصفه أحد الأنبياء فقال: “الله جميل يحب الجمال”، فاتعظوا يا مؤمنين.

مواضيع ذات صلة

الصراع على سوريا -2

ليست عابرة اجتماعات لجنة الاتّصال الوزارية العربية التي عقدت في مدينة العقبة الأردنية في 14 كانون الأوّل بشأن التطوّرات في سوريا، بعد سقوط نظام بشار…

جنبلاط والشّرع: رفيقا سلاح… منذ 100 عام

دمشق في 26 كانون الثاني 2005، كنت مراسلاً لجريدة “البلد” اللبنانية أغطّي حواراً بين وليد جنبلاط وطلّاب الجامعة اليسوعية في بيروت. كان حواراً باللغة الفرنسية،…

ترامب يحيي تاريخ السّلطنة العثمانيّة

تقوم معظم الدول التي تتأثّر مصالحها مع تغييرات السياسة الأميركية بالتعاقد مع شركات اللوبيات التي لها تأثير في واشنطن، لمعرفة نوايا وتوجّهات الإدارة الأميركية الجديدة….

الأردن: 5 أسباب للقلق “السّوريّ”

“الأردن هو التالي”، مقولة سرت في بعض الأوساط، بعد سقوط نظام بشار الأسد وانهيار الحكم البعثيّ في سوريا. فلماذا سرت هذه المقولة؟ وهل من دواعٍ…