“مناعة القطيع” لن تنفع مع الكورونا، هذا ما أكّده مدير العناية الطبية في الجامعة الأميركية، بروفيسور الأمراض الصدرية، الدكتور أحمد حصري في فيديو نشرته مستشفى الجامعة عبر حسابها الخاص على تطبيق انستغرام.
الدكتور حصري علّل نظريته، بدراسة عملية موثقة، أشارت إلى أنّ 95% من المجتمع الاسباني ما زال عرضة للإصابة بفيروس كورونا. مع العلم أنّ قرار اسبانيا السير بمناعة القطيع وفتح البلاد، نتج عنه 250 ألف إصابة و30 ألف حالة وفاة.
ليست “مناعة القطيع” وحدها التي دحضها الدكتور حصري، فحتى من تعرّض لفيروس كورونا لا يمكن التعويل على مناعته: “المناعة التي يكتسبها موسمية ومحدودة وليست دائمة”.
إقرأ أيضاً: السلطة تواجه الشارع بالكورونا: تعبئة وإجراءات أقلّ؟
مدير العناية الطبية في الجامعة الأميركية، لحظ في الفيديو المنشور، أيضاً ارتفاع الإصابات في شهر تموز، الذي تزامن مع فتح المطار، لافتاً في السياق نفسه إلى المخاطر التي ترتبت على فتح المطاعم، فناشد وزير الصحة إلغاء قرار السماح بتقديم النرجيلة نظراً لخطرها في إبقاء الفيروس بالرذاذ المحيط بالمدخن، ونصح الطبيب مرتادي المطاعم عدم الدخول إلى أيّ مطعم يقدم النرجيلة كي لا يعرضّوا أنفسهم للخطر، لاسيما وأنّ الدراسات أشارت إلى أنّ فيروس كورونا يبقى في الهواء فترة طويلة قبل أن يختفي.
غير أنّ خطر المطاعم وفق حصري، لا يتوقف على النرجيلة، وإنّما أيضاً على الازدحام، وعدم الالتزام بعدد محدود من الزبائن والتباعد الاجتماعي.
كذلك حذّر الدكتور المواطنين من التراخي وعدم ارتداء الماسك، أو استبداله بالـFace Shield، مشدداً على أنّ حماية الأخير محدودة.
كما الجامعات والمدارس لا إجراءات جديدة مشددة تتعلّق بفتح المسابح والمولات والمطاعم
نصائح الدكتور حصري على ما يبدو، لم تمر من بوابة وزارة الصحة، فبعد تسجيل 137 إصابة خلال 48 ساعة، ما زالت الإجراءات دون المتوقع. وما زال شعار “لا داعي للهلع”، هو عنوان المرحلة، إذ لا ترى مصادر وزارة الصحة في حديث لـ”أساس”، أننا وصلنا بعد لمرحلة الخطر “طالما أنّ لا وفيات تسجّل، فإنّ الأمور تحت السيطرة”، معتبرة أنّ عدد الوفيات هو المعيار الأكثر أهمية.
أما فيما يتعلق بالإجراءات، فلا جديد بحسب المصادر، وذلك بانتظار انتهاء مهلة الـ14 يوم التي وضعت لتقييم مرحلة فتح المطار.
وعند السؤال عن الجامعات والمدارس ومناعتها أمام هذا الفيروس، تقول المصادر: “الفيروس ليس مخيفاً ولا يوجد حالات وفيات”، موضحة أنّه ما من توصيات لا بخصوص إغلاق الجامعات أو المدارس، فـ”الحياة يجب أن تستمر، لا سيما وأنّ دولاً اقتصادها أفضل من اقتصاد لبنان استعادت نشاطها”.
تبرير الوزارة حول عدم اتخاذها أي إجراءات تعيده مصادرها إلى عدم تسجيل وفيات: “المصاب يتم معالجته ويستكمل حياته بشكل طبيعي”.
وكما الجامعات والمدارس لا إجراءات جديدة مشددة تتعلّق بفتح المسابح والمولات والمطاعم: “لا شيء جديد بالنسبة للقرارات المتخذة”، تؤكد المصادر.
ارتفاع الإصابات مؤخراً سببه المغتربين، ما دفع وزير الصحة حمد حسن للتلويح بعقوبات، فأشار إلى توّجه جدّي نحو فرض غرامة مالية مرتفعة وإجراءات قانونية في حق كل من يخالف قواعد الحجر المنزلي ومقتضيات التعبئة العامة.
ولكن كيف ستتخذ هذه الاجراءات؟
“يتم الادعاء على الذين لم يلتزموا”، وهذه مسؤولية محافظ جبل لبنان، أو البلدية، توضح مصادر وزارة الصحّة لـ”أساس”، وتذكّر بحالة مماثلة وقعت في عكار بعدما أدّى الاستهتار إلى انتشار الفيروس، فتمّ الادعاء.
بحسب المصادر اجتمع وزير الصحة مع المحافظين قبل فتح المطار وحمّلهم مسؤولياتهم. أما حديث الوزير عن غرامة مالية، فهو وفق المصادر، توصية، فيما القرار النهائي للقضاء والذين كان له أحكام سابقة فرض فيها غرامات على “مستهترين”.
“نحن مقبلون على مرحلة خطرة”، يحذّر الدكتور حلو، فالمستشفيات لن يكون لديها قدرة استيعابية، لاسيما في ظلّ الأوضاع الاقتصادية السيئة
موضوع المغتربين كان أيضاً محور كلام الدكتور أحمد حصري. فكانت نصيحته للوافدين بأن يحجروا أنفسهم 72 ساعة ومن بعدها يجرون فحص الـPCR مرة أخرى، كما عليهم السؤال عن إحصائيات الطائرة التي كانوا عليها، ففي حال كان عدد الحالات الإيجابية مرتفعاً، عليهم أن يكملوا الحجر لأسبوع، وإجراء الفحص مرة ثالثة.
هذه النصيحة يقدمها الدكتور في ظلّ تأكيده أنّ لا لقاح حتى اللحظة لفيروس كورونا، وأنّ أيّ لقاح متوقع يحتاج إلى عام على الأقل. إلى ذلك يرى الطبيب بصيص أمل بسبب انخفاض الوفيات واستخدام علاجات مثل Dexamethasone وRemdesivir.
من جهته يشكك الرئيس السابق للجمعية اللبنانية للأمراض الجرثومية الدكتور زاهي الحلو، يشكك في حديث لـ”أساس” بعدد الإصابات المصرّح عنه من قبل وزارة الصحة.
يضحك الدكتور حلو عند سؤاله عن الموجة الثانية من الكورونا: “نحن لم ننتهِ من الموجة الأولى، حتى تأتي الثانية”، معلقاً على تصرفات بعض السياسيين الذين يتجوّلون دون أقنعة أو وقاية: “هذا يمنح مؤشر للمواطن ان الأزمة انتهت. هي لم تنتهِ، ما زالت الأعداد ترتفع وليس فقط في لبنان. ففي أميركا والبرازيل، يسجّل عدد إصابات يومية أكثر من السابق والوفيات تزداد”.
“نحن مقبلون على مرحلة خطرة”، يحذّر الدكتور حلو، فالمستشفيات لن يكون لديها قدرة استيعابية، لاسيما في ظلّ الأوضاع الاقتصادية السيئة وما يتردد عن إغلاق بعض المستشفيات، متعجباً من هذا التراخي في التعامل مع الوباء: “الإصابات التي تسجّل اليوم في لبنان ارتفعت عن السابق. والحرارة لم تخفف من انتقال العدوى، نضيف إلى ذلك تخوّف منظمة الصحة العالمية بعد الحديث عن انتقال الإصابات عبر الهواء”.
ما الحل إذاً؟ يجيب الحلو: “العودة إلى نقطة الصفر بالوقاية، وضع الكمامة، تجنب التجمعات، التباعد الاجتماعي، غسل اليدين. أما في موضوع المغتربين فيجب التشدد بالحجر كي نخفف الإصابات، وكي لا نصل لحالة “حرجة””.
لبنان إذاً في وسط الموجة الاولى من الكورونا. فيما لا نعرف ما ستحمله إلينا الموجة الثانية. ومع قرار تجريب “المناعة المجتمعية”، ها نحن ننتظر مهرجاناً جديداً لوزير الصحة يرقص فيه على وقع الإصابات التي ترتفع يوماً بعد يوم.