أوقفوا هذيانكم.. الرئيس عون لن يستقيل

مدة القراءة 3 د


لا يتخيّلنّ أحد منكم أنّ رئيس جمهوريتنا سيستقيل. لن يترك الكرسي، لن يغادر القصر، فكلّ ما تكتبونه على وسائل التواصل الاجتماعي، أو عبر الأثير، لا يبدو كونه إلا أمنيات ورغبات من شعب ذاق مرّ هذا العهد، وتحمّل من الويلات الكثير.

رئيس جمهوريتنا لن يستقيل، وهل من عاداته أن يستقيل؟!.. ألا تذكرونه رئيساً للحكومة العسكرية واقفاً على شرفة قصر بعبدا صارخاً “يا شعب لبنان العظيم”. ألا تذكرون كم مرة ذهب إليه الوسطاء، وكثيرون من أصحاب الهمة والتدبير، نصحوه أن يستقيل أو أن يسلّم مقالد الأمور لغيره من الزملاء، لإدغار معلوف أو عصام أبو جمرة، إن كنتم تذكرونهما أعضاء حكومته بعدما اعتذر عن الالتحاق بها من الضباط، العديد. لقد أبى “الجنرال” أن يستجيب لأحد، وسألته الإعلامية وردة الزامل عبر الأثير في تلك الليلة: “يا جنرال، الدمار كبير” فأجابها غاضباً: “لا بقي ذاك الرأس في دمشق سنحطّمه ونحطّم معه الصغير والكبير”.

إقرأ أيضاً: تمهّل يا سعد

حتى كان 13 تشرين الأول 1990. طائرات الميغ السورية تقصف القصر، والجنود في ضهور الشوير يقاتلون، لا تصلهم الأخبار، ولا قرار الانسحاب أو القتال حتى استسلموا، فقُتل منهم من قُتل وأُسر منهم من أُسر، فكانت لحظة ألم، كأنهم يُرمون بوادٍ سحيق. أما الجنرال فذهب على عجلٍ إلى السفارة الفرنسية بمصفحة عسكرية، وقال للعائلة: “انتظروني، فإني عائد بعد قليل”. طال غياب الجنرال ولم يعد، لكن صوته صدح عبر الإذاعات يدعو الجنود إلى الالتحاق بزميله القائد الآخر على الضفة المقابلة، إميل لحود، وبقي هو في السفارة دون حقيبة، ودون ثياب المعركة، ودون العائلة والرفاق أو المرافقين. هو حينها لم يستقل، بل انهزم فانسحب، فاستسلم، فنُفي إلى “Paris”، وقوس النصر فيها، وبرج إيفل والشانزليزيه ومقاهيه حيث يحلو الحديث.

صدّقوني، وأنا أصدّقكم القول إنّ الرئيس لن يبارح القصر. فقط مستعد لتبادل المكتب وغرفة النوم في القصر مع صهره وابنته شانتال بحيث ينتقل باسيل إلى غرفة نوم الرئيس فيما ينتقل الرئيس إلى غرفة نوم ضيف الرئيس، وهذا ما لن يحدث

كيف تنتظرون منه اليوم أن يستقيل من الرئاسة، وأن يخرج من قصر بعبدا، فلا طائرات حربية في السماء ولا مدافع تدكّ هذا المقرّ الحصين. فحرد سعد الحريري عنده أصغر من رصاصة مسدس صغير، وغضب الرئيس بري لا يشابه مدفع الـ155. أما صمت نصر الله فمقدور عليه، فالسيّد يسلّفنا ونسلّفه دون ضمانات ديون ولا مستندات ولا بطيخ…”.

أوقفوا هذيانكم، قصر بعبدا لن يغادره الرئيس. ألم تسمعوه عندما قال منذ أيام سأسلّم هذه البلاد لرئيس من بعدي على أفضل صورة وأحسن مما استلمت في ذاك اليوم الحزين.

يا معشر القوم، أنصتوا جيداً واسمعوا كلام هذا العبد الفقير. الرئيس لن يبارح القصر إلا في حالة واحدة لا بديل عنها، وهي أن تقرّوا جميعاً، وأن تبصموا بالعشرة أو بالعشرين، أن جبران باسيل رئيساً للجمهورية، وأن تنتخبوه دون جدال أو نقاش أو حتى صفير وممنوع الزمير.

صدّقوني، وأنا أصدّقكم القول إنّ الرئيس لن يبارح القصر. فقط مستعد لتبادل المكتب وغرفة النوم في القصر مع صهره وابنته شانتال بحيث ينتقل باسيل إلى غرفة نوم الرئيس فيما ينتقل الرئيس إلى غرفة نوم ضيف الرئيس، وهذا ما لن يحدث…

مواضيع ذات صلة

انتخابات أميركا: بين السّيّئ.. والأسوأ

واشنطن   أصعب، وأسوأ، وأسخن انتخابات رئاسية في العصر الحديث هي التي سوف تحدّد من هو الرئيس رقم 47 للولايات المتحدة الأميركية. في الوقت ذاته…

قراءة سياسيّة في أزمة النّزوح… التي ستطول

حرب عامي 2023 و2024 لا تشبه حرب عام 2006 في العديد من الأمور، ومنها الحكومة القائمة وقتها، والحماسة العربية والدولية للبنان، والحجم الأقلّ للحرب وخسائرها….

رعب أوروبا من تقاطع ترامب وبوتين فوق سمائها

قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع، لا تخفي عواصم في أوروبا قلقها من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ولا يقوم ذلك القلق على شكّ…

“الميدان” الذي ننتظر “كلمته” يتمدّد من الخيام إلى إيران

“الكلمة للميدان” هي اللازمة التي تردّدها قيادة الحزب في تعليقها على جهود وقف النار في لبنان وشروط إسرائيل. بين ما يرمي إليه استخدام هذه العبارة…