باسيل يلوّح بملفّات تطال قائد الجيش و”مكتب” القائد لا يردّ!

مدة القراءة 7 د

جدّد النائب جبران باسيل في مقابلة تلفزيونية مساء الإثنين هجومه على قائد الجيش العماد جوزف عون ملوّحاً للمرّة الأولى في سياق مضبطة الاتّهامات ضدّ جنرال اليرزة بأنّ “هناك أموراً كثيرة ظهرت (في المؤسّسة العسكرية في موضوع الفساد) وهناك أمور ستظهر أكثر، لكن لست أنا من أدين”، مشيراً إلى أنّ “ما يحصل في الجيش من عدم احترام قوانين المحاسبة العمومية والدفاع الوطني غير مسبوق في تاريخ المؤسّسة العسكرية، والمحرّك الوحيد لذلك هو الطموح الرئاسي”.

هذا وكرّر باسيل تأكيده “عدم مطابقة مواصفات العماد عون للمشروع الإصلاحي ومتطلّبات المرحلة”، موضحاً: “قلت ما قلته في شأن أداء قائد الجيش، وطلع جاوبني إنو عم بِخالِف القوانين حتّى “يطَعمي” العسكر، بوقت بيقدر “يطَعمي” العسكر من دون ما يخالف القانون. وهذا يعني أنّه اعترف بما قلته”.

بِحكم التجربة، وفق باسيل، “يللي انعمل معنا من شخص نحن عيّناه، وحده كاف للتأكّد من عدم احترامه والتزامه أيّ ضمانات ممكن أن يقدّمها”، متسائلاً “كيف يمكن أن يبدأ “عهده” بكسر الدستور (تعديل الدستور لأجل انتخابه) هيدا الواحد بيتأمّل إصلاح منّو؟”.

الهاجس الأكبر والفعليّ لدى باسيل هو أن تؤدّي مشاركته في مشروع تطويق فرنجية بـ “استخدام” ترشيح جهاد أزعور إلى نتائج عكسية تجعل من جوزف عون مرشّحاً بحكم “أمر” الأزمة الرئاسية وبقوّة دفع خارجية

إلى ذلك جزم باسيل أن ليس “نحن فقط من نرفض قائد الجيش. هناك (قوى) أكثر منّا بكثير. وهذا ما لا يسمح له بتجميع 86 صوتاً من أجل تعديل الدستور، كما أنّ حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع تعديل الدستور”.

كباش مباشر

في الوقائع، تضيق أكثر فأكثر المسافة الفاصلة في الكباش المباشر بين باسيل وقائد الجيش. الأوّل قادر، بحرّية سياسية مطلقة، توجيه سهامه مباشرة باتّجاه “مكتب القائد”، والثاني تحكمه اعتبارات البزّة العسكرية والموقع. لكنّ لغة الصمت التي تلازم قائد الجيش لا تمنعه من إيصال الرسائل من خلف المنابر، خلال حديثه أمام الضبّاط والعسكر، ليردّ بطريقته على باسيل تحديداً.

غباء وقلّة وفاء

يُسجّل في هذا الإطار كلمة غير عادية ألقاها عون خلال زيارته البقاع في آذار الماضي، ومن ضمن محطّاتها فرع المخابرات في أبلح، وهو البقعة التي يُرصَد فيها “شغل أمنيّ” غير مسبوق على الأرض لجهة ملاحقة وتوقيف تجّار الممنوعات وعصابات الخطف والسرقة.

من هناك ألقى عون خطاباً ناريّاً متحدّثاً عن “بعض الموتورين والمسؤولين المَعنيّين وغير المَعنيّين الذين يستمرّون في اختلاق الشائعات وفبركة الملفّات وتشويه صورة المؤسّسة واتّهامنا بالفساد وخرق القانون”، قائلاً: “إذا كان خرق القانون يتيح لي قبول مساعدات من اللبنانيين المحبّين للمؤسّسة في الداخل والخارج، وتأمين الدواء والتغذية والتنقّلات للعسكريين، والمساعدات المدرسية لعائلاتهم، بما يسمح للجيش بالصمود وتنفيذ مهمّاته، فسأخرق القانون”.

دعم مسيحيّ لقائد الجيش

ما قيل في البقاع علناً، وفي مناطق أخرى، يشكّل نقطة في بحر مآخذ القائد على “حرب” باسيل المفتوحة ضدّه. رئيس التيّار الوطني الحرّ الذي اعترف، للمرّة الأولى قبل أيام، بتراجع شعبية التيار منذ عام 2005 من 72% إلى 25%، يتوجّس من احتمال وصول قائد الجيش إلى سدّة رئاسة الجمهورية أكثر من توجّسه من وصول سليمان فرنجية الذي تقف ضدّه كلّ القوى المسيحية اليوم، إضافة إلى نواب المعارضة المسيحيين، لأنّه توجد معادلة مسيحية مختلفة تماماً حيال قائد الجيش.

الهاجس الأكبر والفعليّ لدى باسيل هو أن تؤدّي مشاركته في مشروع تطويق فرنجية بـ “استخدام” ترشيح جهاد أزعور إلى نتائج عكسية تجعل من جوزف عون مرشّحاً بحكم “أمر” الأزمة الرئاسية وبقوّة دفع خارجية لم يحذفها من حساباته حين قال: “إذا حصل اتفاق دولي وانصاع له الناس، فأنا لن أسمح أن يكون التيار جزءاً من مشروع محكوم بالفشل”. كما أنّ باسيل، وفق المعلومات، غير مُطمئنّ بالكامل إلى موقف الرئيس نبيه برّي والحزب من تبنّي ترشيح قائد الجيش.

بدا لافتاً في سياق هجوم باسيل الأخير على العماد عون عدم رصد أيّ ردّة فعل من جانب أوساط الأخير، وعلم “أساس” بوجود تمنٍّ على القريبين من محيط عون عدم الردّ، فيما لا يعتمد مكتب القائد بالعادة سياسة الردّ ببيانات رسمية على مواقف تهاجم قائد الجيش، وتُعتمد سياسة الصمت نفسها حيال ملفّات فساد تنشرها بعض الوسائل الإعلامية.

تشير معلومات “أساس” إلى أنّ التعيينات في المجلس العسكري في قيادة الجيش ومجلس القيادة في قوى الأمن لن تُقرّ في المدى القريب، لا قبل عيد الأضحى ولا بعده

باسيل يلوّح بملفّات ضدّ “القائد”

بينما لمّح باسيل إلى أنّ “ملفّات” مرتبطة بإدارة قائد الجيش “ستظهر قريباً”، فإنّ نقمة رئيس التيّار تزداد بعدما اتّهم علناً عون قبل أشهر بأنّه “يأخذ بالقوّة صلاحيات وزير الدفاع ويتصرّف على هواه بالملايين في صندوق للأموال الخاصة وبممتلكات الجيش”.

في هذا السياق، يظهر بوضوح تجدّد الخلاف بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش على خلفيّة أسلوب الأخير في إدارة شؤون المؤسّسة. وفق مطّلعين، يَفصِل الوزير سليم موقفه بالكامل عن الصراع السياسي بين باسيل والعماد عون لأنّ سليم هو عميد سابق في الجيش وله تجربته التي تسمح له بأخذ موقف ممّا يعتبره “تجاوزاً لصلاحيات وزير الدفاع وتعتيماً على مسار صرف الأموال في المؤسّسة”.

أزمة التعيينات

في الأيام الماضية تأجّج هذا الخلاف على خلفيّة ملفّ الترقيات والتعيينات العسكرية. الترقيات التي ستُقرّ اليوم في جلسة مجلس الوزراء وتصدر مراسيمها وكالة عن رئيس الجمهورية، كما كشف “أساس” سابقاً، هي منفصلة عن ملفّ التعيينات لملء الشغور في ثلاثة مواقع في المجلس العسكري: المديرية العامّة للإدارة (موقع شيعي يشغله حالياً بالإنابة العميد منير شحادة)، المفتشية العامّة (أرثوذكسي)، ورئاسة الأركان (درزي).

يقول مصدر مطّلع لـ “أساس”: “كما أرسلت قيادة الجيش مراسيم ترقيات الضبّاط من رتبة عقيد إلى عميد مباشرة إلى الأمانة العامّة لمجلس الوزراء من دون المرور بوزير الدفاع المولج قانوناً برفع الإحالة إلى مجلس الوزراء، فإنّ أسماء الضبّاط الثلاثة المقترحة للتعيين باتت معروفة في السراي ومعمّمة بشكل غير رسمي”، لكنّ أوساط السراي تنفي علمها بذلك.

 يضيف المصدر: “يُتوقّع، أقلّه في المرحلة الحالية، عدم مبادرة الوزير سليم إلى رفع اقتراح بالأسماء الثلاثة انسجاماً مع رأيه بعدم جواز إقرار حكومة تصريف الأعمال أيّ تعيينات. فهناك نحو ستّة أشهر تفصل عن إحالة قائد الجيش إلى التقاعد، والوقت ما يزال متاحاً قبل الوصول إلى قرار قد تفرضه الظروف السياسية في حال عدم انتخاب رئيس، وهو ما يوجب عندها إجراء التعيينات حيث يتولّى رئيس الأركان صلاحيات قائد الجيش إلى حين تعيين قائد جيش جديد”.  

إقرأ أيضاً: من وليد إلى تيمور: عاش “البيك”

الخطّ الأحمر

تشير معلومات “أساس” إلى أنّ التعيينات في المجلس العسكري في قيادة الجيش ومجلس القيادة في قوى الأمن لن تُقرّ في المدى القريب، لا قبل عيد الأضحى ولا بعده، وقد تلجأ إليها الحكومة مع الاقتراب من الخطّ الأحمر في حال عدم انتخاب رئيس جمهورية. كما أنّ وزير الداخلية بسام المولوي لم يُبادِر إلى رفع اقتراحات بالأسماء لملء الشغور في مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي، خصوصاً أنّ الاختيار سيتمّ ربطاً بسلّة الترقيات التي ستُقرّ اليوم.  

حتى يحين أوان حسم التعيينات يدور نقاش خلف الكواليس حول المعايير التي ستحكم إقرار هذه التعيينات لجهة الاختصاص أو الأقدمية والتراتبية، حيث هناك عدد كبير من الأسماء المتداولة غير المحسومة بعد. فالمديرية العامّة للإدارة عادة ما تكون الكلمة الفصل فيها للثنائي الشيعي، ورئاسة الأركان لوليد جنبلاط، فيما الموقع الأرثوذكسي الشاغر (نفس طائفة وزير الدفاع) يتجاذبه أكثر من طرف مسيحي، مع العلم أنّ قائد الجيش حيّد خلال السنوات الماضية التشكيلات العسكرية والمناقلات عن “المطبخ السياسي” المعتاد.

لمتابعة الكاتب على تويتر:  MalakAkil@

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…