في تصعيد خطير، عقدت حكومة الثالوث الجديد برئاسة بنيامين نتانياهو اجتماعها الأسبوعي داخل نفقٍ أسفل حائط البراق في المسجد الأقصى في الذكرى الـ56 لاحتلال القسم الشرقي من القدس وضمّه إلى القسم الغربي المحتلّ عام 1948، أو ما يسمّى “يوم توحيد القدس”. وأصدرت قراراتٍ “تهويدية” غير مسبوقة، واتّخذت إجراءاتٍ جديدة تعزّز سياسة الاستيطان والاحتلال والتصعيد والاستفزاز.
وكان واضحاً نتانياهو في بداية جلسة الحكومة حين وضع الجلسة في إطار الردّ والاستفزاز والتحدّي، حين قال إنّ “اجتماع اليوم في الحرم القدسي هو ردّ على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي قال في الأمم المتحدة إنّه لا علاقة للشعب اليهودي بالقدس، وإنّ شرق المدينة جزء من مناطق السلطة الفلسطينية، ولذلك نُلفت انتباهه إلى أنّنا نقيم جلسة الحكومة الخاصة بنا هذا الصباح أسفل الحرم القدسي”.
وفي هذا الإطار، رصدت حكومة الثالوث الجديد ميزانيات ضخمة لتهويد القدس المحتلّة وتعزيز الاستيطان، وذلك بالتعاون مع وزارة القدس، وصادقت على تخصيص ميزانية ضخمة لتطوير مشروع ما يسمّى “الحوض المقدّس”، الذي يُعتبر أكبر عبث وتزوير للتاريخ الإسلامي العربي الفلسطيني في مدينة القدس.
يعتزم جيش الاحتلال الإسرائيلي الشروع ببناء جدار فصل في منطقة التجمّع الاستيطاني “غوش عتصيون”، الواقعة جنوب القدس المحتلّة وبيت لحم، لكنّ الأمر يلاقي معارضة كبيرة من أعضاء في الأحزاب المشاركة في حكومة بنيامين نتانياهو
يأتي مشروع “الحوض المقدّس” التهويدي ضمن خطّة خمسيّة تمتدّ من عام 2023 إلى 2027، وذلك لتطوير المشاريع الاستيطانية والتهويدية، بالتعاون مع بلدية الاحتلال في القدس.
تتضمّن مشاريع تهويد القدس تخصيص ميزانية بقيمة 95 مليون شيكل لجذب المهاجرين الجدد من الشبّان اليهود وإقناعهم بالاستقرار والسكن في القدس، وذلك عبر منحهم هبات وامتيازات خاصة. وبحسب المعطيات التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، فإنّ أكثر من 18 ألف مهاجر جديد وصلوا إلى إسرائيل واستقرّوا في القدس منذ عام 2018، علماً أنّ حوالي نصفهم تراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً.
التهويد.. والتصعيد
إلى ذلك قرّرت حكومة الاحتلال تشكيل لجنة وزارية تحمل اسم “لجنة القدس الكبرى”، وكلّفتها إعداد خطّة للأعوام الخمسة المقبلة، بهدف تعزيز مؤسّسات الاحتلال في الأحياء والقرى الفلسطينية في القدس، وفرض السيطرة على المؤسسات التربوية والتعليمية والتدريبية الفلسطينية فيها، وذلك ضمن خطّة لطمس معالم الوجود الفلسطيني في القدس.
في إطار سعي إسرائيل إلى ما يسمّى “تهويد القدس الهادئ”، صادقت “اللجنة المحلّية الإسرائيلية للتنظيم والبناء” في القدس المحتلّة على إيداع مخطّطَيْن لدى اللجنة اللوائية لإقامة 1,700 وحدة استيطانية جديدة شرق مستوطنة “رموت”، التي يبلغ عدد سكّانها اليوم حوالي 50 ألفاً.
وكشف معهد “أريج” للبحوث التطبيقية أنّ دولة الاحتلال تستهدف ما يزيد على 6,900 دونم في القدس لإطباق سيطرتها على المدينة المقدّسة. وأشار في تقرير حديث إلى أنّ تسوية الأراضي هي إحدى أهمّ الحيل الإسرائيلية لتهويد القدس.
كان القضاء الإسرائيلي أصدر إعلاناً عن بدء تسوية أراضٍ بمسمّيات وأرقام جديدة للأحواض في أحياء مختلفة من القدس الشرقية. وخلال سنوات الانتداب البريطاني على فلسطين (1920 – 1948)، دخل مرسوم تسوية الأراضي حيّز التنفيذ في عام 1928 لتأكيد حقوق ملكيّة الأرض لأصحابها. وعلى الرغم من ذلك، فشل كلّ من العثمانيين والبريطانيين في مساعيهم، إذ رفض المجتمع الزراعي للفلّاحين والذين شكّلوا غالبية مالكي الأراضي طريقة التسجيل البريطانية، التي أطاحت بالنظام التقليدي القائم على “الملكية الجماعية” للأراضي، وأيضاً بسبب الضرائب المرتفعة التي فرضها العثمانيون على الأراضي المزروعة المسجّلة.
إقرأ أيضاً: غزّة تكشف ضعف نتانياهو.. وبن غفير “يُهينُهُ”
وفي سياق متّصل، يعتزم جيش الاحتلال الإسرائيلي الشروع ببناء جدار فصل في منطقة التجمّع الاستيطاني “غوش عتصيون”، الواقعة جنوب القدس المحتلّة وبيت لحم، لكنّ الأمر يلاقي معارضة كبيرة من أعضاء في الأحزاب المشاركة في حكومة بنيامين نتانياهو.