معين المرعبي: الأسد يرسل العائدين إلى ميادين القتال في أوكرانيا

مدة القراءة 6 د

هل تسعى الدول الأوروبية إلى توطين النازحين السوريين في لبنان كما اتهمها الرئيس السابق ميشال عون في اطلالته الأخيرة من بلدة جزين الجنوبية؟ وإلى أين يذهب العائدين طوعاً إلى سوريا من النازحين؟

اسئلة أجاب عنها وزير شؤون النازحين السابق معين المرعبي كاشفاً لـ”أساس” أنّ الكثير من اللاجئين السوريين الذين عادوا بشكل طوعي إلى سوريا سابقاً، قام النظام السوري بإرسالهم إلى روسيا للقتال في أوكرانيا ضمن صفوف فاغنر وغيرها من الميليشيات التي دفعت بها روسيا إلى ميادين القتال. ويكشف عن معلومات تشير إلى أنّ بعض الطلاب السوريين في بيلاروسيا ودول أخرى مجاورة عُرضت عليهم مبالغ وصلت إلى 4 آلاف دولار من أجل القتال في أوكرانيا.

قصّة طرابلس مع الشعب السوري ليست وليدة اليوم، بل كانت الملجأ في شباط 1982 عندما هرب سكّان مدينة حماة إليها من مجزرة أتت على مدينتهم ومنازلهم ومساجدهم نفّذها في حينه الجيش السوري بقيادة رفعت الأسد

هذه المعلومات التي تعرفها دول الاتحاد الأوروبي تفسّر تصلّبها وعرقلتها لعودة اللاجئين السوريين، والمضيّ في إقرار حُزَم دعمهم في بلدان اللجوء، إذ تتخوّف من قيام رئيس النظام السوري بشار الأسد بالتخلّص من العائدين وأعبائهم من خلال إرسالهم إلى ميادين القتال في قلب القارّة العجوز، بما يهدّد الأمن القومي لدول الاتّحاد الأوروبي.

ما سبق قوله تعرفه كلّ القوى السياسية، وخاصة الحزب. وعليه، تهدف الحملة ضدّ النازحين السوريين إلى ابتزاز الدول والجهات المانحة لمدّ لبنان بالأموال، وفي الوقت عينه تشكّل ذريعة للبدء بإعادة العلاقات الحميمة مع النظام السوري، تماماً مثل الحملة التي أعقبت زلزال تركيا في شباط الماضي، والتي كان حزب الله هو المايسترو المحرّك لها. فالنظام السوري لا يُبدي اهتماماً بالعودة إلى الجامعة العربية بقدر تركيزه على إعادة العلاقات الثنائية مع الدول العربية الواحدة تلو الأخرى.

طرابلس ترفض العنصرية

مخالفة موجة العنصرية والشعبوية التي عمّت لبنان تجاه النازحين السوريين أكّدت طرابلس انسانيتها وعروبتها فكيف لمدينة تقاسم أهلها اللبنانيون وأشقّاؤهم السوريون الألم والظلم والأوجاع عبر التاريخ أن تتنكّر لهذه الشراكة الإنسانية في لحظة غلوّ وتطرّف وعنصرية.

هي مدينة طرابلس، التي تقول عنها الكتب “طرابلس الشام”، تغرّد خارج السرب الشوفينيّ العنصري رافعةً اللافتات المرحّبة باللاجئين السوريين مؤكّدة اقتسام الرغيف كما تمّ اقتسام الألم.

قصّة طرابلس مع الشعب السوري ليست وليدة اليوم، بل كانت الملجأ في شباط 1982 عندما هرب سكّان مدينة حماة إليها من مجزرة أتت على مدينتهم ومنازلهم ومساجدهم نفّذها في حينه الجيش السوري بقيادة رفعت الأسد، ثمّ تقاسمت معه الرعب والموت في البحر عندما غرق مركب الموت حاملاً فقراء من الجنسيّتين السورية واللبنانية يبحثون عن وطن بديل يوفّر لهم ما افتقدوه في كلا البلدين.

الأرقام إن حكت

لا ريب أنّ ثمّة عداء أزلي بين الدولة اللبنانية والأرقام. ذاك أنّ الأرقام هي صنو الوضوح والشفافية، في حين أنّ غيابها هو المدخل إلى الفساد والإفساد. فكما هي أعداد اللاجئين السوريين غامضة ومطّاطة، كذلك الحال بالنسبة لأمور كثيرة، مثل عدد سكّان مدينة طرابلس، وأيضاً عدد المباني الآيلة للسقوط فيها والتي أُشبعت مسحاً ودراسةً من  دون وجود رقم ثابت حتى الآن يمكن البناء عليه.

لذلك لم نتمكّن، بعد محاولات كثيرة للحصول على عدد اللاجئين الفعليّ في طرابلس، من التوصّل إلا إلى رقم تقريبي يشير إلى أنّ إجمالي اللاجئين في الشمال وعكار هو بين 250 و300 ألف لاجئ، ثلثاهم في عكار، وثلثهم الآخر يتوزّع على طرابلس بالدرجة الأولى والمنية والضنّية.

هذا الرقم الذي يؤكّده النائب السابق معين المرعبي، الذي كان أوّل وزير يتسلّم حقيبة تُعنى فقط بهذا الشأن، وذلك حينما عُيّن وزيراً لشؤون النازحين في حكومة الرئيس سعد الحريري الأولى في عهد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون (كانون الأول 2016 – كانون الثاني 2019). يعتبر المرعبي أنّ الحملة المستجدّة ضدّ اللاجئين السوريين مبالغٌ فيها كثيراً، بما في ذلك الأعداد الضخمة التي يتمّ تداولها، وأنّها اتّخذت طابعاً غير إنساني ينمّ عن عنصرية فجّة. ويتساءل في هذا الإطار: “أين كان يذهب اللبنانيون خلال كلّ الأحداث والحروب التي مرّوا بها؟ أولم يذهبوا إلى سوريا؟ ومن كان يستقبلهم هناك، نظام الأسد أم الشعب السوري؟”.

لكنّه في المقابل يشدّد على ضرورة أن “يكون الضيف حصيفاً ويلتزم أصول وآداب الضيافة، لا أن يستسهل ارتكاب الجرائم والأعمال المخالفة للقوانين”. ويلفت إلى أنّ “العمالة السورية تشكّل الأساس في القطاع الزراعي والكثير من المهن ذات الطابع اليدوي القاسي مثل التبليط والحدادة ونجارة الباطون وغيرها. ولذلك سيُحدث ترحيل السوريين مشاكل اقتصادية في هذه القطاعات نحن بغنى عنها، وأولى المناطق التي ستعاني في حال حصول ذلك هي تلك التي يخرج منها أشخاص يتحدّثون بتبجّح عن ضرورة ترحيل السوريين”.

فزّاعة التوطين

الوزير المرعبي أشار إلى اجراءات لتنظيم اللجوء أعدت في ولايته الوزارية: “قدّمت وزارتنا المعنيّة بالأمر ورقةً تتضمّن سياسة عامّة لقضية اللجوء السوري إلى اللجنة الوزارية المصغّرة التي كانت تتابع القضية، وكان فيها جبران باسيل، لكن مع الأسف الشديد لم يتمّ تطبيق حرف واحد ممّا تضمّنته الورقة”.

يشير إلى أنّه أثار هو ووزير الداخلية حينذاك نهاد المشنوق موضوع تسجيل الولادات السورية أكثر من مرّة داخل الحكومة وفي اللجان الوزارية المصغّرة، لكنّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل كان دائماً يقف بالمرصاد ويعرقل بدعم من حزب الله أيَّ عمل لتنظيم اللجوء السوري.

يضيف المرعبي في حديث لـ”أساس”: “زرت البطريرك الراعي ورئيس حزب القوات سمير جعجع وعدّة قيادات مسيحية لوضعهم في صورة خطورة عدم تسجيل الولادات لأنّ ذلك سيحوّل المواليد السوريين إلى مكتومي القيد ويحول دون عودتهم في المستقبل بسبب عدم وجود أوراق رسمية لهم، لكنّ تهويل التيار الوطني الحر واستخدامه فزّاعة توطين السوريين في لبنان كان يعرقل كلّ جهد تنظيمي”.

إقرأ أيضاً: النارحون السوريّون: قرار العودة بيد النظام

يستذكر المرعبي واحدة من جملة قصص وأحداث وقعت له أيام الوزارة فيقول: “حينما كنت في جولة على مخيّمات اللاجئين في عرسال، أتاني وفدٌ يمثّل أهالي القصير النازحين، الذين يُقدّر عددهم بنحو 200 إلى 300 ألف نسمة، وطلب منّي الحصول على ضمانات لعودة سكّان تلك المنطقة إلى منازلهم التي هُجّروا منها، أو مساعدتهم على الانتقال إلى مدينة جرابلس قرب الحدود التركيّة – السوريّة. نقلت الموضوع إلى مجلس الوزراء من دون فائدة تُذكر. لذلك على السلطة في لبنان والقوى السياسية أن تطالب حزب الله بالانسحاب من المناطق التي يحتلّها في سوريا قبل أيّ شيء آخر، وهذا كفيل بعودة الكثير من السوريين طوعاً”.

مواضيع ذات صلة

شينكر لـ”أساس”: تطبيق 1701… أو تحوُّل لبنان إلى “سوريا 2”

ماذا يقول المساعد السّابق لوزير الخارجيّة الأميركيّ لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر عن سير الأحداث في المنطقة؟ هل باتت الحرب في لبنان قريبة من الانتهاء؟…

سفير مصر لـ”أساس”: الخماسيّة عائدة… التّسوية قريبة

يوم الأحد الماضي كان مفصليّاً. فقد طوى تصعيداً كاد يؤدّي إلى حرب كبرى. وأقفل معه مواجهة اعترف طرفاها الحزب وإسرائيل بانتهائها. وعليه، بدأت في المنطقة…

شينكر لـ”أساس”: لا حرب موسّعة.. حادث مجدل شمس غير مقصود

يستبعد ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق نشوب حرب واسعة بين إسرائيل والحزب على خلفيّة حادثة مجدل شمس لسببين: الأوّل أنّها…

فارس سعَيْد: فرنجية رئيساً قبل دخول ترامب البيت الأبيض؟

وقوع لبنان على لحظة سياسية مشابهة لتلك التي أوصلت الرئيس ميشال عون إلى بعبدا تزداد حظوظه السياسية، وسببه المناظرة الرئاسية الأميركية بين دونالد ترامب وجو…